-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أقوالنا.. أفعال..

عمار يزلي
  • 767
  • 0
أقوالنا.. أفعال..

منذ نحو أربع سنوات، ما فتئ رئيس الجمهورية يرافع من أجل ثلاث قضايا دولية، يعمل اليوم قولا وعملا على تحقيق هذه الغايات. أول هذه الغايات: دعم القضايا التحررية في العالم وعلى رأس هذه القضايا، القضية الأم، القضية الفلسطينية، بما يفضي إلى دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس، ودعم قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن فيما يتعلق بتصفية الاستعمار بالصحراء الغربية، وكلاهما يمثل آخر البؤر الاستعمارية التي لا تزال تناضل وتتعرض للعسف والاضطهاد والظلم التاريخي منذ عقود.

ثاني مبتغى وهدف، هو دعم إفريقيا، قارةً وإتحادا ودولا، من أجل تعزيز مكانتها ودورها على الصعيد المحلي الاقتصادي والتنموي، وعلى الصعيد الدولي بما يمكنها من استعادة مكانتها ودورها التحرري والاقتصادي باعتبارها مخزونا لا ينضب من الثروات الباطنية والسطحية والطبيعية التي حبيت بها القارة، والتي للأسف لا تزال في كثير من الحالات معرضة للنهب من دول الاستعمار التاريخي ومعرضة في استقرارها السياسي والاقتصادي بفعل التدخلات الأجنبية لإطالة وجودها ونفوذها هناك.

الهدف الثالث، هو إدماج الجزائر في محيطها الإفريقي والعربي اقتصاديا وأمنيا والتطلع نحو شراكات إستراتيجية مع كبريات الاقتصاديات العالمية، بعيدا عن ضغوط السوق الواحدة المحتكرة للاقتصاد والتجارة العالمية، وذلك تحقيقا للسيادة السياسية والاقتصادية للجزائر.

هذا الهدف الأخير، كان سيكون استجابة لعمل داخلي كبير متعدد الأوجه، بما يشبه ثورة في كل القطاعات الاقتصادية التي سبقتها تغييرات وإصلاحات سياسية وقانونية لتثبيت قواعد التغيير والإصلاح الشامل، بما يتماشى وطموحات الجزائر لكسب رهان الريادة الاقتصادية والسياسية محليا وقاريا ودوليا، وقد بدأت ثمار هذه الخطط تعطي أولى بواكرها.

يتضح الآن ذلك جليا عبر عودة الجزائر القوية إلى المحافل الدولية بما فيها أروقة الأمم المتحدة، من خلال حضور رئيس الجمهورية للدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة بعد غياب الجزائر عن هذا المنبر عدة عقود، وانتخاب الجزائر عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي، وخطاب رئيس الجمهورية الذي أعاد للأذهان خطاب الرئيس الراحل هواري بومدين من على هذا المنبر سنة 1974، والذي طالب فيه بنظام اقتصادي دولي جديد، ورافع فيه عن القضية الفلسطينية كجزء من حركة التحرر الدولية المناهضة للعنصرية والاستعمار.

بدا واضحا اليوم، بعد نحو 4 سنوات، ومنذ انتخابات ديسمبر 2019، أن الأقوال تثبتها الأفعال، وأن دور الجزائر، داخليا وخارجيا الذي بقي خارج السباق وخارج كل المشاهد الدولية معطلا لسنوات، لاسيما ضمن الإطار الإفريقي، قد بدأ يعود وبقوة، آخرها كان قبل يومين توقيع اتفاقيات ثنائية بين الجزائر وموريتانيا من أجل إنشاء بنك “الاتحاد الجزائري” وفي السنغال من أجل إنشاء البنك الجزائري السنغالي برأسمال قدره 100 مليون دولار. هذا الإنجاز على درب الاستثمارات الثنائية البينية بين الجزائر وكل من موريتانيا والسنغال كبداية بالتأكيد، سيسمح بتعزيز التبادل الدائم بين بلدان المنطقة جنوب غربي الجزائر، التي كانت إلى فترة قصيرة مطمعا لسوق دول الجوار التي تحولت إلى مورد لمنتجات أوربية عبر ممر “الكركرات” بين موريتانيا وأراضي الصحراء الغربية المحتلة، وهو ممر غير شرعي وغير موثوق وغير آمن، بقيت تستغله جارة الغرب الجزائري لعقود متوغلة إلى أسواق موريتانيا، ثم السنغال عبر مسار شاق وطويل وغير آمن ومكلف.

الآن، وبقرار تواجد الجزائر عمليا في المنطقة أولا، وعبر أسواقها ومعارضها الدائمة لمنتجاتها التنافسية في البلدين الإفريقيين، بات من المؤكد أن ولوج الجزائر القارة الإفريقية مساعد ومحفز وداعم للاقتصاديات المحلية والجوارية سيؤتي أكله مرتين: داخليا، وقاريا.. ثم دوليا وهذا بسرعة أكبر مما نتصور.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!