جواهر
فتاة جزائرية تروي معاناتها

أماتوني في الأوراق الرسمية حتى يحرموني من الميراث!

سمية سعادة
  • 3102
  • 38
ح.م

عندما يحكم الطمع سيطرته على القلوب، تنهار أجمل العلاقات، وتقطع أمتن الصلات، وتباح كل المحظورات، هذا بالضبط مع حدث مع فتاة جزائرية، لم يرحموا يتمها وضعفها وقلة حيلتها وهي لا تزال في السابعة من عمرها، فقاموا بتزوير أوراقها الرسمية التي أصبحت بموجبها متوفاة قبل والدها بستة أشهر، وهي لا تزال على قيد الحياة حتى يحرموها من الميراث، واستغرق الأمر سنوات طويلة حتى تثبت والدتها لدى المحكمة أن ابنتها حية ترزق وليست متوفاة، كما تروي “ك” التي تقول:
كل ما أتذكره عن طفولتي هو ذلك الظلم الذي واجهته والدتي إثر وفاة أبي، فأمي هي الزوجة الثالثة وكنت أنا ابنتها الوحيدة بعد وفاة شقيقتي الكبرى، كانت حياة أمي هادئة خاصة وأنها تعيش بمنزل منفرد بالمدينة بعيدا عن باقي زوجات أبي وكان أبي رحمه الله شخصا عطوفا وكريما، لكن بمجرد أن فارق الحياة انقلبت حياتنا إلى جحيم، فبعد وفاته بفترة جاء ابن عمي يطلب من والدتي بعض الوثائق بحجة أنه يريد تسوية بعض الأمور المتعلقة بالميراث، فسلمت له والدتي كل الوثائق اللازمة ولم تكن تعلم ماذا كان يخبئ لها القدر.
بعد فترة، استدعت مديرة المدرسة والدتي وأخبرتها أن شهادة ميلادي ضاعت من ملفي الدراسي لذلك يتعين عليها أن تستخرج شهادة ميلاد أخرى، فسافرت إلى المدينة التي ولدت بها وتوجهت مباشرة إلى البلدية وهناك كانت صدمتها كبيرة، كنت برفقتها وأتذكر جيدا ذلك الموقف، وقتها كان عمري 7 سنوات، فعندما طلبت أمي من الموظف شهادة ميلادي، رد عليها قائلا : قولي شهادة وفاة وليست شهادة ميلاد، لأن هذه الطفلة التي تتكلمين عنها توفيت منذ 6 أشهر، أي 6 أشهر قبل وفاة والدي، ثم أن هذه الطفلة ابنة فلانة وليست ابنتك، استغربت أمي من كلامه وراحت تحاول أن تقنعه أنني أنا هي البنت نفسها التي تود استخراج شهادة ميلاد لها، لكن دون فائدة.
وحقيقة ما حدث، أن ابن عمي قام بتزوير في الأوراق الرسمية، بحيث جعلني متوفية قبل أبي بـ 6 أشهر كي يحرموني من الميراث، وعرفنا أن شهادة ميلادي لم تضيع من المدرسة، بل أن شخصا ما تواطأ معهم وسرقها من ملفي المدرسي، وفي الحقيقة أيضا أن أبي سامحه الله كان قد سجلني على زوجته الكبيرة لأنها الوحيدة التي تزوجها زواجا مدنيا وأخفى الأمر عن والدتي تماما.
دخلت أمي في دوامة المحاكم التي استمرت سنوات طويلة من أجل أن تثبت نسبي إليها، وأن تثبت أنني على قيد الحياة، وفي هذه السنوات العصيبة كانت حالتنا المادية متدهورة جدا ولم يقف أحد إلى جانبنا واستمر هذا الوضع على حاله حتى أصبحت في السنة التاسعة أساسي، حيث تمكنا من كسب القضية وصرت أمتلك شهادة ميلاد مثل بقية الناس، أبسط حقوقي في الحياة سلبوها مني بسبب الطمع والجشع.
ورغم هذه الطفولة الحزينة التي عشتها، إلا أنني بفضل الله، وبفضل صبر والدتي، استطعت أن أدرس وأن أكون من التلاميذ النجباء، وأتذكر جيدا أنني كنت مولعة بمطالعة القصص والكتب وقراءة الشعر وحفظه، بل وحتى كتابة الشعر والخاطرة، وعند انتقالي إلى المرحلة الثانوية درست أدب وعلوم شرعية، وقد كان لدي ميولا غريبا لأمور الدين، وكنت مولعة بقراءة القرآن والأحاديث ومحبة للغوص في أعماق أصول الفقه والسيرة النبوية ومواظبة على صلاتي، وكان لدي طموح أن أحصل على شهادة البكالوريا وفعلا تحصلت عليها بعد جهد وتعب وسهر لعلني أدخل شيئا من السعادة على قلب والدتي التي عانت كثيرا من أجل تربيتي.
ولكن معاناتي مع هذه المشكلة استمرت حتى بعد أن دخلت الجامعة، وتعرفت على شاب كان سيتقدم لخطبتي، ولكن عائلة أبي لم تتركن في حالي، وحاولت التشويش على علاقتي مع هذا الشاب بإقناعه عن العدول عن خطبتي لأنني مجهولة النسب”لقيطة” ورغم أنني أطلعته على قرار المحكمة العليا المتعلق بقضيتي وشرحت له الموقف الذي تعرضت له في طفولتي إلا أن بدأ يختلق الأعذار حتى لا يرتبط بي، فقررت أن أضع حدا لهذه العلاقة التي قضى عليها الجشع والطمع.

مقالات ذات صلة