-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ارفعوا الأثقال عن صندوق الزكاة

جمال غول
  • 941
  • 1
ارفعوا الأثقال عن صندوق الزكاة
ح.م

منذ عدة أسابيع شرعت بعض مديريات الشؤون الدينية على مستوى ولاياتها في جمع أموال التبرعات عبر مساجد الولاية كل جمعة لصالح صندوق الزكاة بدل جمعها لإنجاز المساجد التي هي في طور الإنجاز،

فإذا كان صندوق الزكاة يحتاج إلى تبرعات، فكيف سيصمد أمام ما للفقراء من احتياجات؟ وكيف سيصمد أمام الهجمات والافتراءات؟ وكيف سيصمد أمام ما يثقل كاهله من الممارسات؟

كثيرا ما تعرّض الصندوق إلى هجمات معنوية ومادية من قبل من أقلقهم وأغاضهم وأقضّ مضاجعهم وجود هذا المشروع، وهم الذين يُقلقهم كل مشروع صحيح واعد يخدم دين ووطن الأمة الجزائرية، فبذلوا أموالهم ليصُدُّوا عن سبيل الله ولكنها ستكون عليهم حسرة ثم يُغلبون .
هذه الهجمات التي كثيرا ما تشوّش على الثقة المطلوبة في مثل هذه المشاريع خاصة عندما تُصدِّقها تصرفاتٌ وممارسات بعض المحسوبين على إدارة هذا المشروع سواء كانوا هيئات أو مسؤولين أو شخصيات، زادت من إيقاع الثقل على كاهل المشروع .

كما أنه لم يسلم من انتقادات وافتراءات من قبل بعض من يُحسبون على التيارات الإسلامية -على تنوعها وتعددها- غَيرةً على المشروع أحيانا وبحسن نية أو جهلا تارة أخرى، وهذا ما يخدم أعداء الصندوق المتربصين به، فيطيرون بها دعما لحججهم ومزاعمهم في حربهم عليه وزعزعة ثقة الجماهير به.

وعندما يَطِلُّ عليك أحد المسؤولين المركزيين من خلال نزول مكثف على وسائل الإعلام بأمر من وزيره السابق محاولا التدليل والإقناع بأن صندوق الزكاة الموجود في المساجد هو سبب الفتنة والسرقات وحتى الاعتداءات على الأئمة التي تقع في هذه المساجد ولا حل إلا بنزعه واقتلاعه، حينها تجد نفسك باهتا من هدف شيْطَنة هذا الصندوق الموجود في المساجد ونزعه منها، ولا تجد تعليقا مناسبا إلا أن ذلك من باب الحق الذي أريد به باطل، وبدل أن يسعوا صادقين إلى حماية الإمام حقيقة، وتوفير الآليات الواقعية لتلك الحماية، راحوا يصرفون النظر عن المخاطر الحقيقية التي تحيط بالإمام إلى أخرى وهمية على غرار صندوق الزكاة، وعندئذ يحق لنا أن نشبِّه حَلَّهم المقترح بما اقترحه ذاك المعتوه حلا للحفرة التي يسقط فيها الناس ليلا بتحويلها وتقريبها إلى المستشفى!

وعندما تسعى بعض مديريات الشؤون الدينية والأوقاف لتضخيم مداخيل صندوق ولايتهم لمآرب في نفوس مسؤوليها عن طريق جمع التبرُّعات لصالح صندوق الزكاة فيتضخَّم بملايين لا علاقة لها بزكاة الأموال، فلا يمكننا والحال كذلك أن نقيّم الصندوق تقييما صحيحا، وما حال هؤلاء الذين يحبُّون أن يُحمَدوا بما لم يفعلوا إلا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المتشبّع بما لم يعط كلابس ثوبي زور”، كما يصح فيهم المثل الجزائري (المكسي بحوايج الناس عريان)، وهذه الحيلة تؤدي إلى حرمان المساجد التي هي في طور الإنجاز من التبرعات التي كانت تجمع لها في الجمعات خاصة إذا تكرر الأمر عدة جمعات، فيتسبب صندوق الزكاة في تعطيل إنجازها وهو الذي ينبغي أن يُسهِم في بنائها من خلال سهم (وفي سبيل الله) على القول الذي يوسِّع هذا السهم من الجهاد إلى بناء المساجد وغيرها مما ينفع الناس من المرافق العامة، فيكون حال هذه المديريات كحال المثل القائل (جا يكحلها عماها) فمتى تتوقف هذه المديريات عن مثل هذه الممارسات التي لا تزيد المصلين إلا نفورا واشمئزازا؟

عندما تنجح الوزارة في إقناع الملتزمين – قبل غيرهم من الناس- بما فيهم بعض الأئمة أن صندوق الزكاة إنما أنشِئ في عام 2002 ليكون وجها من أوجه تحكيم الشريعة في المجتمع وليكون آلية من آليات تفعيل التكافل والتعاون الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء، فيكون هو المعين بعد الله تعالى لكثير من العائلات على بعض نوائب الدهر بعد أن يحظى بالثقة اللازمة التي تؤهله للنجاح والوصول إلى الأهداف تدريجيا، فلن تجد بعض الأئمة يطعنون في آليات المشروع فضلا عن أن يطعنوا في أصله، أو أن يشككوا في مصداقيته، ولا تجد حينئذ من يُقدِّم صندوق التبرعات عليه بشتى أشكال التقديم، كما لن تجد من لا يتكلم عنه أصلا فضلا عن أن يتكلم عنه بنقيض ما طلب منه !

وعندما تنجح وزارة الشؤون الدينية في إقناع وزارة البريد بضرورة إعفاء حسابات الصندوق من رسوم الصبّ والسحب لأنها حساباتٌ غير تجارية ولا ربحية وإنما هي حساباتٌ تقوم على التبرع والإحسان لصالح المجتمع، فستكون فاتورة تلك الرسوم المقدَّرة بالملايين قد وُجِّهت الوجهة الصحيحة وبدل أن تأخذها مؤسسة البريد ستكون من نصيب بيوت الأرامل والمطلقات وأفواه اليتامى وجيوب محدودي الدخل.
وعندما تنجح الوزارة في إقناع الجهاز الحكومي بضرورة تقنين الزكاة وترقيتها إلى قانون مُلزم لكل أصحاب الثروات والشركات والمصانع والمؤسسات التي كثير منها لا يُخرج زكاة أمواله تهاونا أو ظنا منه أن الضرائب تحِلّ محل الزكاة أو لأسباب أخرى، فستقضي على التهرب الزكواتي الذي يُضعِف الصندوق ويعرقل مساره الطبيعي .

عندما تنجح الوزارة عن طريق مجالسها العلمية في إصدار بحث في حكم إخراج الزكاة من قبل أصحابها خارج إطار صندوق الزكاة المعتمد من قبل الدولة من خلال تفويض الوزارة الوصيَّة، فسيسهل رسم سياسة عادلة لتوزيع الزكاة على مستحقيها وبذلك لن يبقى بعض المحتاجين بدون سهم والبعض الآخر يستفيد من عدة أسهم ولن يتحول الصندوق إلى مصدر للحقد والبغض والحسد بإذن الله تعالى .
إنها أثقالٌ لن يقوى على حملها هذا الصندوق إن بقيت على كاهله، وإلى أن ترفع فسيظل الصندوق يئنّ صراخا عاليا: هل من مُخلِّص؟ هل من مغيث؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • شخص

    يجب أن تضاف الزكاة إلى وزارة المالية و ليس وزارة الشؤون الدينية لأن وظيفة المسجد هو تعليم الناس دينهم و ليس حمع المال !