-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أيام حاسمة لاكتشاف النفوس!

سلطان بركاني
  • 798
  • 0
أيام حاسمة لاكتشاف النفوس!

أيام مهمة وحاسمة تفصلنا عن رمضان، لعل من أهم الأعمال التي تتعين فيها؛ أن يجلس العبد المؤمن جلسات صدق ومصارحة مع نفسه؛ يحاسبها محاسبة الشريك لشريكه، بل محاسبة العدو لعدوه، لأنه ما دام العبد يصاحب نفسه ويسايرها ويجاملها ويحسن بها الظن، فلن تستقيم له حال.. ووالله ما قست قلوبنا حتى أصبحت تستثقل كلام الله، وأضحت لا تؤثر فيها آيات القرآن ولا المواعظ، ولا الجنائز ولا المقابر ولا الزلازل، إلا حينما غفلنا عن محاسبة أنفسنا وأحسنا بها الظن، وأصبح كل منا ما أن يجلس مجلسا حتى لا يكاد يكون له حديث إلا عن نفسه “أنا.. أنا.. أنا”، كأنما هو إنسان كامل مبرأ من كل عيب! أو كأنما هو أحد الملائكة المعصومين، والناس من حوله شياطين!

إن أهم خطوة على طريق الإصلاح وبدء صفحة جديدة من حياة مختلفة، هي أن يقتنع المسلم بأن صورته الحقيقية ليست هي الصورة التي ينظر بها إلى نفسه، وأن عين الرضا التي يرمق بها حاله لن تكون في صالحه.. والعبد الموفق هو من ينظر إلى نفسه بعين السخط التي تبدي له مساوئه وتظهر له عيوبه، وهو من يأبى الركون إلى المبررات التي تسوقها نفسه للتغطية على تقصيرها وسوء فعالها. يقول الإمام الحسن البصري –رحمه الله-: “إن المؤمن والله ما تراه إلا يلوم نفسه على كل حالاته، يستقصرها في كل ما يفعل، فيندم ويلوم نفسه، وإن الفاجر ليمضي قدمـا لا يعاتب نفسه”.

من واجبنا أن نتساءل: لماذا نسمع المواعظ ونظن أنها لغيرنا، ونسمع الدروس والخطب ثم نخرج لنتحدث عن محتواها -تثمينا أو اعتراضا- وننسى أننا أيضا معنيون بما يقوله الأئمة؟ نتمنى أن نسمع دروسا نافعة وخطبا مؤثرة، وعندما تطرق أسماعنا لا تتجاوزها إلى قلوبنا وأفعالنا، كأنها موجهة إلى غيرنا، غير موجهة إلينا ولا إلى بيوتنا وأبنائنا وبناتنا! تماما كما نمر على المنشورات الهادفة والنافعة في مواقع التواصل الاجتماعي، فنسارع إلى نسخها ومشاركتها، وننتظر التفاعل والإعجاب، كأننا غير معنيين بما تحمله من خير ونفع!

نسمع أخبار الوفيات، ونقرأ التعازي كل يوم على الصفحات، ونمشي في الجنائز من دون خشوع، وندخل المقابر كل أسبوع، ولكننا نظن أن دورنا لن يحين قريبا، وأن اليوم الذي يقال فيه عنا: الصلاة على الجنازة يرحمكم الله؛ لا يزال بعيدا.. كأن أولئك الأموات الذين فوجئنا بأخبار وفاتهم ما كانوا يوما أحياء يخططون للدنيا مثلنا!

هذه الأيام التي تفصلنا عن رمضان، أيام مهمة، يكتشف فيها كل واحد منا نفسه، وينظر إلى عيوبها الكثيرة؛ تقصير في حق الله، وسوء خلق مع عباد الله، وشره في طلب الدنيا، وغفلة عن الموت والدار الآخرة؛ بيت خال من ذكر الله وعامر بالمسلسلات والأغاني، وزوجة لا هم ولا حديث لها إلا عن الدنيا، وأبناء لا يصلون ولا يقرؤون القرآن ولا يدخلون المساجد، وبنات لا هم لهن إلا الهواتف والمظاهر الفانية! فأين هو نصيب الآخرة من أعمالنا وأحوالنا؟ أين حق الإسلام من بيوتنا؟ أ هذه أعمال ينفعنا أن نقدم بها على ظلمات القبور وسؤال منكر ونكير وأهوال القيامة؟ ألا يخجلنا أن نقف بهذه الأعمال بين يدي الله؟ ألا نخشى نكون يوم القيامة ممن يقال لهم: ((أذْهبْتمْ طيباتكمْ في حياتكم الدنْيا واسْتمْتعْتمْ بها))؟

أيام قليلة تفصلنا عن رمضان، لنجعْلها أيام محاسبة ومصارحة لأنفسنا، وأيام ندم وحسرة على ما مر من أعمارنا في اللهو والغفلة واللهث خلف الدنيا.. لنجعلها أيام نظر في حال بيوتنا ما الذي ينقصها لتكون بيوتا مسلمة تقام فيها الصلوات وتتلى فيها الآيات، ويتنافس فيها الأبناء على طاعة الله وحفظ كلامه، وتتنافس فيه البنات على الستر والحياء والعفاف.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!