الرأي

أين مصداقية المسؤوليبن؟

رشيد ولد بوسيافة
  • 2737
  • 2

بات واضحا أنّ‮ ‬الطّريقة التي‮ ‬تعامل بها المسؤولون مع احتجاج أعوان الشرطة هي‮ ‬التي‮ ‬أدت إلى استمرارها وتوسّعها بالشكل الذي‮ ‬رأيناه،‮ ‬كما أنّ‮ ‬خروج أعوان الشّرطة في‮ ‬مظاهرات احتجاج في‮ ‬حدّ‮ ‬ذاتها سابقة تكشف خطورة الوضع الاجتماعي‮ ‬والسّياسي‮ ‬في‮ ‬البلاد‮.‬

لقد اختلفت القراءات والتّحليلات وتناقضت فيما بينها،‮ ‬لكن المؤكّد أنّ‮ ‬ما حدث أثّر بشكل مباشر على الحياة اليومية للمواطن الذي‮ ‬شعر بالخطر جراء الانطباع الذي‮ ‬ساد خلال الأيام الماضية،‮ ‬لأن الأمر لا‮ ‬يتعلق باحتجاج عمال أو موظفين في‮ ‬أحد قطاعات الوظيف العمومي‮ ‬بل إنه‮ ‬يتعلق باحتجاج الجهاز المكلف بتوفير الحماية والأمن للمواطينين‮.‬

وحتى الطريقة التي‮ ‬أُعلن بها الاستجابة لتلك المطالب التي‮ ‬رفعها المحتجون تثير الاستغراب،‮ ‬إذ‮ ‬يفترض أن لا‮ ‬ينتظر المسؤولون إلى أن‮ ‬يحتج أعوان الشرطة في‮ ‬الشارع ليتم النظر في‮ ‬أوضاعهم المهنية والاجتماعية،‮ ‬بعدها‮ ‬يسارع هؤلاء إلى الاعتراف بها جملة وتفصيلا وإطلاق وعود كبيرة في‮ ‬هذا الشأن‮.‬

لا‮ ‬يمكن الاستمرار وفق هذه الطريقة في‮ ‬التعامل مع المشكل الاجتماعي‮ ‬والأمني‮ ‬في‮ ‬البلاد،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن تحميل جهاز أمني‮ ‬أوزار التّسيير الرديء للمعضلات الأمنية والاجتماعية،‮ ‬وإلا ما معنى أن‮ ‬ينطلق احتجاج الشّرطة من‮ ‬غرداية التي‮ ‬تحملت فيها الأجهزة الأمنية مسؤولية كبيرة في‮ ‬ضبط الأمن ومنع الانزلاقات في‮ ‬وقت عجز المسؤولون عن بلورة تصوّر‮ ‬يضع حدا للمواجهات بالمنطقة‮.‬

لقد كانت رسالة أعوان الشّرطة واضحة في‮ ‬رفض الحديث إلى المسؤولين الذين حاولوا التّحاور معهم،‮ ‬وهنا لا بد أن نطرح سؤالا كبيرا بخصوص مصداقية المسؤولين التي‮ ‬أصبحت على المحك،‮ ‬فلا وعود الهامل وبلعيز أوقفت الاحتجاج،‮ ‬ولا محاولة والي‮ ‬العاصمة أقنعت المحتجين بضرورة التراجع‮. ‬

ومع الإقرار بالطّابع السّلمي‮ ‬المنظم لتحركات الشرطة،‮ ‬إلاّ‮ ‬أنّه‮ ‬ينبغي‮ ‬التوقف عند حد معين،‮ ‬فإذا استجيب للمطالب الاجتماعية والمهنية أصبح من الواجب التوقف على الاحتجاج وعودة الأعوان إلى مواقع عملهم،‮ ‬وإلا فإنّ‮ ‬الباب سيفتح فعلا على التساؤلات المتعلقة بسبب الاحتجاجات ومدى عفويتها‮.‬

إنّ‮ ‬التّحديات الدّاخلية والخارجية تضاعفت على البلاد،‮ ‬وعلى السلطة أن تتوقف عن فكرة‮ “‬أنا أولا أحد‮” ‬والمرور إلى عهد جديد من الإصلاحات المبنية على فلسفة جديدة تأخذ بعين الاعتبار التّطورات الموجودة في‮ ‬المجتمع الذي‮ ‬أصبح رجال الأمن فيه‮ ‬يطالبون بتوفير الأمن‮.‬

مقالات ذات صلة