-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
رئاستها الدورية للاتحاد الأوروبي في أيامها الأخيرة

إسبانيا تفشل مرة أخرى في دفع بروكسل للضغط على الجزائر

محمد مسلم
  • 25838
  • 0
إسبانيا تفشل مرة أخرى في دفع بروكسل للضغط على الجزائر

راهن المتعاملون الإسبان على الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، كي تضغط مدريد انطلاقا من موقعها كقائد للدول الـ27، على الجزائر من أجل رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها، غير أنه وعلى الرغم من مرور أربعة أشهر وعلى بعد نحو شهرين فقط من نهاية مدة الرئاسة، لا تزال إسبانيا عاجزة عن القيام بمساعي أوروبية حقيقية لرفع العقوبات الجزائرية.

وقبل أن تتسلم إسبانيا الرئاسة الدورية من فرنسا بداية جوان المنصرم، صرح وزير الخارجية الإسباني المؤقت، خوسي مانويل ألباريس، قائلا إن مدريد ستعمل من موقع رئاستها للاتحاد الأوروبي، للدفع بعلاقات جيدة مع بلدان المغرب العربي، غير أن القطيعة الدبلوماسية وحتى الاقتصادية بين الجزائر ومدريد لا تزال مستمرة، ملقية بظلالها على الصادرات الإسبانية تجاه الجزائر.

ومنذ مارس من السنة المنصرمة، توجد السفارة الجزائرية بمدريد من دون سفير بعد استدعائه، أما السلع الإسبانية فبالكاد تصل الموانئ الجزائرية، ما تسبب في إغلاق الكثير من الشركات الإسبانية التي كانت تتعامل مع الجزائر أبوابها، مسرّحة عمالها بعدما تكبدت خسائر فادحة، الأمر الذي دفعها إلى المطالبة بتعويضات من حكومة بيدرو سانشيز، باعتباره المسؤول عن هذه الأزمة بقراره تغيير موقف بلاده التاريخي من القضية الصحراوية، وتوجهه نحو دعم أطروحة الحكم الذاتي، التي دفع بها النظام المغربي.

وخلف غياب أي مبادرة من الجانب الإسباني عبر بوابة الاتحاد الأوروبي، استغرابا لدى المتابعين الإسبان، ولاسيما المتعاملين الاقتصاديين المتضررين من العقوبات الجزائرية، الذين كانوا يراهنون على موقف أقوى من مدريد مدعوم من الاتحاد الأوروبي، لحمل الجزائر على رفع العقوبات المسلطة على إسبانيا، وذلك بالرغم من التغيير المسجل في موقف الحكومة الإسبانية من القضية الصحراوية، وفق ما جاء في كلمة سانشيز الخميس المنصرم، أمام أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما تجاهل تماما مخطط الحكم الذاتي مقابل تركيزه على “دعم جهود الأمم المتحدة” و”حل مقبول من طرفي النزاع المغرب وجبهة البوليساريو”.

ووفق تقارير إعلامية، فإن عدم تحمس حكومة تصريف الأعمال التي يقودها سانشيز لتوظيف ورقة رئاستها للاتحاد للضغط على الجزائر، نابع من فشل المحاولات التي قامت بها مدريد في بدايات الأزمة، حيث لم تحصل حكومة سوى على تصريحات إعلامية لمسؤولين صغار في الاتحاد الأوروبي، لم تقدم ولم تؤخر شيئا، بل زادت من غضب الطرف الجزائري الذي صعّد من غضبه على حكومة مدريد ووزير خارجيتها الذي وصفه بيان للخارجية الجزائرية بـ”الدبلوماسي الهاوي”.

أما السبب الثاني الذي أحبط عزيمة حكومة سانشيز، فهو التضامن الغائب من الدول الأوروبية مع إسبانيا، ولا سيما الكبرى منها، التي استغلت الأزمة بين البلدين لتعزز من علاقاتها مع الجزائر، والإشارة هنا إلى إيطاليا التي تعتبر المستفيد الأول من الأزمة، بتحولها إلى قطب لاستيراد الغاز الجزائري وإعادة تسويقه إلى قلب أوروبا، والدور الذي كانت إسبانيا قد أنفقت لأجله الملايير من اليوروهات، لتوفير البنى التحتية اللازمة لتسييل الغاز الجزائري وتخزينه ثم تصديره إلى جيرانها الأوروبيين. ومن سوء حظ مدريد أن أزمتها مع الجزائر جاءت في ظل أزمة طاقة عالمية بسبب العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا كما تسميها موسكو.

كما أن الوضع السياسي الداخلي في إسبانيا المرتبط بنتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة التي لم تكن حاسمة، والتي أجلت كما هو معلوم تنصيب الحكومة الجديدة، وبقاء سانشيز كرئيس حكومة تصريف أعمال، تسبب في استمرار الأسباب التي كانت وراء القطيعة الجزائرية الإسبانية، لأن الطرف الجزائري كان قد أكد في عز الأزمة بأنه لن يتحاور مع حكومة يقودها سانشيز، من أجل العودة إلى مرحلة ما قبل مارس 2022، تاريخ انحراف موقف حكومة مدريد من القضية الصحراوية.

وتبقى العلاقات الجزائرية الإسبانية رهينة تشكيل حكومة هذه الأخيرة، التي يبدو أنها ستطول، لأن المعطيات الواردة من شبه الجزيرة الإيبيرية تشير إلى أن الدعوة لانتخابات تشريعية جديدة يتوقع أن تكون في 23 من شهر نوفمبر المقبل، ما يعني أن الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي من قبل إسبانيا والمقدرة بستة أشهر، ستنتهي قبل تنصيب الحكومة الجديدة يرجح أنها ستكون من دون سانشيز.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!