الرأي

أوقفوا ألعاب الموت!

جمال لعلامي
  • 627
  • 1
ح.م

ما حدث من “اقتتال” بملعب حملاوي بقسنطينة، هو نموذج لما يحدث في الكثير من الملاعب، عبر العديد من المناطق، وهي الملاعب التي أصبحت مفرخة للعنف والتطرف والموت، في وقت يحذر فيه نفسانيون واجتماعيون، من هذا الانزلاق الذي يحبس أنفاس المجتمع ويضرب أعماق الجزائريين بأيادي أبنائهم المراهقين والقصّر، وهذا هو الخطير في الموضوع!
الجنوح إلى العنف من طرف شرائح محدّدة، هو مؤشر خطير، ورقم مثير في معادلة طمأنينة العائلات وسكينة المجتمع برمّته، وعندما ينتقل العنف إلى ميادين اللعب واللهو، فهذا إن دلّ فإنما يدلّ على الانحراف الذي يضرب معاقل من المفروض أنها مصدر للمساهمة في استقرار الفرد والجماعة، أمّا وأن يتحوّل الملعب، إلى محضنة للخوف والترويع والقتل، فهذا ما يجب تسليط الأضواء عليه لمعالجة أمراضه قبل أن تتمكّن من كامل الجسم!
لعلّ المسؤولية في هذه “المذابح” التي تتسبّب فيها جلدة منفوخة، تبقى مشتركة ومتقاسمة بين عدّة أطراف، تبدأ من البيت الذي غادره المناصر، أو اللاعب، أو المسيّر، أو المدرّب، وتنتهي بالملعب الذي فقد الكثير من معانيه التضامنية والترفيهية، وتحوّل للأسف إلى “مشروع مقبرة” تستبيح دماء الأبرياء والعزل، بالأسلحة البيضاء و”الشماريخ” و”البوق” ومختلف الألعاب النارية، وكذلك بالمهلوسات والمخدّرات و”الصاروخ !
كان الملعب مدرسة أخرى للمشاركة في التربية والتعليم، وهذا ما هو حاصل في كثير من المجتمعات بما فيها الغربية، في وقت أصبحت عندنا تزرع الخوف والهلع والرعب وسط العائلات قبل أبنائهم المناصرين واللاعبين، فلماذا وإلى أين تتجه هذه “اللعبة الملعونة”؟
عندما تغيب لغة التسامح والمودّة، وتنتحر الروح الرياضية، عند مداخل الملاعب وبالمدرجات، فمن الطبيعي أن يحدث ما يحدث، وتتحوّل الملاعب إلى “باطوارات” والعياذ بالله، وتتحوّل كذلك إلى خطر على النظام العام، وهذا التشخيص هو ما تقرؤه الكثير من الوقائع والشهادات والاعترافات والصراعات والحروب، فهل المشكلة في “لعبة الموت”، أم في من حوّل ألعاب الحياة إلى ألعاب للهبل والقتل والتقتيل؟
لم يعد الحديث عن الكرة والرياضة والملاعب، مسليا، وممتعا، ومثيرا للدهشة والمتعة، بقدر ما أضحى ملهاة يفرّ منها العقلاء، ويقاطعون بسببها الملاعب ومحيطاتها، خوفا من سقوطهم ضحايا لجماعات “القتل باسم البالون”، وهنا لا داعي ليطلّ البعض من دعاة دخول المرأة إلى المدرجات، أو مرافقة الابن لوالده، من أجل مناصرة فريقهم!
الحاصل في الملاعب، هو مرآة لمجتمع أصبح مريضا في بعض أعضائه، هو مطالب بالعلاج، ولو كان بالكيّ أو بتر العضو الذي يسبّب الألم ووجع الدماغ لكلّ الجزائريين، وليس أنصار الكرة وجماعات “الهوليغانز” فقط!

مقالات ذات صلة