أفيقوا.. أيها الثوّار!
بعض الناس (شعوبا ومثقفين وسياسيين) لا يعجبهم انتقاد ثوّار المجلس الانتقالي الليبي، ويظنون أن كل من ينتقد هؤلاء هو في صف القذافي وكتائبه الوحشية، وبعض الناس أيضا يستغل هذه الانتقادات الموضوعية، لينسف الثورة الليبية في وجه القذافي، وينسف معها تضحيات عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين الذين سقطوا فداء للحريّة، في هذا البلد المنكوب بعائلة المجانين..
- والحقيقة أننا ننتقد الثوّار حرصا على ثورتهم، لأننا نخشى أن يحكم ليبيا بعد القذافي أناس لا يعطون لحسن الجوار قيمة، ولا يعترفون بقرابة الدم والتاريخ واللغة، التي تربط الليبيين بالجزائريين، خاصة وأن جماعة مصطفى عبد الجليل والجنرال عبد الفتاح يونس يفتحون النار على الجزائر في كل تحركاتهم، وهم عاجزون حتى على تقديم دليل واحد يجعلنا نصدق ما يدّعون.
- وهذان الشخصان يلومان الجزائر أنها ليست مع طرف ضد الآخر، بينما كانا إلى جانب القذافي 24سنة، قبل أن تأتيهم صحوة الضمير هذه!
- والأفضل للثوار أن يصغوا إلى من ينتقدهم ويبصرهم بأخطائهم الاستراتيجية القاتلة، قبل الإصغاء إلى من يدججهم بالأسلحة ويحرضهم على تقسيم ليبيا (..)
- وبالعودة إلى القذافي، لا نجد العبارات التي يمكن أن تشفي غليلنا في هذا المجرم السفاح، الذي يقتل الأطفال ويغتصب النساء.. هذا المعتوه الذي لم يقل يوما ”أيها الشعب الليب العظيم” لأنه لم يكن يؤمن بهذا الشعب، وكان يرى نفسه أسمى وأرفع من شعبه..
- وتدمي القلوب صور إعدامه للطلبة في الملاعب سنوات السبعينات والثمانينات ووحدها كافية لشنقه أو نفيه، بعيدا عن هذا الشعب المسالم، هذا الرجل الذي كان يخشى الوقوف بين يدي الرئيس الراحل هواري بومدين، لكنه اليوم برحيل الجيل الذهبي من القوميين والوطنيين، استأسد على شعبه واشترى ذمّة شعوب ورؤساء آخرين، لينصب نفسه أميرا أو ملكا وهميا لا حدود لجنونه.
- يروي معاصرو الرئيس بومدين أن القذافي اقترح يوما على الجزائر اقتسام تونس والمغرب، وقال لبومدين: أنا سأزحف على تونس وأنت على المغرب، ونؤسس بعدها دولة عظمى تمتد من بنغازي إلى مراكش، فرد عليه الرئيس الراحل بجملة واحدة، جعلت القذافي يخشى بومدين ويكرهه إلى يوم وفاته؛ لقد قال له الهواري: ”إذا فكرت يوما في احتلال تونس فستجدني أنا في وجهك وليس بورڤيبة”. ورجل بهذا الجهل وهذا الطمع وهذا الخوف، لا يستحق أن يستمر يوما واحدا قائدا لليبيا، مستغلا طيبة وسلمية هذا الشعب.
- لقد حاول القذافي على مدار السنوات الماضية، العبث بالأمن القومي الجزائري، وفشل في إغراء إخواننا التوارڤ بتأسيس كيان خاص بهم، يكون تحت رعايته ولا يتكلم عن الجزائر إلا استهتارا أو استهزاء أو تحريضا، وما لم يجرؤ على فعله مع بومدين أو مع بوتفليقة، كان يفعله مع الرئيس الطيب الشاذلي بن جديد، عندما كان ينتقده ويسيء إليه على المباشر، ويتركه بالساعات ينتظر في مطار طرابلس إمعانا في الإساءة والإهانة.
- وهذه وحدها تجعل الجزائريين أكثر شعوب الأرض كرها لهذا المعتوه.. ولهذا من غير المعقول والمفهوم أن يأتينا اليوم الثوّار ليتهمونا في عقيدتنا الثورية، ونحن من صدّر هذه الثورة إلى العالم الثالث..
- على الثورة الليبية، أن تنظف نفسها، ليس فقط من الأشخاص المدسوسين وغير المخلصين، بل من الأفكار الخبيثة والمواقف الغبية، لأنه لا يسرنا كجزائريين أن يخرج القذافي مدحورا لتُسلّم ليبيا طبقا شهيا لفرنسا وأمريكا، والقذافي على جرائمه عندنا، أفضل من بيع بلد المختار لشذّاذ الآفاق والمتعطشين للنفط، خاصة ونحن نرى للأسف مجلسا انتقاليا غير واع بهذه التحديات، مجلس من السهل جدا أن تبتلعه طاحونة التحالف الدولي، الذي يقصف ليبيا منذ أسابيع دون أن يحمي المدنيين أو يحسم المعركة العسكرية، وكأني بهم ينشدون أهدافا أخرى لا قبل للثوار بها..
- فليبيا عندنا أكبر من القذافي ومن الثوّار، إذا كان البديل عن الوضع القائم احتلالا وإرهابا وفوضى سلاح.