-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أنقذوا الجامعة من جحيم المنظمات الطلابية المفسدة

أنقذوا الجامعة من جحيم المنظمات الطلابية المفسدة
ح.م

في الأصل وفي الحالات الاعتيادية والطبيعية التي عليها واقع الأمم المتحضرة والسائرة نحو النمو نحن لا نملك جامعة جزائرية مصنفة عربيا أو إسلاميا بكل المعايير والمقاييس العالمية المعتمدة في التصنيف، فضلا عن أن نعدّ هذه العمارات الباذخة والأوابد التاريخية الكبرى المزينة بالزجاج اللامع والمُجملة بالمساحات الخضراء جامعات مصنفة عالميا، بل لا نملك إلى حد كتابة هذه السطور جامعة مؤهلة لتخريج الإطارات المدربة والكفيئة والقادرة على تلبية سوق العمل.

قصارى ما تُخرِّجُه هذه الابتدائيات الكبيرة مجرد دفعات لا تعرف أسماء الكتب ولا أسماء المؤلفين ولا الكتّاب المشهورين في التخصص المدروس طيلة خمس سنوات من إضاعة الوقت الحضاري الثمين في المجزرة الجامعية لنيل ورقة مهترئة تسمى (ليسانس، ماستر) محو الأمية، إذ يعجز طالبٌ في أقسام علم النفس أو علم الاجتماع أو الأدب أو اللغات العربية أو الأجنبية أو الشريعة الإسلامية بتخصصاته المختلفة في أنحاء القطر الجزائري عن أن يذكر اسم بيانات كتاب واحد في التخصص، وفي دراسة ميدانية مكتوبة أجريتها على طلبتي مطلع هذه السنة الدراسية حول ذكر بيانات اسم أحد الكتب التي تمت قراءتها أو دراساتها في العام أو العامين الماضيين في السيرة النبوية المطهرة، أو في الفقه والأصول، أو في التاريخ الإسلامي، أو في الفكر والمقاصد والدعوة والمناهج واللغة والحديث والمنطق والتفسير.. عجز تسعة وتسعون من المائة عن الإجابة، عدا نسبة واحد من المائة ذكرت اسم كتاب أو كتابين، بل إن الدراسة الميدانية التي أقمتها على طلبة السنة الأولى من حاملي شهادة البكالوريا الجدد، بينت أن غالبية الطلاب المرسلين للدراسة في قسم العلوم الإسلامية لم يقرأوا كتابا واحدا في حياتهم، عدا الكتب المدرسية فقط.

فضلا عن نتائج دراسة ميدانية أخرى أجريتها على طلبة السنة الثانية والثالثة والأولى ماستر والثانية ماستر أثبتت عدم قدرة الغالبية العظمى من هؤلاء الخريجين المزيفين حفظ حزب َسِّبح أو حزب عمّ أو حزب الجن أو حزب تبارك.. ومن كان يحفظ فهو قد حفظ خارج هذه المنظومات المشلولة، فماذا تنتظرون من جامعة حالها المشين (طلبة، أساتذة، إدارة) كهذا الحال مذ دخلتها طالبا سنة 1977م وأستاذا سنة 1993م إلى اليوم؟ يوم أن كانت المنظمات الطلابية ترأسها التياراتُ اليسارية والتروتسكية والبربرية والفرنكوفونية واللادينية بزعامة المناضلة (لويزة حنون) وبعض لِداتِها ممن كان يحوم حولها وصار عميدا أو رئيسا لإحدى جامعات القطر الجزائري المشلولة إلى اليوم بالارتجالية والتسيب واللاعقاب واللامردودية وخدمة مصالح الأقليات المفسدة والفاسدة..

إن هذه الوضعية المزرية التي تعيشها منذ أربعة عقود تكفيها لتقوم بلملمة جراحها المكلومة، ولأن تستريح وتستكين وتحاول استرجاع حياتها وحيوتها من جديد بفضل بعض الكفاءات الوطنية المخلصة، وهذا يكفيها إن صفا لتلك العصبة الوطنية المخلصة أن تعمل بهدوء وروية بعيدا عن ضبابية وانتهازية ومروق وغدر المنظمات الطلابية المأجورة ومن يحرضها من الأساتذة والإداريين المُغيبَّين عن الساحة الجامعية الانتهازية؟

ثم يجيئها هذا النمط الرديء –بالإضافة إلى الغلو والشذوذ السلفي الذي يعبث فيها وبها- جدا ممن يسمون طلبة ومنظمات طلابية تجاوزا، ممن تربى في أقبية الأحزاب البائدة: المفسدة والفاسدة، والمتقوقعة خلف الستارة لاقتناص الفرصة للانقضاض على مستقبل وأمل الأمة الجزائرية في الانعتاق من ربقة الفساد وزبانيته وأزلامه، هذا النوع ممن يحتلون آخر الدرجات في الدراسة ويقبعون في ذيل قوائم النجاح، ممن شرب من فساد أحزاب الأزمة والفساد، من المدعين الانتساب إلى المنظمات الطلابية ظاهرا، وممن ينفذون خريطة طريق ظلامية لقوى ظلامية وفرنكوفوبربرية ويسارية وملحدة وعلمانية وفاسدة في السر، وتحت شعار خدمة المطالب الطلابية..

هذا الصنف القميء المأجور الذي لا يحضر حصة تطبيقية فضلا عن أن يحضر محاضرة، ما فتئ يغلق الجامعة صباح مساء، ومتى وحين وكيف أراد؟ دونما خوف أو هيبة أو تردد، يغلقها بأوامر من تلك القوى الظلامية الخفية التي جاءت به، ووفرتْ له الغطاء القانوني، واعترفت به وبشلته المتهورة أخلاقيا وعلميا، والتي لا تمتلك أدنى صفات الطالب الأخلاقية والعلمية والتربوية والسلوكية.. تلك القوى الظلامية التي عبثت بمن بقي طاهرا ونقيا ومتحركا بالخير والمعرفة والخُلق في المشهد الجامعي الهزيل.. وذلك تحت غطاءات كاذبة وشعارات مارقة وآثمة مثل: تذبذب النقل، ووضعية الإقامات، وتدني مستوى الوجبات، ودخول الغرباء إلى الجامعة، والاعتداء على الطالبات.. وغيرها من المطالب التي تبدو للبريء في ظاهرها مطالب مشروعة، وهي في حقيقتها وضيعة ووضيعة جدا، وذلك من أجل إنجاح طالب من التنظيم الفلاني، كسول ومهمِل وغائب وهزيلة نتائجه في الامتحان، أو في سبيل رفع عقوبة تأديبية عن واحد من شلة التنظيم الفلاني الآخر، ارتكب حماقة الغش في الامتحان، أو أهان أستاذا أو إداريا، أو في سبيل إزعاج عميد أو رئيس جامعة ليتزحزح عن منصبه، وليأتي صاحب الوعود الخفية الظلامية مكان سابقه المُقال، أو بهدف تحصيل منح للدراسة في الخارج، أو ضمان منصب عمل، أو التوسُّط لقريبٍ أو لطالبة من الشلة التنظيمية..

ولم نعهد يوما أن هذه التنظيمات رفعت شكوى أو تظلما أو احتجاجا أو اتخذت الإجراءات القانونية اللازمة للبدء في إضراب تحسيسي جزئي لمدة نصف يوم للأهداف الطلابية النبيلة، وللغايات التي تواجد من أجلها الطالب واغترب عن أهله وبلدته، فلم نعهد إضرابا على كثرة غيابات الأساتذة وتأخّرهم عن موعد الحصص والدروس، كما لم نعهد حركة احتجاجية قامت نتيجة لتقصير الأساتذة في تقديم الدروس والمحاضرات والتطبيقات وإلقاء عاتقها على الطلاب لاسيما في الحصص التطبيقية، ولم نعهد مثل هذه الاحتجاجات بسبب نقص التكوين والتدريب والتحضير والتعليم.. أو بسبب قلة المصادر والمراجع وطريقة الاستعارة وأوقات المطالعة، (مع العلم أن مكتبة كلية العلوم الإسلامية بها قرابة عشرين ألف عنوان ومائة ألف نسخة)، ولم نعهد مثل هذه الاحتجاجات بسبب محتوى الدروس الهزيل، أو بسبب تكليف الطلاب بإعداد موضوعات المحاضرة، فضلا عن تقسيم الحصة التطبيقية على الطلبة واكتفاء الأستاذ بالجلوس وإدارة النقاش في موضوع لم يقرأه ولم يطلع عليه..

لم نعهد مثل هذه الاحتجاجات بسبب الإشراف على رسائل الماستر الفارغة والهزيلة، أو بسبب تخلي المشرفين عن الطلبة، وتركهم محتارين في تدبير أمور إعداد الرسائل، أو بسبب المناقشات الاحتفالية والمهرجانية الهزلية، التي ينتظر المشرفون آخرها تقديم عبارات الشكر والعرفان والامتنان وأخذ الهدية وأكل الحلوى، أو بسبب عدم متابعة المشرِف لطلابه وتركهم يتيهون كالحيارى وراء السرقات الإلكترونية.. ولم نعهد مثل هذه الاحتجاجات بسبب عدم قراءة رسائل الماستر والدكتوراة، وتعجرف المشرفين والمناقشين وتعسفهم في إهمال الطلبة لسنوات عديدة معلقين طلبتهم دون إشراف أو مناقشة بحجة انشغالهم، فكم من طالب دكتوراة ظل معلقا يجري وراء المشرف المتغطرس ليحدد له موعدا للمناقشة؟ وكم من مشرف ترك طلابه بعد أن أحضرت الإدارة رخصة المناقشة لشهور دون أن يأبه بهم ولعذاباتهم وألمهم؟ ولم نعهد مثل هذه الاحتجاجات عل تعسف هؤلاء الأباطرة المتغطرسين في حقل وسوق الاشرافات المجّ والمناقشات الآثمة، التي لا تُقرأ فيها الرسائل البتة، بل هي مناسباتٌ لأكل الحلويات والتقاط الصور التذكارية والضحك والشكر..

لم نعهد مثل هذه الاحتجاجات على تعسف الإدارة وتقصيرها في عدم معاقبة المقصِّرين من الأساتذة، وتركهم خوفا من شرهم أو من اللوبيات الضاغطة التي يديرونها داخل المستنقع الجامعي..

لم نعهد مثل هذه الاحتجاجات من المنظمات الطلابية وريثة وابنة أحزاب النظام الفاسد والمفسد، إلاّ لتحصيل مكاسب من إدارة الجامعة، كأن يمنحوهم رحلة إلى الخارج، أو نزهة إلى الداخل يحصلون من خلالها على وصل مالي مفتوح يتقاضون نصفه بضاعة وزادا للرحلة، ونصفه الآخر مصروف جيب لتلك الشلة النقابية الشريرة.

وقد تاب أحد الطلاب الكبار من أبناء بلدتي، أصيلٌ في أخلاقه وقيمه ودينه ووطنيته من إثم وفرية ومكر وجريمة الانتماء للمنظمات الطلابية، وصارحني بكل هذه الحقائق، وأشهدته الله، بعد حوار دار بيني وبينه أمام منشور علقوه بعد أن أغلقوا علينا باب الجامعة العام الماضي، وحاورته في كل بند من بنوده، وأخبرته أنني مستعدّ للذهاب معهم بعيدا لتحقيق تلك المطالب، وأنا أعلم أن تلك المطالب غير حقيقية، فما كان منه إلاّ أن انهار قلبه وصحا ضميره الميت واستيقظ بين يدي كلماتي الصادقات، وفتح لي عقله ونفسه، وصارحني وأخبرني بحقيقة وخبايا وخفايا تلك المنظمات، وحقيقة الأدوار التي تقوم بها في السر والعلن، وأخبرني بأنها مجموعات ضاغطة تابعة لرؤساء أو عمداء الجامعات أو لأحزاب الفساد التي كانت تطبِّل للنظام السابق وللعهدة الخامسة..

والثلاثاء الماضي 29/10/2019م رأيتهم بالمئات في جامعتنا، وقد أحضرتهم حافلاتُ النقل الجامعي في أشكال وأزياء ومظاهر لا تُبشِّر بخير للجزائر، وأنا أعرف عناصر وأفراد ست تنظيمات منهم معرفة جيدة لأنهم يدرسون عندي من السنة الأولى إلى السنة الثانية ماستر، وقد عشنا تحت رحمتهم خلال السنوات الثلاث الماضية، يغلقون الجامعة متى أرادوا، يعقدون أول مؤتمر تأسيسي لهم بعد أن جفف الحَراك ماءهم العفنة والراكدة، وبعد أن أسكتت الهبَّة الشعبية أصواتهم المنافقة، وبعد أن أعفى على ذكرهم حَراك الصادقين، ورأيت الوجوه القديمة من تيارات وأحزاب الفساد والمفسدين يعودون لاحتلال وتصدُّر المشهد الجامعي، الذي سيقودونه للخراب والإضرابات، وإن عودتهم كلها شر وإثم وخراب وفساد..

فيا أحرار وشرفاء الجزائر.. ويا قيادة الجيش الوطني الشعبي: أبعدوا عن الجامعة مثل هذه  التنظيمات الحزبية البائدة، وأنقذوا الجامعة من جحيم ونار وعذاب هذه التنظيمات المفسدة، القادمة مجددا لإفساد المشهد الجامعي الصافي.. التي تحضِّر لتعكير الانتخابات، والتربص بالرئيس الجزائري المنتخَب شعبيا، ولا تجعلونا تحت رحمتهم، إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير وعريض، اللهم اشهد أني بلغت، وما شهدنا إلاّ بما علمنا وما كنا للغيب حافظين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • أماني

    واقع مرير و مؤلم جدا!!! أتمنى أن تستعيد الجامعة مكانتها التي كانت عليها يوم كان للعلم و العالم مكانة و وزنا.