أشهد أن الشهادات تستشهد!
تعليمة الوزير الأول ـ السياسية بامتيازـ بشأن معادلة “دكتوراه الآلام هذه” مع دكتوراه كلاسيك، وتدخل التعليمات في العلم والتعليم، سابقة أخطر من سابقاتها، ليس لأن هذا يفسد الإصلاح، وإنما لأنه يصلح الإفساد، فنحن أمام شراء “سِلم الأبطال” باسم السلم الاجتماعي، من خلال دكّ العلم والمستوى التعليمي بالأرض دكا، وضرب المستوى عرض الحائط ضرباً، كيف يعقل أن نسوّي ونعادل بين غير المتعادلين؟ فالعدل بين غير المتعادلين ليس عدلا، ولا إنصافا وإنما “إنسافا” لجهود العلم والتعليم والبحث، فهو البحث عن شراء السكون الاجتماعي بالمال والشهادات، لا أقلّ ولا أكثر، وهذا عيبٌ وعار ما بعده حريق ولا نار!
نمتُ على هذا الانحطاط الذي نسعى إليه فقط من أجل الحفاظ أطول على كراسي العروش ونفخ الكروش وجمع القروش، لأجد نفسي أجد “الآلام هذه” يُخطط لها حتى في التعليم الثانوي والباك، لكي نجعل من الطالب والباحث فيما بعد، بطالا وباحثا عن “الباطل“، بطال لا يعمل، ويبحث عن المال بدون عمل، ويفضل مدّ يده ليطلب.. دون أن يتعلم أن يعمل، هذا ما نعمل من أجل الوصول إليه!
وجدت نفسي أنا من يضع البرامج وأسئلة الامتحانات في “المظلومة التغبوية“، ولهذا أنا هو من كان وراء تسريب الأسئلة أيضا في الباك ومن وراء الأخطاء المرتكبة في الأسئلة. في الحقيقة، ليست أخطاء تتطلب التصحيح، بل هي “إصحاحات” تتطلب الأخطاء، أول سؤال في العربية وضعته (وأنا لا أعرف العربية أصلا)، هي قصيدة لشاعر يقولون أنه جاهلي، وأنا قلت أنه سعودي، واسمه لا أتذكره.. آه.. اسمه “أمرؤ القرش“، تبدأ بقفة رمضان “قفة نبكي..”، قلت للطلبة في الباك: اشرح القصيدة مبيّنا أهمية رمضان في الأكل والشرب من خلال قصيدة “قفة نبكي” للشاعر الفلسطيني “الطاهر بوجدرة“.
وفي الرياضيات، أعطيت لقسم الرضيات في الباك دائما معادلة ذات ثلاثة مجاهيل: مجهول جاهلي، جاهل مجهول، تجاهل أجهل، وتطبيق لوغاريتم الجهل على المعمد المتعامد والمتجانس “ألا لا يجهلنّ أحد علينا، فنجهل فوق جهل الجاهليين” بحيث أن “الجاهلين“، أكبر أو تساوي الصفر وأن “جهل” يساوي “نون“.
في العلوم، طرحت عليهم سؤالا تحليليا: ما هي المعادلة الكيمائية للجملة غير المفيدة “الجهل نور“؟ وما هو ضدها من حيث الأحماض الأمينية المؤينة في المحلول والموجود في المعادلة الكيميائية “والعلم ظلام“؟ أكتب المعادلة الكيميائية للجهل المركّب!
فوجئت أن معظم المتسابقين فازوا بالبكالوريا بامتياز، لأنهم أجابوا كيفما شاءوا و“دفشوا” مثل “دفيش” الأسئلة.. وبامتياز، مما جعلهم مؤهلين للدخول إلى الجامعة.. بامتياز، والخروج منها بعد ثلاث سنين.. بامتياز، ونيل الماستر كلهم بامتياز، والدكتوراه “الآلام دي” بامتياز، والمعادلة مع أكبر الشهادات العالمية بامتياز..
وأفيق وأنا آكل في روحي.. بامتياز!