الرأي

أيديرها الفرطاس..!

جمال لعلامي
  • 4305
  • 4

عندما “يفشل” البروفيسور حسبلاوي، في حلّ “مشاكل” زملائه الأطباء، وهو وزيرا للصحة، فهنا يجب التوقف لتحليل مثل هذه النماذج، التي يكون فيها المسؤول “ابن القطاع”، وهذا إن دلّ فإنما يدلّ على عُمق الانشغال و”الهبال” الذي يعصف بعديد القطاعات، النائمة وحتى الحيوية، ولعلّ أكبر برهان يجري هذه الأيام في المستشفيات من شدّ وجذب!

يكاد يكون قطاع الصحة، مشابها، أو متطابقا، مع قطاع التربية، من حيث الزوابع الرملية والثلجية، والاحتجاجات والزلازل والبراكين، والفيضانات والإضرابات، التي تجتاح هذين القطاعين الحساسين، الأول، إذا مرض تتضاعف أمراض المرضى بالمستشفيات وخارجها، والثاني، إذا تعطـّل تعطل المستوى وعاد التلاميذ إلى الوراء قبل أن يعودوا إلى بيوتهم!

ربما لأن القطاعين بمثابة “قنابل” لا تفرّق بين المتخصص والضحية والمحترف وكاسحة الألغام، ولذلك “يفشل” كل من تمّ تعيينه وزيرا في الصحة والتربية، حتى وإن كان “وليد الدار”، ولا داعي هنا لذكر الأمثلة والتذكير بالشواهد، فالذي حصل ومازال يحصل بالمستشفيات والمدارس، يؤكد إلى أن يثبت العكس، بأن القضية ليست في شخص “معالي الوزير”!

كلّ هذا التشخيص يصبح بلا معنى ولا جدوى، لأنه مبني على تحميل المسؤولية فقط، في وقت يجب الحديث ولو بثرثرة عن ضحايا وأضاحي قطاعي الصحة والتربية، سواء تعلق الأمر بالأطباء والممرضين والقابلات والمرضى، أو بالأساتذة والنظراء والمديرين والتلاميذ، فلكلاهما حكايات طويلة وعريضة تستحقّ التوقف والتنفس طويلا!

إن ما يحدث من تطورات وتداعيات وآثار وخيمة بالمستشفيات، لا يسرّ صديقا ولا عدوّا، فالاحتجاجات المتواصلة والتعفن الذي تعرفه المصحات والمستشفيات، نتيجة “غضب” الأطباء المقيمين وتوسع رقعة الإضراب، لا يُمكنها إلاّ أن تضرّ بـ “بقايا” الخدمات الصحية، وتضرب أكثر المرضى وعائلاتهم، زيادة على ما تكبدوه من آلام ومعاناة خلال رحلات العذاب في العلاج!

هكذا، هي المعادلة، في كلّ احتجاج وإضراب، يدفع “الزوالية” الثمن والفاتورة، ولا فرق في ذلك بين حركة الأطباء أو الأساتذة، أو الخبّازين أو الناقلين، فكلها حركات مؤذية ومؤدية إلى الفوضى و”الحقرة”، ولا حلّ في تسوية الأمور، إلاّ بالتي هي أحسن، حتى لا تتنامى العشوائية وتتعاظم المأساة، ولا تـُستنسخ المآسي اليومية بالمواقع التي يقصدها عامة الناس!

ليس دفاعا عن هؤلاء، ولا هجوما على أولئك، لو قال قائل، إن المواطن “راهو يخلص” في ما لا يعنيه، وصدق من قال “أيديرها الفرطاس وتحصل في بوشعور”، فمن حق الطبيب أو المعلم أو الخبّاز أن يُضرب ويحتج، لكن هل من حقه أن “يطفّر زعافو” في بريء لا حول ولا قوّة له؟

مقالات ذات صلة