الرأي

أشهد أن الشهادات تستشهد!

عمار يزلي
  • 3345
  • 0

تعليمة الوزير الأول ـ السياسية بامتيازـ بشأن معادلة “دكتوراه الآلام هذه” مع دكتوراه كلاسيك، وتدخل التعليمات في العلم والتعليم، سابقة أخطر من سابقاتها، ليس لأن هذا يفسد الإصلاح، وإنما لأنه يصلح الإفساد، فنحن أمام شراء “سِلم الأبطال” باسم السلم الاجتماعي، من خلال دكّ العلم والمستوى التعليمي بالأرض دكا، وضرب المستوى عرض الحائط ضرباً، كيف يعقل أن نسوّي ونعادل بين غير المتعادلين؟ فالعدل بين غير المتعادلين ليس عدلا، ولا إنصافا وإنما “إنسافا” لجهود العلم والتعليم والبحث، فهو البحث عن شراء السكون الاجتماعي بالمال والشهادات، لا أقلّ ولا أكثر، وهذا عيبٌ وعار ما بعده حريق ولا نار!

نمتُ على هذا الانحطاط الذي نسعى إليه فقط من أجل الحفاظ أطول على كراسي العروش ونفخ الكروش وجمع القروش، لأجد نفسي أجدالآلام هذهيُخطط لها حتى في التعليم الثانوي والباك، لكي نجعل من الطالب والباحث فيما بعد، بطالا وباحثا عنالباطل، بطال لا يعمل، ويبحث عن المال بدون عمل، ويفضل مدّ يده ليطلب.. دون أن يتعلم أن يعمل، هذا ما نعمل من أجل الوصول إليه!

وجدت نفسي أنا من يضع البرامج وأسئلة الامتحانات فيالمظلومة التغبوية، ولهذا أنا هو من كان وراء تسريب الأسئلة أيضا في الباك ومن وراء الأخطاء المرتكبة في الأسئلة. في الحقيقة، ليست أخطاء تتطلب التصحيح، بل هيإصحاحاتتتطلب الأخطاء، أول سؤال في العربية وضعته (وأنا لا أعرف العربية أصلا)، هي قصيدة لشاعر يقولون أنه جاهلي، وأنا قلت أنه سعودي، واسمه لا أتذكره.. آه.. اسمهأمرؤ القرش، تبدأ بقفة رمضانقفة نبكي..”، قلت للطلبة في الباك: اشرح القصيدة مبيّنا أهمية رمضان في الأكل والشرب من خلال قصيدةقفة نبكيللشاعر الفلسطينيالطاهر بوجدرة“.

وفي الرياضيات، أعطيت لقسم الرضيات في الباك دائما معادلة ذات ثلاثة مجاهيل: مجهول جاهلي، جاهل مجهول، تجاهل أجهل، وتطبيق لوغاريتم الجهل على المعمد المتعامد والمتجانسألا لا يجهلنّ أحد علينا، فنجهل فوق جهل الجاهليينبحيث أنالجاهلين، أكبر أو تساوي الصفر وأنجهليساوينون“.

في العلوم، طرحت عليهم سؤالا تحليليا: ما هي المعادلة الكيمائية للجملة غير المفيدةالجهل نور؟ وما هو ضدها من حيث الأحماض الأمينية المؤينة في المحلول والموجود في المعادلة الكيميائيةوالعلم ظلام؟ أكتب المعادلة الكيميائية للجهل المركّب!

فوجئت أن معظم المتسابقين فازوا بالبكالوريا بامتياز، لأنهم أجابوا كيفما شاءوا ودفشوامثلدفيشالأسئلة.. وبامتياز، مما جعلهم مؤهلين للدخول إلى الجامعة.. بامتياز، والخروج منها بعد ثلاث سنين.. بامتياز، ونيل الماستر كلهم بامتياز، والدكتوراهالآلام ديبامتياز، والمعادلة مع أكبر الشهادات العالمية بامتياز..

 

وأفيق وأنا آكل في روحي.. بامتياز!

مقالات ذات صلة