إدمان العمل.. ديناميت مدمر لعلاقتك الزوجية والحميمية؟

يحتفل العالم، في الفاتح من شهر ماي، باليوم العالمي للعمال. فتحتفي الطبقة الشغيلة بعيدها العالمي. لكن، هناك فئة من هؤلاء قد تحتفي به بزيادة مبالغ فيها، لكونها تُقدس العمل وتحترفه وتخلص فيه إلى درجة الإدمان. الأمر الذي قد ينعكس بالسلب على جميع أصعدة حياتهم الاجتماعية والأسرية والزوجية، بل وحتى الجنسية. على اعتبار أن الإرهاق هو أكبر عدو للرغبة وللقدرات الحميمية. فما هو إدمان العمل؟ وكيف يمكن أن يتجنب مدمنه انعكاساته الضارة على جوانب حياته الأخرى؟

هوس بالإنجاز الوظيفي

يُعرّف إدمان العمل بأنه انهماك الشخص وانغماسه في العمل، دون توقف أو ملل، إلى درجة عدم الشعور بالراحة، إلا عند ممارسته. وقد يصل به الأمر إلى الشعور بالذنب إذا لم يتمكن من القيام بعمله أو الوصول إليه. فتغدو بذلك حياة المدمن تدور وتنحصر بالكامل حول شغله. الأمر الذي يؤثر سلبا على علاقاته الاجتماعية والأسرية والزوجية، وعلى صحته الجسدية والنفسية. وبما أنه يمكن الخلط بين إتقان العمل والإخلاص فيه وبين الإدمان عليه، فإن هنالك مجموعة أعراض يتميز بها مدمن العمل، منها: الانشغال بأعمال كثيرة في معظم الوقت، واصطحابها إلى المنزل حتى في وقت الإجازات، الشعور بالذنب في حالة الراحة، تفضيل العمل على التفاعل والتواصل الاجتماعي، ما ينجر عنه الغياب عن معظم الفعاليات والمناسبات الاجتماعية والأسرية، غياب الهوايات والعمل حتى في حالة المرض، الانزعاج من فقدان السيطرة وعدم التحكم في كل الأمور.. إلخ

كاروشي وتبعات أخرى

لإدمان العمل أسباب عديدة. فالأشخاص المصابون بالوسواس القهري، هم الأكثر عرضة للإصابة به، إضافة إلى الأفراد الذين يسعون للكمال والمثالية. في حين، هناك من أدمن العمل جراء وجوده في بيئة تنافسية أو تحتاج إلى اهتمام مبالغ فيه بالتفاصيل. كما أن هناك من يربط بين العمل والإنتاجية فيه والسعادة، لكونه يُشعره بقيمته. وهناك كذلك، من يُدمن العمل هروبا من مشاكل معينة.

إن الضغط النفسي والجسدي، الذي يتعرض له مدمن العمل، يجعله عرضة للكثير من المشاكل الصحية، كاضطرابات النوم، الضعف الجنسي، مشاكل العظام، الآلام المزمنة خصوصا في الظهر والرقبة، الأمراض العصبية.. وقد ينتهي به الأمر إلى أن يكون ضحية من ضحايا فاجعة كاروشي karoshi، وهو مصطلح ياباني، يعني الموت بسبب الإفراط في العمل والإدمان عليه. وهي الظاهرة التي تستفحل بشدة في اليابان وفي مختلف بقاع العالم.

ما علاقة إدمان العمل بالضعف الجنسي؟

يؤثر إدمان العمل بشكل سيئ جدا على استقرار العلاقات الزوجية، لغياب مدمن العمل عن المشاركة في أغلب شؤون ومشاغل أسرته، وإهماله شريكه الزوجي ومتطلباته العاطفية أو المادية أو حتى الجنسية. فمن الآثار السلبية لإدمان العمل، تأثيره على العلاقة الحميمية بين الزوجين، التي قد تسوء أو تنقطع جراء عدة أسباب، منها انشغال مدمن العمل الدائم بشغله.. وبالتالي، تقصيره في ما يخص اهتمامه بالمعاشرة الزوجية وحرمان شريكه الزوجي من حقه في الفراش. هذا، زيادة على أن الإرهاق الناجم عن إدمان العمل يعتبر أكبر عدو للقوة والرغبة الجنسية عند الرجل، ناهيك عن المشاكل النفسية العديدة، التي يعاني منها غالبا مدمن العمل، التي تجمع ما بين الاكتئاب والقلق، والتوتر والضغط، والهلع والعصبية. الأمر الذي قد يصاب جراءه بالضعف الجنسي. ونفس الأمر بالنسبة إلى المرأة التي قد يصيبها إدمان العمل، بنقص الرغبة الجنسية. وطبعا، كل ذلك، سيسبب توترا وخلافات بين طرفي العلاقة، قد تصل إلى الخيانة أو الطلاق. لهذا، وجب إيجاد توازن بين الحياة المهنية والزوجية، وعدم الخلط بين إدمان العمل والاجتهاد فيه وإتقانه.

كيف تتعامل مع إدمان العمل؟

وللخلاص من إدمان العمل وتبعاته، ينصح الخبراء بمجموعة نصائح، كمحاولة التوقف عن العمل والتفكير فيه في ساعة معينة من اليوم، مع تخصيص وقت ولو قصير لممارسة هواية يفضلها كالرياضة والقراءة والاستماع للموسيقى، أخذ إجازة وقضائها مع الأهل والأصدقاء وممارسة أنشطة ترفيهية خلالها، الابتعاد عن السموم الرقمية، كالهاتف والكمبيوتر لفترات محددة، التركيز على جودة العمل بدل مدة وقت إنجازه.. وإذا لم تنجح كل تلك الحلول، لابد من طلب المساعدة المتخصصة.