-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أبناؤنا انتقلوا من صناعتها بأنفسهم إلى استهلاك مضامين غربية وقاتلة

ألعاب الأطفال.. من الإبداع إلى العدوانية!

كريمة خلاص
  • 2519
  • 4
ألعاب الأطفال.. من الإبداع إلى العدوانية!
ح.م

يعتبر علماء الاجتماع وعلماء النفس أن اللعب أداة بيداغوجية تعليمية وتربوية وأنّها حاجة للنفس البشرية، وحاجة للطفل بشكل خاص، كحاجته للماء والهواء والتعليم، غير أن ما يلاحظه الجميع على الألعاب هو تغيّر مضامينها بين جيل الأمس وجيل اليوم، فاللعبة قديما كانت تميزها البساطة والتلقائية والتفاعلية مع الأقران وكانت مستمدة مما تجود به البيئة المحلية، وهي من صنع الأطفال أنفسهم وتكون في الغالب بمستلزمات بسيطة يبدعون فيها، أمّا اليوم، فقد تغيَّر الحال بدرجة لافتة وباتت اللعبة جاهزة ومستوردة يستهلكها الطفل وحيدا منعزلا وفق مضامين غربية تحفز العنف والقتل.

كان الأطفال سابقا يصنعون لعبهم بأيديهم فالإناث كن يتميزن في صناعة دمى جميلة ببقايا القماش والقش والصوف والتشارك في لعبة الغميضة والقفز على الحبل و”دويرة” أو “البويتة” و”لامارين”، أمّا الذكور فكانوا يبهرون بعضهم بصناعة كرة القدم من بقايا الأكياس البلاستيكية وصناعة عربة صغيرة يسمّونها “الرولمة” وهي تضاهي ما يعرف حاليا بـ”السكايت بول” حيث يختارون لوحة خشبية مزوّدة بعجلات يتزحلقون عبرها وكذا “الزربوط” و”السيرسو” و”القريدة” وغيرها من الأشياء الجميلة التي كانت ترفع الضحكات والقهقهات عاليا وتخلق جوا اجتماعيا تفاعليا رائعا، أما اليوم فالأطفال باتوا رهائن لشاشات إلكترونية يلعبون في أماكنهم من خلالها مع شخصيات افتراضية تصارع وحوشا وتخوض حروبا في جو منعزل تغيب عنه الحركية وتسيطر عليه العصبية والنرفزة والقلق والتوتر، والأخطر من هذا كله هو أن لعب اليوم باتت قاتلة مثل الحوت الأزرق ولعبة مريم ومومو وغيرها كثير…

أحمد قوراية: الألعاب الجاهزة نمت الغباء والعزلة لدى الأطفال

وفي السياق يرى الدكتور أحمد قوراية مختص في علم النفس وأستاذ بجامعة الجزائر أنّ اللَّعِب ينمِّي الطفل من جميع النواحي، فهو ليس تسلية فحسب، بل هو تنميــة للطفل اجتماعياً ونفسياً وعقليا وسلوكياً ولفظياً وحركياً، كما أنه يهيِّئه للتعلُّم لاحقاً في مختلف المهارات والعلوم.

وأضاف قوراية أنّ الطفل سابقا كان يتمتع بإبداع جعله يصنع نجاحات في المدرسة وميادين أخرى كان أساسها النجاح في لعبه، أمّا اليوم فالطفل يستهلك فقط وتقدم له لعب جاهزة.

ويجد المختص أن “المقارنة بين الأمس واليوم هي مقارنة اجتماعية نفسية، بحيث أنّ طفل الأمس يفكر ويبدع في صناعة اللعبة وذلك تحت نظرية نفسية للترويح عن نفسه وكانت اللعبة حينها تحرك وجدان الطفل لملء الفراغ وكانت حينها تساهم في النمو العقلي الجيد واتزان نفسيته لأنه أوصل رغباته إلى الإشباع الكامل، وهو ما يؤهله إلى التحصيل الدراسي الجيد”.

الطفل من خلال لعبته، يقول قوراية، كان يعرف ويشعر أنّ هنالك 3 مستويات هي الرغبة والتخطيط والتنفيذ لصناعة اللعبة، بعدها الاستهلاك كما كان يفهم جيدا أنه منتج للعبة التي يستهلكها ويبقى هذا النموذج هو الذي تتحدث عنه التنمية البشرية لصناعة رجل الغد.

وأضاف المختص النفسي أن أطفال الأمس أكثر جرأة وثقة واتزانا مقارنة بأطفال هذا الجيل الذي لا يمر بتلك المراحل التي مرّ بها سابقوه وأن طفل اليوم مستهلك للعب جاهزة وأحيانا لا يحسن اختيار اللعبة التي تنمّي عقله وتبعث في نفسيته اتزانا داخليا وتجعله يعتمد على نفسه مثل الطفل الكلاسيكي من خلال تصوّره الذهني وإشباع حاجاته.

ومن بين الاختلافات التي أحدثتها اللعب بين طفل الأمس واليوم، برأي الأستاذ قوراية، هي الاختلاف على مستوى الدافعية التي تدفع الطفل لتحقيق النجاح على جميع المستويات، فطفل اليوم يعيش إحجاما بدل إقدام طفل الأمس.. طفل اليوم يستهلك وطفل الأمس ينتج وهذا راجع إلى اختلال النسق الاجتماعي بين الأمس واليوم.

وتطرّق المختص النفسي الى الانعكاسات السلبية للعب اليوم المستوردة من الغرب التي لا تعكس، حسبه، هويتنا ولا تبعث فينا على الوطنية، فهي قادمة إلينا من الغرب وتبرمج الطفل للولوج إلى الثقافة الغربية وإضعاف الشخصية من خلال لعب لا يكون شريكا في صناعتها، ولها انعكاسات نفسية على الطفل نتيجة تطوّرها التكنولوجي الذي لا يخدم شخصيته.

وأوصى المختص النفسي الوالدين بالعودة إلى النموذج الكلاسيكي لكي يشرك الطفل في لعبه وأن تكون ذات دلالة فنحن، كما قال، لا نعير بذلك اهتماما لما يصنعه من لعب بل إلى الإبداع العقلي لكي يحرر عقله ولا يعتمد على الغير ويخلق نموذجا إيجابيا لحياته كلها فيه حماسة للوصول إلى الأجود والأجمل.

ولم يستغرب المختص في علم النفس المآلات الكارثية لألعاب اليوم التي تنمي العدوانية وسلبية السلوك ومن أهم انعكاساتها قلّة التركيز وإيجاد نفسية اتكالية وتكون بذلك لدى طفل اليوم سمات التابع وليس القائد ولما نتحدث معه نجده عديم الشخصية وجافا من الجانب الإنساني.

سعدي الهادي: الألعاب الإلكترونية طفولة يستهويها العنف والعدوانية

من جهته أوضح الأستاذ الهادي سعدي مختص في علم الاجتماع بجامعة بجاية أن العالم تغير نحو الانفتاح ولا يمكن اليوم أن يتحكم الإنسان في أبنائه في ظل الوسائط العديدة وما عليه سوى الاعتماد على طرق أخرى قائمة على الحوار ويجب أن تمر العلاقات من التحكم والأمر والإكراه على الفعل إلى علاقة المحاورة والإقناع والتوجيه، وقد يصعب هذا على كثير من الوالدين الغارقين في أمور أخرى حيث أنهم لا يملكون الوقت النفسي وليس الوقت الحقيقي، فالإنسان خاضع لضغوطات نفسية كثيرة لذا يجب التفكير مليا في كيفية التوفيق بين ضغوطات الخارج والجو الذي تتم فيه العملية التربوية من هدوء واتزان وانسيابية بدل الصراع بين العالم الخارجي والعالم الداخلي.

واعتبر المختص الاجتماعي ألعاب اليوم من أسباب وجود العنف في المجتمع ونشر فكر الصراع والتجاوز غير العلمي، ما قد يؤدي بالطفل إلى محاكاة الألعاب الافتراضية، حيث يقضي طفولته في ألعاب تحث على العنف ويقضي شبابه فيما بعد في أفلام عنف ورعب والنتيجة تكون فردا عدوانيا عنيفا حيث تسوّق له نموذجا صداميا يصارع ويستغل الآخر ويستعمله ليتجاوزه بدل نموذجنا الحضاري الثقافي القائم على التعاون والتكافل والإعانة، ببساطة، يقول المختص الاجتماعي، نحن أمام صراع هويتين في مسائل كبرى أسقطت على الألعاب واستهدفت الأطفال لأن طفل اليوم هو رجل الغد.

وتساءل الهادي سعدي “لماذا لا ننتج ألعابنا ونظهر فيها خصائصنا” ليستطرد قائلا “المشكلة أننا غارقون في تحديات هامشية ونسينا أهمية ألعاب الأطفال وأدب الشباب بعيدا عن الخطاب الديني الذي قد يقبله بعض الناس ويرفضه بعضهم الآخر”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • شخص

    ما نجى من البارابول أكملت عليه الإنترنت

  • maknin

    الغباء جاء من المسؤولين لأن الأولاد عندما يخرجون من بيوتهم لا يرونا إلا أصحاب الكسكيطة و بيدهم الأسلحة فبتالي يقلدونهم

  • Avant tout etait rose

    A vous entendre parler, on croirait que les enfants algeriens d'avant sont tous devenus des genies rien qu'en manipulant des jeux de leurs crations pas tjrs sans danger, comme les tire-boulettes et les balancoires (blessures et chutes graves)... Heureusement que les temps ont change et que tous les enfants de tous milieux ont la possibilite d'aller a l'ecole grace aux lois internationales, contrairement aux simples citoyens algeriens d'avant qui etaient defavorises et illetres par rapport aux enfants des pistonnes dont tous les moyens etaient bons pour reussir, meme des dons de volaille.

  • مجبر على التعليق - بدون عاطفة

    ياك الوالدين اللي راهم يشرولهم و يقولوا المعيشة قالية
    يعطي درهم لوليدو و الله معلابالو واش دار بيهم

    كلشي حصلوه في الدولة
    آآآآآآآآآآآآش راكي رافدة يا دزاير