الرأي

إسرائيل على حدود الجزائر!

قبل ثلاث سنوات، كشف يوسي ألفر، القائد السابق في جهاز الموساد، عن “عقيدة الأطراف” التي مارستها دولة الكيان الإسرائيلي منذ عهد مؤسِّسها بن غوريون، التي تستهدف كسر العزلة الدبلوماسيّة من خلال بناء علاقات متقدّمة مع الدول غير العربيّة وغير المسلمة، التي لها حدودٌ مشترَكة مع الدول العربيّة والإسلاميّة المناهِضة للاحتلال، لأجل اختراق الأطراف التقليدية في نهاية المطاف أو على الأقلّ محاصرتها.
يبدو ذلك ما تنفِّذه إسرائيل اليوم بخصوص الجزائر، فقد نجحت أخيرا في تفعيل علاقاتها المتعثّرة مع التشاد منذ السبعينيات، من خلال الزيارة التاريخية للرئيس إدريس ديبي إتنو إلى تل أبيب، وهي في تقديرنا لا تقلّ خطورة عن استقبال سلطنة عمان لنتنياهو قبل أسابيع، لأنّ التشاد دولة مسلمة ذات أغلبيّة سنيّة مالكيّة، وتحتلّ فيها العربية إلى جانب الفرنسيّة موقع اللغة الرسميّة، فضلاً عن موقعها الجغرافي إقليميّا، وحدودها المفتوحة مع السودان وليبيا وعلى صحراء الساحل الإفريقي قريبًا من الجنوب الجزائري.
طبعا مجال التعاون الأساسي بين التشاد وإسرائيل سيكون المجال العسكري التقني والاستخباراتي، على غرار دول إفريقية أخرى تواجه تحدّي الجماعات المسلّحة، لتصبح بذلك الجزائر مطوَّقة بعيون الكيان الصهيوني من كلّ جانب!
ليس ذلك مبالغةً، بل هو ما يعضده الواقع والقرائن، فالمملكة المغربيّة علاقاتها تاريخية مع الكيان الصهيوني، حتّى إن “ألفر” يؤكّد في مذكّراته أنّ العلاقات السريّة بين إسرائيل والمغرب كانت ولا تزال مميّزة في استمراريتها وفي حجمها، وقد فتحت لها الباب على مصراعيه لدخول العالم العربيّ، كما أشار “يوسي” إلى أنّ استجلاب كيان الاحتلال لمئات الآلاف من اليهود المغاربة كان خطوة غير مسبوقة، عبدّت الطريق أمام تطوّر العلاقات الاستخباريّة العميقة جدا بين البلدين!
وفي تونس، نفّذت عناصر الموساد نهاية 2016، في عمليّة استعراضية ونوعيّة، اغتيال مهندس الطيران الشهيد محمد الزواري في مدينة صفاقس، مثلما قتلت القيادي جهاد أبو خليل قبل 30 عاما.
أمّا الحليف الجديد موريتانيا، فهي متّهمة بالتستر على دفن نفايات نووية إسرائيلية في صحرائها، وكانت ثالث دولة عربية بعد مصر والأردن تفتح سفارة للكيان الصهيوني في 1996، إذ توطّدت العلاقات الثنائية في عهد معاوية ولد الطايع، قبل أن يعلن قطعَها الرئيس محمد ولد العزيز في قمّة غزة عام 2009.
ويبقى من نافلة القول التذكير بنفوذ إسرائيل في منطقتي القرن وحوض النيل، مع تغلغل المخابرات الصهيونيّة في منطقة الساحل الإفريقي.
لا شكّ في أنّ قادة الكيان الإسرائيلي يدركون الأهمية الكبيرة لإفريقيا ضمن إدارة الصراع، نظراً إلى ثقل الصوت الإفريقي في الأمم المتحدة، وهم يسعون بكل الطرق لكسر هذه الكتلة المكوَّنة من 54 دولة، التي تضمن غالبية تلقائية ضدها في المحافل الدولية.
وقد أسفرت المحاولات النشيطة والمستمرّة للاختراق، من طرف الكيان الصهيوني، عن تدشين ثلاث سفارات جديدة عام 2016 بجنوب السودان، ورواندا، وزامبيا، زيادة على إحدى عشرة سفارة لدول إفريقية في إسرائيل، لولا الإخفاق في عقد قمة “إفريقيا- إسرائيل للتنمية والأمن”، التي كانت مقرّرة خريف 2017.
هذه المعطيات تجعل الجزائرَ العدوَّ العربي والإفريقي الأول لإسرائيل؛ ففضلاً عن ارتباطها الوثيق بالقضيّة الفلسطينيّة، فهي اليوم جدار الصدّ الأخير بعد تدمير “رباعي الصمود” اليمني والعراقي والسوري والليبي، وقبله تحييد مصر منذ كامب ديفيد، فهل نعي ذلك؟

مقالات ذات صلة