الرأي

أستُر “master” الله

عمار يزلي
  • 5142
  • 7

لم تعد الأمور بخير في الجامعة ولا في غير الجامعة، وهذا الأمر كان متوقعا منذ أن بدأنا في “كوبي ـ كولي” سيستام “الآلام ده”، لم نكن محضَّرين له لا اقتصاديا ولا تنمويا ولا ثقافيا أو فكريا، لأن نظام “أل أم دي”، جاء في الغرب نتيجة حتمية وإصلاحية بسبب النمو الاقتصادي الرأسمالي وضرورة البحث عن أيادي وعقول عاملة مهيأة للمصانع والمؤسسات، بما يعني أن الجامعة تكوّن مهنيا ونظريا الطلبة ليتخرجوا وهم كلهم كفاءة للعمل.. إنما نحن، أين المؤسسات التي تستقبل الطلبة؟ أين الطلبة الذين يريدون أن يتعلموا أصلا؟ الجميع يفكر بعقلية “نبلع” وخلاص، حتى بدون حضور للمحاضرات، المهم الحرص على عدم التغيُّب المطلق في التطبيقات، أما التغيُّبات الكثيرة فتجوز وتُغمض العين عنها!

إنها مشكلة كبيرة، كنا نقول إنه سيأتي اليوم الذي سيصبح فيه حمَلة دكتوراه “ل م د” بالآلاف وكلهم يطالبون بالتدريس في الجامعة، تدريس ماذا؟ ماذا تعلَّمتَ حتى تلقِّن؟ إننا نُنتج الرداءة بشكل موسَّع، ولهذا، فالوضع في الجامعة طلبةً وأساتذة هو حقيقي ويجب البدءُ في تفكيك هذه الألغام التي قد تأتي على منظومتنا التعليمية والبحث العلمي من الأساس. هذا دون ذكر الكوارث التي تأتي قبل الباك!

وجدتُ نفسي، وعملا بسياسة “الجامعة للجميع”، أقرر رفع المستوى التعليمي والتكويني للجزائريين بأن أُدخِل الجميع إلى الجامعات انطلاقا من الجوامع.. يتم تسجيل المواطنين في الجوامع المعتمدة رسميا ولها عقود مع الجامعات مثل التسجيل للحج إلكترونيا ويدخل الجميع إلى المدرجات الجامعية من البيت بدون الذهاب إلى الجامعة، كل مواطن يدرُس، حتى من لم يدخل المدرسة قط.. ولا فأر! يُقبَل في السنة الأولى بعد اجتياز شهادة الباك بتخصصات محددة حسب نوع عمل المرشح: عجوز عاطلة “ما نجمتش تخدم”: بكالوريا مناجمنت.. ماصو متقاعد: باك صيانة، عاملة نظافة: بكالوريا صحَّة إلخ.. امتحان شهادة الباك يكون بالإجابة عبر الأنترنت على أسئلة بنعم أو.. لا، مثلاً: متى وُلدت: في هذا القرن.. أم في القرن الخامس قبل الميلاد؟ في أي سنة استقلَّت الجزائر عن فرنسا؟ 1962 أم سنة واحدة بعد 1961؟ وأسئلة أخرى من هذا القبيل.

في الجامعة، وبدون أن تدخل إلى الجامعة، تسجِّل نفسك في جامعات خاصة لم يبق غيرها بعد أن أغلقت الجامعات الحكومية العمومية وفُتحت “جوامع بريفي” يكون التعليم فيها بفلوس ومن البيت عن طريق الأنترنت: أي جامعات “مفضوحة”! بعد 3 سنوات من “لتشاش” واللعب والفيديو والغناء والفن والأفلام، تحصل على شهادة ليسانس.. أو مازوت! ثم ماستر الله يستر ثم دكتوراه.. الطب يكون في 4 سنوات فقط وتحصل على لقب طبيب دكتور في الطب الحيواني العام، وبعد عام تحصل أتوماتيكيا على شهادة “DEMS” طب بشري متخصص (في العموميات)!

والآن، جاء وقت الباك للجميع ودخل الجميع إلى بيوتهم لاجتياز الباك للحصول على هذه الشهادة القيِّمة التي تسمح للجميع أن يكون جامعيا: من الجامع وإلى الجامعة.. ما تجمعش ولا جمعة.. نقضي على الأمية والجهل ونرفع المستوى إلى أعلى درجة حتى يصبح أقل واحد درجة حاصل على ماستر! وكنت أنا من وضع الأسئلة لكل التخصصات باعتبار “أمي عصامي”، أي تعلمت الجهل والأمية بدون معلم منذ كنت صبيا، الجهل من عند ربي، دورجين! لهذا اختِرتُ لكي أشرف على تطوير العلم!

عندما استيقظت ويا ليتني ما فعلت، كنت شبه عاري وأنا أهترف: استر Master.. الله!

مقالات ذات صلة