الرأي

اخزوا الشيطان!

جمال لعلامي
  • 651
  • 4
ح.م

خليه، يبيع الدجاج ولّا يبيع أعضاء الناس كما قرر المسؤولون عن قطاع الصحة في القانون الجديد.. وكذلك الإداري، يفتتح محلا، أو يشتغل بالتجارة ولا يقبل الرشوة والفساد، على أن تكون تلك الأعمال غير مؤثرة على حسن تأدية عمله الأساسي.. والأصل أن يستغنى كلاهما عن ذلك بالأجر العادل الذي يغني عن الفساد وعن التجارة، لكن أين هو ذلك الأجر؟
يبدو أن الطلاب المتفوقين لن يختاروا مهنة الطب من اليوم فصاعدا، بل مهنة البرلمان والسياسة، وعلم النفس والاجتماع، ربما يستطيعون تغيير السياسات الاقتصادية والسياسية نحو الأفضل ويرفعون من أجور الموظفين والعمال. بعد ذلك يمكنهم إرسال أولادهم إلى دراسة الطب.

السيّد عبد النور

..هذا الردّ جاء تعليقا على عمود “الطمع يفسّد الطبع”، الذي أثرت فيه قصة “الطبيب” الذي زاوج مهنته ببيع الدجاج المحمّر، من أجل زيادة أجره ورزقه بعرق جبينه وبالحلال، حتى وإن صدق سي عبد النور، في عدّة نقاط ومحاور، إلاّ أنني قد اختلف معه في المضمون والشكل أيضا! تصوّر لو تمّ الترخيص لكلّ الموظفين، خاصة منهم أصحاب المهن الحسّاسة، بازدواجية الوظيفة، وتصوّروا معي عندما يدخل الطبيب إلى غرفة العمليات، مثلا، وتصله مكالمة ورسالة نصية، من زبون تطلب منه دجاجة، أو من شريكه الذي يعلمه بأن “الجاج” انتهى ويجب الذهاب إلى سوق الجملة أو إلى الخمّ لإحضار كمية إضافية، “فالحالة راهي حاكمة”؟
أعتقد، أن هذا الطبيب، سينسى العملية، وينسى أن بين يديه إنسانا، يجب إنقاذ حياته، وقد يُخيّل له في لحظة حساب تجاري، أنه بصدد تقطيع دجاجة لزبون في محله، فبدل أن يُعيد الحياة إلى المريض، فإنه يقطع شرايين أو يمزق عضوا لا علاقة له بالعملية الجراحية، وتقع الكارثة، بسبب “جاجة روطي”!
يا جماعة الخير، “اخزوا الشيطان”، الطبيب طبيبا، والجوّاج جوّاجا، والتاجر تاجرا، والمحامي محاميا، والصحفي صحفيا، والقاضي قاضيا، والشرطي شرطيا، والأستاذ أستاذا، والنجار نجارا، والحارس حارسا، والبناء بناء، وخدام الرجال سيدهم، لكن كلّ في موقعه وتخصّصه، وحسب ما تيسّر له، وإن الله لا يكلّف نفسا إلاّ وسعها!
أمّا وأن يتحوّل هذا إلى “كلونديستان” وذاك إلى جزّار، والآخر إلى حلواجي، وهم في الأصل والفصل اختاروا مهنا أخرى عن قناعة، أو لحسابات خاطئة، فهذا لا يمكنه بأيّ حال من الأحوال أن يبرّر الانحراف والجشع، وصدق من قال قديما وحديثا “ألـّي ما قنع ما شبع”، وهو حال الكثير من الطمّاعين، الذين تعميهم المادة، وهذا طبعا لا يخصّ صغار الموظفين فقط، وإنما هناك أيضا وزراء وولاة وأميارا ومديرين عامين ونوابا، سابقين ولاحقين، أحياء وأموات، ممّن لم يكتفوا فقط بمضاعفة رزقهم بعمل آخر، وإنما هناك من استغلّ منصبه ووضعه تحت تصرف الوظيفة الثانية!

مقالات ذات صلة