الرأي

إنها المظلومة التغبوية!

جمال لعلامي
  • 2802
  • 14

بعد شهر من الخصومة، جاءت “العزومة” والتقت الوزيرة بالنقابة، وتعانقا وكأن شيئا لم يكن، واعترفت الوزيرة بأن الجميع خسر في الإضراب، وأن التلاميذ وحدهم الضحايا، وأن استدراك الدروس ليس سهلا، لكن لا الوزيرة ولا ضيفتها النقابة، اعتذرا، وطلبا الصفح من الضحايا، ولكم أن تتصوّروا كيف يعترف هذا أو ذاك، بالخسارة بعد 30 يوما من “التغنانت” وركوب الرأس؟

المثل يقول: الاعتراف سيّد الأدلة، وانطلاقا من اعتراف المتخاصمين، يجب طرح السؤال التالي: من يدفع الآن ثمن هذه الخسارة؟ وهل هكذا تنتهي المعركة الخاسرة بلا عقاب؟ أوليس من الاستفزاز أن “يتوب” الذين تسبّبوا في الضرر المادي والمعنوي للأساتذة والتلاميذ والمدرسة، بعد وقوع الفأس على الرأس؟ والدليل أنهم قالوا إن الاستدراك ليس سهلا!

من المفروض أن تخرج السيدة وزيرة التربية، ومعها “قادة” النقابة، فيعلنوا أمام الناس وهم في كامل قواهم العقلية والنفسية، أنهم أخطؤوا، وخير الخطائين التوابون، ويتقدّموا بلا عقدة ولا حسابات، إلى كلّ التلاميذ وأوليائهم، وكذا الأساتذة المعزولون وغير المطرودين، ببالغ اعتذاراتهم، على الضرر الذي تسببّوا فيه لهم، طوال عدّة أسابيع، وهاهم الآن يعترفون بخطئهم لكنهم لا يعتذرون!

ما حدث في قطاع التربية خلال الإضراب، ومازال يحدث بعد توقيفه، لا يمكنه إلاّ أن يقرأ حيثيات وتفاصيل أزمة مفصلية عميقة تضرب “المظلومة التغبوية” في مقتل، فلا تسألوا لاحقا عن المستوى ومعدلات الفصل الثاني ونتائج الامتحانات ونسب النجاح في البكالوريا و”البيام” و”السانكيام”!

نعم، إن الاعتراف بصعوبة أو استحالة تعويض الدروس الضائعة خلال فترة الإضراب، هو بمثابة الشروع في تفتيت الصدمة القادمة، أو هو تبرير الآتي من أحداث تخصّ تحديدا نتائج التلاميذ، ولذلك، لا يستبعد أن يلجأ الأساتذة تحت “الرعاية السامية” للنقابات والوزارة، إلى “تسمين” النقاط، حتى لا تظهر نتائج الأزمة وحتى تتباهى بعدها الأطراف المتصارعة بالأرقام “الأولى من نوعها منذ الاستقلال” رغم الإضرابات!

صدق من قال: “روحي يا القرايا رحتي خسارة”، بعدما قالوا: “ألـّي قرا قرا بكري”.. فالحاصل يا جماعة الخير، قلب الموازين وحوّل التربية قبل التعليم إلى ما يشبه عملية “صولد” لمن لا يدفع أكثر، أو لمن يدفع أقلّ، وهو ما دوّخ الجميع، لأن المدرسة دخلها التسييس و”النسّيس” وتحوّلت إلى حلبة للملاكمة بين “الجيجان” و”الفرارج”، فسقطت المدرسة في المستنقع!

الإضراب انتهى بلا غالب ولا مغلوب، أي بلا رابح أو “مربوح”، هذا ما قالته الوزيرة والنقابة، لكن من يدفع “التعويض” وبأثر رجعي إلى الخاسرين الفعليين؟

مقالات ذات صلة