-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أيها الجزائريون ليبيا تحترق..افعلوا شيئا يرحمكم الله

التهامي مجوري
  • 2948
  • 10
أيها الجزائريون ليبيا تحترق..افعلوا شيئا يرحمكم الله

الموقف الجزائري الرسمي، من الأحداث في ليبيا، الذي تناقلته وسائل الإعلام، منذ بداية الانتفاضة على نظام القذافي، سواء في التزام الحياد، او الرفض للتدخل العسكري، لا يسع المتابع إلا تثمينه وتشجيعه على كل حال، ولكن منطق العدل والإنصاف الإنساني، والموقف السياسي الشجاع، يقضي بأن هذا الموقف الذي تتخذه السلطة في بلادنا تجاه ما يحدث في ليبيا، لا يمثل إلا الحد الأدنى في سلم المواقف التاريخية الجادة؛ باعتباره موقفا لا يساعد على الشر، ولكنه لا يساعد على فعل الخير.

على أن الموقف المفترض من الجزائر، سلطة وشعبا،  تجاه ما يحدث في ليبيا، موقف أخلاقي قبل كل شيء، تمليه العلاقة بين الشعبين الليبي والجزائري، بجميع أبعادها، القومية والدينية والثقافية والتاريخية، وليس مجرد موقف محايد فيما يقع بين الأشقاء من خلافات ونزاعات وتقاتل، لأن الحياد يمكن أن يقفه كل أحد، أما ما ينتظر من الجزائريين من مواقف، هو أن يتعاملوا مع القضية، كتعاملهم مع قضاياهم الوطنية، والمواقف الوطنية لا مجال للحياد فيها، ومن ثم فإن التجاوب مع الحدث بما يستحق من الاهتمام هو الأساس؛ بل لا يسع الجزائري إلا ذلك.

إن العالم –كل العالم-  مهتم بما يحدث في ليبيا، ولكنه اهتمام المصالح، التي لا يهمها مصير إنسان العالم الثالث عموما، والإنسان الليبي خصوصا، والمصالح التي لا تهتم بليبيا إلا بالقدر الذي يؤَمِّن مستقبل الطاقة، ولو كان ذلك على حساب الشعب الليبي كله. 

 ولذلك فإن المطلوب من الموقف الجزائري، ان يكون في صالح المجتمع الليبي، وإذا كان ولا بد، من أن يكون هذا الموقف، في إطار قوى دولية أخرى، كما هو الحال هذه الأيام، في الحرص الفرنسي وبعض الدول الأوروبية الأخرى، التي تسعى لأن يكون للجزائر، دور في الملف الليبي، فلا أقل من ان يكون خادما لليبيا ومصالحها العاجلة والآجلة، قبل أي اعتبار آخر، وأولى أولويات المجتمع الليبي، العودة إلى الحراك السلمي، وتحييد السلاح في المسألة السياسية بينهم، وليس كما يدير سماسرة السياسة والتجار بالدم الليبي، الذين يصرون على استمرار الفتنة، باسم محاربة الإرهاب، او مقاتلة فلول النظام، او باسم حماية الدولة من الانتهازيين، كل ذلك فيه من إدامة الأزمة، أكثر مما فيه من إرادة القضاء عليها.

إن دور الجزائر في الملف الليبي، رسميا كان أو شعبيا مهم،  ولكن لا نتمنى له أن يكون وفق الاستراتيجية الدولية التي لا يهمها من الملف إلا “محاربة الإرهاب” والهجرة غير الشرعية وانتشار السلاح.. كل ذلك مهم بطبيعة الحال، ولكنه ليس كل شيء؛ لأن مثل هذه القضايا التي يختلف الشرق والغرب في تشخيص مضامينها وأشكالها، قد تؤجل معالجة الملف، إلى ما لا نهاية له، بينما المجتمع الليبي مخترق من قوى دولية متنوعة، وعلى أرضه تصفى الكثير من الحسابات الإقليمية، هنا تظهر أهمية الدور الجزائري، الذي يهمه الاستقرار الليبي قبل كل شيء، لجملة من الاعتبارات.

1. أن المجتمع الليبي جار، وكل ما يقع فيه ينعكس على الجزائر سلبا وإيجابا، فضلا عن حق الجوار الذي يقتضي من الجزائر أن تحرص على استقرار الجار كما تحرص على استقرارها، وتسعى لذلك كسعيها لتحقيق شيء لها، وبلغة الاستراتيجيين، إن الحرص على استقرار ليبيا جزء مساعد على استقرار الجزائر، وكذلك تنميتها في جميع المجالات، على خلاف الأنظمة الأخرى، فإنها تنظر لليبيا، ولكل ما يقع فيها، على أنه مصدر لتصدير الإرهاب يخاف منه، وآبار بترول يخاف عليها، نربأ ببلادنا ان تسير في هذا الاتجاه في معالجة الملف الليبي؛ لأن ما يقع بين الليبيين من خلافات وتقاتل وتصفية حسابات، ليس إلا نتيجة طبيعية لعقود الاستبداد التي عاشها المجتمع الليبي خلال مرحلة حكم القذافي 1969/2011، وهذه العقود الأربعة من الحكم الفاسد، كافية لإنشاء طبقة سياسية فاسدة تؤطر الفساد في دواليب الدولة، وطبقة أخرى من المعارضة الناقمة، التي تشربت منطق الانتقام، ومن ثم فإن ما يقع من مفاسد هذه السنوات التي أعقبت الانتفاضة التي أسقطت نظام القذافي، ليس بأكثر من المفاسد التي كانت على عهد النظام البائد، الذي كانت المفاسد فيه مستورة، سياسة القتل والإبادة الجماعية والتجويع والتفقير، كل ذلك كان في عهد القذافي، ولكنه مستور لا يراه كل الناس، اما اليوم فالحسابات على مسرح الحياة، ولكن جوهر المسألة ثورة وثورة مضادة، ولذلك كان تدخل القوى، المستفيدة من استمرار الفوضى والتقاتل، حريصة على تسجيل حضورها سواء القوى الغربية أو العربية، بالفعل وبالوكالة.

2. أن من حق الليبيين على الجزائريين سلطة وشعبا، أن يردوا بعض الجميل، الذي لم يبخل به الليبيون، على الجزائر أيام الثورة، حيث كان تفاعل الليبيين مع أحداث الثورة، كمن يتفاعل مع قضيته؛ بل إن بعضهم، كان أفضل من الكثير من الجزائريين، فقد شكلوا لجانا شعبية لمساندة الثورة، وأقاموا مهرجانات في المدن الليبية لجمع التبرعات، فكان لكل طبقة من الليبيين دور تقوم به، من العمال والموظفين والتجار…إلخ، وانتدبوا شخصيات، من المثقفين والإعلاميين والسياسيين، للتعريف بالقضية الجزائرية، ورجال أعمال يجوبون الأرض طولا وعرضا، في سبيل انتصار الجزائر على عدوِّها، أمثال الشيخ محمود صبحي، وعلي مصطفى المصراتي، الهادي المشيرقي، ويوسف مادي، وسعد الشريف وغيرهم كثير [أنظر كتاب الشعب الليبي الشقيق في جهاد الجزائر، للأستاذ محمد الصلح صديق].

يروي الأستاذ محمد الصلح صديق قصة مؤثر، إذ كان ممثلا للثورة في لبيا يومها، “لما استشهد العقيد عميروش، جاء طفل إلى مكتب ممثلية الثورة، أرسلته أمه للإطمئنان على مستقبل الثورة، والسؤال عن مدى تأثير استشهاد العقيد عميرون على مستقبل الثورة؟” هذا سؤال امرأة ماكثة بالبيت، ما بالك بغيرها ممن يفهمون في السياسة والثورات ومساراتها؟

هكذا كان الليبيون في مساعدتهم للثورة مساهمة منهم في استقلال الجزائر، أليس من حقهم علينا أن نقف إلى جانيهم في محنتهم؟

3. ان الجزائر مرت في محنتها 1992-1999 بما تمر به ليبيا اليوم، من غلبة صوت الرصاص على منطق العقل، عندما كانت لغة “الحسم الأمني” هي لغة الخطاب الرسمي ولغة الجماعات المسلحة، وكانت لهذه التجربة نهايات أفضل بكثير مما كان عليه الوضع قبلها، وذلك عندما اقتنع الجميع أن ما يمارسونه من أعمال “معركة الرابح فيها خاسر”، فكان الاستماع إلى لغة العقل والفهم وتشخيص الداء فكان بعض العلاج، الذي هو أقل سوء، مما لو سارت الأمور على ما كانت عليه.

وأقل الوفاء للشعب الليبي أن تنقل إليه الجزائر تجربتها، سواء من السلطة او من المعارضة؛ لأن تجاوز المحنة التي مرت بها الجزائر ليس فيها الفضل لأحد من الناس، وإنما كان الفضل فيها لله، ثم لمن اهتدوا لمنطق العقل والحل السياسي، بدل التحاكم للسلاح.

إن التجربة الجزائرية لم تنتهي بانتصار سلطة على الإرهاب كما يسوق المرجفون، وإنما هي تجربة انتصر فيها العقل والمنطق على الأوهام. لأن النظام السياسي بلغ مستوى من الضعف لم يعد قادرا فيه على تهميش خصومه، وخصومه رغم استفادتهم من هذا الضعف، لم يبلغوا مستوى القدرة على إسقاطه، فجَرَّبَ الجميع مبادراتهم الضعيفة، وسقط الجميع في الامتحان، ومع ذلك فإن ضعف المجتمع في واقع سلمي، أفضل بكثير من سقوطه في بحور الدماء والدموع. ولكن الإيجابي في المحنة الجزائرية، هو أن الجميع اكتشفوا في بعضهم البعض، ما لم يعرفوه من قبل، أيام كانت السلطة محتكرة لكل شيء، والمعارضة محرومة من كل شيء، فلا مساحة تجمع بينهم، فكانت إرادة الإفناء هي القوة التي جرَّت الجميع إلى التعارف بدل فناء الجميع.

واتمنى لو أن الجزائريين، من المجتمع المدني خاصة، يقومون بتقديم مساعدات إنسانية، وبعثات طبية، للمجتمع الليبي، ومساعي سياسية لإصلاح ذات البين، فينقلون التجربة الجزائرية، ويجمعون أكبر قدر ممكن من الإطارات ممن كانت أو لا زالت لهم علاقات برجال ليبيا من الصادقين الأصفياء. ولمعرفتي بطبيعة الشعب الليبي، ما أظنه يتخلف عن الاستجابة لمبادرة يقوم بها جزائريون، لما بين الشعبين من حب وتعاطف وتواد.

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
10
  • عقبة

    ماذا تريدون من الجزائر ان تفعله؟قلنا لكم من البداية لا لادخال الناتو و حذرناكم منن عواقبه قلتم لنا اننا نحارب الثورة و اننا نرسل مرتزقة ! الان بعد ان لحق الفأس لرأس لم يبقى اي شيء نستطيع تقديمه فواحد يقول لك انا انقذ الثورة من الثورة المضادة و الاخر يقول لك انا انقذها من الارهاب؟
    و كل حديث المن علينا بدعم الثورة لا طائل منه فثورتنا كانت ضد الناتو و ليست معه و فعلنا الواجب و رفضنا تدخل الناتو و انتم من ارادتموه لانفسكم
    اما التجربة الجزائرية ليست مثال يعتد به لان حلها كان امني على اشلاء 200الف

  • تاجر

    بيييب بييييب بييييب الرقم الذي طلبتموه مغلق أو خارج مجال التغطية, يرجى المحاولة لاحقا ...

    la numéro de votre correspondant
    est injoignable pour le moment, l'appereil doit etre éteint ou en dehors de la zone de couverture bip bip bip

    the caller's number is not reachable at the moment, the appliance go must be switched off or out of the coverage area bip bip bip

    il numero del chiamante non è raggiungibile al momento, l'apparecchio go deve essere spento o fuori dalla zona di copertura bip bip

  • بدون اسم

    طالب ايران بالتدخل بما انك شيعي الهوى ... اما الجزائر فلا تتورط في حروب لا طائل منها

  • عبد الرحمن سرحان

    أقول لأخي الليبي وأنا حزين يداكا أوكتا وفوك نفخ. كنتم أيام الحكيم القذافي سادة بين الدول وتعيشون في أمن وأمان ولما قتلتم رئيسكم بأمر من أمريكا الغرب خنتم البلد وتقاتلتم بالمدد حتى كثر العدد من الأموات وقد ندم أكثركم على قتله قتل الهمج وتمنوا لو عاش زعيما ما حدث في ليبيا هذا الهرج..

  • ابن فتاح حسن

    ... بدل تمجيده و نشره ان نقل المرجعيات الغربية لكياننا كزرع عضو من جسم شيخ لصبي . علينا ان نتخلص من مخلفات عصر الانبهار( سلامة موسى ، العقاد ، العروي ....) و نبحث عن بديل ينبع من خصوصيتنا من تميزنا . ان الديموقراطية ،الليبيراليةو حرية التعبير .ليست تماثيل بلهاء توضع على رفوف بمتحف .انها عناصر فاعلة تطفوا و تتراجع قيمتها حسب السيا ق و حسب متطلبات الصيرورة . و ليست اوثان ننتحر على اقدامها بعناد و غباوة .

  • ابن فتاح حسن

    على الجزائريين ان يتعضوا من ليبيا .
    ان السياسة لم تكن في يوم ما اختيارا بين حسن و سيئ او بين ابيض ناصع و اسود حالك . بل كانت و ستبقى اختيارا بين سيئ و اسوأ منه بين اسود و احلك منه . فان كان نظام القذافي سيئا فان البديل كان الاسوأ .و هو حال ليبيا ،اليمن ، مصر و سوريا .فالديموقراطية و الليبيرالية .منتوجان غربيان ترتبا عن صيرورة تاريخية زمانية ومكانية تختلف عن سياقاتنا . و الانسياق وراءها هو انتحار سياسي و استلاب حضاري على نخبنا التحذير منه ...
    يتع

  • abo ahmed

    كيف تريد لهم أن يفعلوا شيئا وقد احترقت غرداية من قبل ولمدة قاربة السنة وهي تحترق

  • نجيب

    وصف ما يحصل في ليبيا بي الطبيعي بل و لخص اسبابه لي من يرقدون القبور متناسيا ان المسؤول الوحيد هم توار الناطو سواء جماعة الكرامة او جماعة فجر ليبيا ، .اولا سبق للجزائر ، ساعدت ليبيا علي تاميم نفطها . يا استاد الليبين لم يشبعوا دم ولم يتعبوا من القتال بعد لكي يجلسوا علي طاولة الحوار ..تم ليبيا تحت الفصل السابع بي قرار اممي لم تتعامل معه الجزائر ايجابيا تانيا لو كان للجزائر ان تضغط علي من يتدخل في ليبيا كالامارات وقطر والسعودية لصدتهم عن تدمير ليبيا او لاوقفتهم عن التلاعب باسعار النفط

  • مراقب جزائري

    3 ارباع المقال تتكلم فيه اخي العزيز على الجزائر .
    من العار في المجتمع الجزائري ان تذكر اخاك بواجب قدمته له يوم ما هذه واحدة .
    يا اخي الذين جلبو الناتو و دمرو البلاد لم يتكلم فيهم الليبيون كما تكلمو في الجزائر احشمو على راوحكم اخي العزيز .
    الان نعيد تربيتكم .
    القذافي يتكلم على دعم ليبيا للجزائر
    ثوار الناتو يتكلمو على دعم ليبيا للجزائر
    احنا معرفناش ليمن انصدو
    عمال العرب و الجزائرين تتعاملون معهم في ليبيا كا العبيد .
    احنا في العشرية كلكم اغلقتم الحدود الا تونس
    على كل حال اله يطفي النار عندكم

  • احمد

    شكرًا لك اخي الكاتب علي كلاماتك الصادقة والعفوية والتي تحاول جمع ولملمة الأطراف الليبية المتصارعة . وحرصك علي دعوة الوساطة و تدخل إيجابي وليس بشكل سلبي
    وايضاً هذا الإحساس والشعور بالألم الجيران والأشقاء . وفي نفس الوقت نحيي الدور الجزائري الذي لم يقوم لتغليب طرف علي حساب طرف اخر كما يفعل جيراننا الشرقيون .
    واعتقد جازما ان النضج الجزائري من خلال تجاربهم الوطنية السابقة . هي ما نعول عليه في ليبيا الجديدة