-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
شهادات صادمة لناجين من "رحلة الموت"

إدانة المتسببين بوفاة طفل وفقدان اثنين بوهران

ب. يعقوب
  • 470
  • 0
إدانة المتسببين بوفاة طفل وفقدان اثنين بوهران
أرشيف

أسدلت، مساء الخميس، المحكمة الجنائية الاستئنافية لوهران، الستار على أحد أثقل وأعقد ملفات قضايا الهجرة غير النظامية انطلاقا من سواحل وهران نحو شبه الجزيرة الأيبيرية، توبع فيه خمسة أشخاص أحدهم في حال فرار، ينحدرون من ولايات مختلفة في غرب ووسط البلاد، كانوا سببا بطريقة أو بأخرى في فقدان قاصرين من جنس ذكر لم يتم العثور عليهما لحد كتابة هذه السطور وقضت الغرفة الجنائية المذكورة بعقوبة 8 سنوات سجنا، في حق جميع المتهمين الأربعة، بينما أصدرت حكما بالمؤبد في حق شخص خامس فار يشتبه في فراره إلى الخارج عبر رحلة بحرية سرية، كونه يتحمل المسؤولية الكبرى في غرق القصر، حسبما دار في جلسة الخميس، التي استغرقت وقتا مطولا لطول مرافعات النيابة العامة، التي صنفت القضية ضمن أخطر جرائم تهريب البشر، لخطورة الوقائع التي توبع بها أفراد العصابة.
مع العلم أن ممثل الحق العام كان التمس تشديد العقوبات في حق المتهمين الموقوفين منذ ربيع 2019، لتسببهم في جنوح قارب صيد تقليدي الصنع في عرض البحر شمالي شاطئ عين فرانين في بئر الجير بوهران، وأسفرت الحادثة التراجيدية عن فقدان قاصرين 10 و14 عاما.
وواجه المتهمون الموقوفون الأربعة، تهما جنائية ثقيلة تخص جناية تعريض حياة القصر للخطر من طرف أكثر من شخص وضمن جماعة إجرامية منظمة، وجنحة تهريب المهاجرين، بينهم قصر، للمتهمين الخمسة بمن فيهم الهارب من قبضة العدالة، الذي فر بجلده إلى الخارج وفق المعلومات التي بحوزة الهيئات الرسمية في وهران، للإفلات من مواجهة تهم تدبير وتنظيم رحلات الإبحار السري مع تعريض حياة الأشخاص للخطر لتشجيع قصر ونساء وشباب على ركوب أمواج البحر في ظروف في غاية الخطورة، بحثا عن الفردوس الأوروبي المزعوم.
تفاصيل القضية الجنائية، تعود وقائعها إلى ربيع 2019، في أعقاب ورود اتصال هاتفي تلقته مصالح الأمن في حاسي بونيف من صيادين هواة، أشعروا الجهات الأمنية بوجود قارب جانح في عرض البحر على بعد 20 ميلا بحريا شمالي كريشتل، حيث تم وضع تشكيل مختص في الإنقاذ على جناح السرعة، نجح بعد ثلاث ساعات من تمشيط المنطقة البحرية ذاتها، في إنقاذ 14 شخصا تتراوح أعمارهم بين 16 و42 عاما من ضمنهم أطفال ونساء كانوا يصارعون الموت، وذلك بعد جنوح قاربهم الذي احترق محركه، حيث تم إجلاء الجميع على متن زورق الحماية المدينة إلى مبنى الفرقة المنتدبة لحراس السواحل في كريشتل، ومن ثم نقلهم إلى مستشفى قديل، ونقل طفل قاصر في ظروف حرجة إلى مستشفى الأطفال بمندوبية كنستيل لتعرضه إلى حروق بالغة الخطورة، لكنه لفظ أنفاسه بعد نصف ساعة من وصوله إلى ذات المؤسسة الاستشفائية، بينما لم تسعف الظروف المناخية وقتذاك بالعثور على قاصرين آخرين يبلغان 10 و14 عاما، لتعلن الجهات المختصة في وهران، عن تعذر إنقاذ المفقودين لعدة عوامل مناخية تحديدا.
وبحسب إحدى الناجيات من تراجيديا جنوح قارب الحراقة، فإن العصابة كان يديرها أحد الأشخاص في بئر الجير وله عدة وسطاء في حي ميرامار وحاسي بونيف وأحياء متفرقة بغرب وهران، وكان هذا الأخير يكلف شركاءه الأربعة باستقطاب الحراقة ومقابلتهم في مدخل بلدية بئر الجير واستلام تسبيقات مالية منهم، وضرب مواعيد لهم برحلات الإبحار، ومن ثم جمع الأموال المتبقية وإغراء الحالمين ببلوغ “الالدورادو الأوروبي”.

يبيع مسكنه لتأمين تكاليف “الحرقة”
وكشفت الناجية “م و”، أن هناك امرأة في العقد الثالث من العمر حاولت الهجرة غير الشرعية رفقة الحراقة، بغرض الالتحاق بعائلتها المقيمة في الجنوب الفرنسي، لكن لسوء الحظ أن الرحلة باءت بالفشل، وكانت قاب قوسين أو أدنى من الغرق المحقق، مشيرة إلى أن جميع الحراقة دفعوا ما مقداره 459 ألف دينار جزائري تكلفة رحلة الحراق الواحد، بينما اشترط على بعضهم زيادة تكاليف الهجرة السرية بـ180 ألف دينار مقابل ركوب أولادهم، كما أن أحد الناجين من الموت، لجأ إلى بيع مسكن فوضوي في بئر الجير بسعر 350 ألف دينار جزائري لتحقيق حلمه بوصول أوروبا.
كما أفصح أحد الناجين 27 عاما، أن العصابة كانت تستغل لهفة الشباب المغرر بهم ببلوغ سواحل الجوار الأوروبي، وتفرض تسعيرات من 450 ألف إلى 600 ألف دج لتدبير رحلات حرقة على متن قوارب خشبية بطيئة السرعة، مضيفا أن القارب تعرض في حدود الساعة الحادية عشرة ليلا إلى الجنوح بعد حريق نشب في محركه القديم، وأن الحراقة صارعوا الموت في عرض البحر، ناقلا شهادات صادمة عن مشاهدة قاصرين يتعرضان إلى الغرق أمام ركاب القارب الذين لم يكونوا قادرين على إنقاذ الطفلين.
في جلسة المحاكمة، حاول المتهمون الأربعة، إنكار حصولهم على الثراء في تجارة تهريب البشر، مؤكدين أن الشخص الفار كان من يخطط ويدبر ويحصل على الأموال، غير أن ممثل النيابة قاطع أحدهم “لكنك كنت شريكا في الجريمة ولم تشأ التبليغ عنها”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!