الرأي

احموا البكالوريا!

قادة بن عمار
  • 17840
  • 14
ح.م

الكلام الأخير، ومن أعلى مستوى، عن وجود مؤامرةٍ ضدّ البلاد والعباد، وعن جهات تسعى إلى تخريب الاقتصاد الوطني وإفساد حياة المواطنين، يستدعي الكثير من التوقف وإبداء الملاحظات في انتظار نتائج التحقيقات الرسمية التي وعد بها الوزير الأول بخصوص ما حصل في قطاع البريد من نقص للسيولة النقدية، وفي الغابات من حرائق، وفي المياه من انقطاع مفاجئ للتزوُّد بهذه الخدمة خلال يومي العيد.

نقول هذا الكلام ونحن على أبواب إجراء امتحان البكالوريا الذي يُعدّ موعدا هاما بالنسبة إلى الملايين، وعادة ما يتم استهدافه واستعماله من طرف “جماعات مجهولة” هنا وهناك، بنيّة التشويش على الطلبة من جهة، ولإدخال البلاد في ورطة غير محسوبة العواقب من جهة ثانية، وقد حدث الأمر أكثر من مرة، ولا نريده أن يتكرر في مثل هذا الظرف الخطير مجددا.

بكالوريا هذه السنة لن تحتمل الكثير من المغامرات أو الحسابات الزائدة، فهي بكالوريا استثنائية أصلا، وبكل المقاييس، ذلك أنها تُجرى في ظروف صعبة للغاية، بسبب انتشار وباء كورونا ونتيجة لشعور الطلبة رفقة عائلاتهم بضغط نفسي شديد وبإرهاق غير مسبوق، لكن التحديات لا تقع على عاتق هؤلاء فقط، بل يتم طرحها على مستوى التنظيم أيضا، وتتعلق أساسا ببروتوكول الصحة والإجراءات المتخذة لتطبيقه ومدى الحرص على احترام تعليماته.

نخشى أن التعليمات ستبقى حبرا على ورق، والبروتوكول الصحي لن يجد من ينفذه بشكل سليم، فالجهات الوصيّة تبدو متأخرة جدا في إجراءاتها، تماما مثلما نخشى أن يكون استهداف البكالوريا قد بدأ فعلا، ونحن نتعامل في مواجهته بردّ الفعل فقط، وإلا كيف نفسِّر التناقل السريع والواسع، لتلك التصريحات الكاذبة والمنسوبة إلى الأمين العام للوزارة بخصوص اعتماد نظام الإنقاذ والاكتفاء بالمواد الأساسية في الامتحان؟ أمرٌ نفته الوزارة سريعا، ووضعته في خانة “التشويش على الممتحنين وأيضا تغليط الرأي العام”.

مثل هذه الأخبار الكاذبة والإشاعات يجب ألا نتعامل معها بمنطق النفي المكرر والرد الجاهز فقط، أي بيان ضدّ بيان، مثلما تفعل الوزارة الوصية، بل يجب الانتقال إلى مرحلة أخرى تتعلق بكشف الواقفين وراءها ومن يغذيها بنيّة تلويث المناخ العام، فمثل هذه الأخبار الكاذبة وإن لم تحقق غرضها سريعا، فهي ستكون بمثابة قنبلة موقوتة، وورقة قد يستعملها البعض لدفع التلاميذ نحو الغضب أو تحريضهم على رفع سقف مطالبهم في ظل وضع خطير واستثنائي.

يحتاج الطلبة منّا إلى دعم كبير وتضامن واسع، أكثر من أي وقت سابق، فضلا عن متابعة دقيقة لعمل وزارة التربية والحكومة عموما من أجل تطبيق بروتوكول الصحة، والاستعانة بالكفاءات والإطارات النزيهة في التعامل مع الأزمة بشكل صحيح. ولعلّ حملة التطهير التي يمارسها الوزير محمد واجعوط منذ مدة، تدخل في خانة الحرب المركّزة لتعيين تلك الكفاءات، أو هكذا نتمناها، وإن كان توقيتها قبل البكالوريا بأيام قليلة يطرح تساؤلاتٍ عديدة ويثير الكثير من علامات الاستفهام والتعجب.

مقالات ذات صلة