جواهر

إكرامية ” إكرام ” وحلم القاورية

أماني أريس
  • 9239
  • 37
ح.م

عندما كنت أتصادف بعناوينها التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي، لم يخطئ حدسي في توقع فحواها، وكونها مجرد حدّوثة شعبية يلفها الغموض، وتشوبها الكثير من الثغرات ليطول زمن ضجتها، لكنّ الذي جعلني أخضع عضلة قلبي لتمرين رياضي بالاطلاع على تفاصيلها، هو ذلك الاهتمام الذي حظيت به، ووصولها إلى منابر الأئمة، وبلاطوهات الحوارات الساخنة، بتسبيق إعلاني غاية في التشويق والتحمية الشعبوية.

لا شك أنكم عرفتم أي قصة أقصد بالضبط؛ إنها قصة الفتاة الجزائرية ” إكرام ” وزوجها المغترب “عبد القادر”. لا أخفيكم سّرا أنني أشعر بالحسرة العميقة كلّما رأيت قصصا من هذا النوع تثير الضجة العامة، وتكتسح اهتمام عدد كبير من الناس في مجتمعنا، فالقصة حسبما تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي ليست بالجديدة من نوعها فلماذا تثير كل هذه الضّجة؟ فإن كان على الخيانة الزوجية، والإبتزازات، وزيجات المصالح، والديوثة، وإفشاء الأسرار الزوجية، ونشر الصور الشخصية، والتجارة بالدين، فلا أحد يستطيع أن ينكر أنها باتت أمورا مألوفة، أو بتعبير أدق مألوفا صدورها عن شرذمة  تتهالك إنسانيتها  ومبادؤها في مستنقعات الدنيا ومغرياتها، حتى لا نبخس الشرفاء حقهم ونسيء إليهم بجريرة تلك الشرذمة.

قلّبت القصة من جميع الجوانب ولم أتوصل إلى معرفة المغزى من الاهتمام المبالغ فيه بها، بل إنني بِتُّ مقتنعة أنها بكل تفاصيلها ضرب من ضروب الفاحشة التي أمر الله بسترها لا بإشاعتها. وقد اتضحت لي – على الأقل- مغبّة ذلك وأنا أعرّج على ردود الأفعال ومختلف الأقوال حولها، حيث استوقفتني تلك الأصوات التي تنادي “جادّة” بإعادة النظر في الزواج من بنات الوطن، وكأنّي بـ ” إكرام ” قد أكرمت جماعة الحالمين بـ ” القاورية ” نقيعا باردا على قلوب محرورة.

والأدهى والأمرّ أن هذه الجماعة لا تقتصر على فتية مراهقين، مازالت أحلامهم الوردية تدغدغ قلوبهم وتحلّق بهم إلى عالم شقراء جميلة نقية القلب والوجه لا شية فيها، وتتوالى معها البركات المادية والمعنوية. بل جادت إكرامية ” إكرام ” لتشمل حتى أولئك المحسوبين على الرشد، والمتطفلين على الثقافة والوعي، لينخرطوا هم أيضا في حزب التشجيع على ” القاورية ” مادامت الجزائرية حسب اعتبارهم لم تعد موضع ثقة حتى لو أتت بيدها خضراء من الجنّة.

ماذا لو أتينا بمزاعمهم وأخضعناها للمساءلة فهل ستطأطئ رأسها ونحن نفضح مدى هشاشة أسسها وغياب منطقها؟ إن كان الدين والأخلاق والقيم والشرف والعفة والحياء هي مطالب هؤلاء، فهل بإمكانهم إقناعنا أنها صفات متوفرة في القاورية دون الجزائرية؟

هنا وجب أن نطرح علامة الاستفهام الكبرى؛ لماذا يضع هذا الصنف من شبابنا قائمة طويلة من الشروط التي يجب أن تتوفر في ابنة البلد حتى يحصل لها شرف الارتباط بأحدهم، بينما إذا ما استفاق عنده حلم القاورية تشطب تلك الشروط من القائمة تباعا؟

لأمثال هؤلاء نقول إن الرجولة والنخوة والغيرة على الهوية والدين والوطن؛ قيم لا تقبل التقسيط، ولا التقليص والتمطيط حسب المصالح الشخصية، إنما هي صفات رجل واع، نزيه، ثابت، متصالح مع ذاته، صادق الوعد مع الله، ولا حظّ  فيها لمرجف تشبّع بعقد الدونية وأصبحت كل غانيات الحي لا تعجبه ولا تطربه!

مقالات ذات صلة