الرأي

ارفعوا المستوى!

جمال لعلامي
  • 3113
  • 5

الوزير الذي طار ساعات بعد تعيينه، يهدّد ويتوعّد بمقاضاة متهميه، بتحريك الطلبة من أجل “قضاء مصالح شخصية وافتكاك صفقات تجارية تخص تموين الخدمات الجامعية”، وإدارة هذه الأخيرة، سبقت “المتهم” ورفعت ضده دعوى قضائية استعجالية، بتهمة الابتزاز والضغط لإدخال أموال كبيرة إلى شركات نظافة يملكها “الوزير”، الذي قال إن ميزانية ضخمة تدخل خزينة الإقامات، لكن الطلبة محرومون من الدجاج لثلاثة أشهر!

هكذا، أصبح النقاش، بين الإدارات والنقابات، فبدل التركيز على أمهات القضايا، والتفاوض على الملفات المصيرية والمهمة، يتم اختزال الحديث في ما قلّ ولم يدلّ، ولكم أن تتصوّروا يا عباد الله، كيف يتحدث “الوزير” والإدارة، عن صفقات تجارية و”دجاج” و”فرماج”، في وقت يستمرّ مثلا احتجاج طلبة المدارس العليا منذ أزيد من 3 أشهر، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم!

عندما تصبح اللغة المتداولة والمفهومة بين المتخاصمين في القطاعات الحساسة، مختزلة أساسا في قاموس “تاكلي الجاج..؟”، من الطبيعي أن يحدث ما يحدث، فعوض البحث عن الحلول العاجلة والعادلة لكلّ الأطراف، بشأن ما يهمّ هؤلاء وأولئك، من الإدارة والنقابات والتنظيمات الطلابية، والطلبة المحايدين، فإن المعنيين بالحلّ والربط، يتشاجرون على “الجاج”!

دون شكّ، فإن “فضائح الجاج” والخبز والعدس واللوبيا وحتى الماء، بالأحياء الجامعية، هي فضائح “بجلاجل”، لكن أليس مهازل ترتيب جامعاتنا، أولى بالنقاش والبحث عن مخارج النجدة؟ أليست مهازل المستوى الجامعي، و”تهريب” و”تسريب” المذكّرات و”بيع” النقاط، أولى كذلك من رفع دعاوى قضائية؟

للأسف، المباح وغير المباح في المعارك المفتوحة والتراشق بالتهم، لم يعد مركزا إلا على صغائر الأمور، أمّا كبرياتها فتبقى في عداد الموتى، والدليل هذه “الهوشة” التي اندلعت بين “الوزير” وإدارة الأحياء الجامعية، ومثلها دون شك لا يعدّ ولا يُحصى من الأمثلة والنماذج التي تستدعي فتح تحقيقات جدّية ومعمّقة لتوسيع دائرة “المتهمين” وفضح المتورّطين الحقيقيين!

“ارفعوا المستوى”.. هو النداء الذي يرفعه العقلاء لوقف مثل هذه الخزعبلات والهرطقات، وتحرير القطاعات الحيوية من لغة التهديد والوعيد والتغريد خارج السرب، وقتل روح المبادرة، والعمل على جمع الغنائم فقط.. المطلوب، أيضا هو إلقاء القبض على الذين شوّهوا واجهات جميلة، ولطخوها، وأساؤوا إلى المنتمين إليها، أو على الأقل أسهموا في إدخال الشكّ إلى القلوب المطمئنة، الراضية المرضية بقضاء الله وقدره!

الأكيد، أن القصة بين “الوزير النقابي” وإدارة الإقامات الجامعية، ما هي في الأصل والفصل، سوى النموذج السيّئ الذي يوجد في عدّة قطاعات.. فعلا، صدق من قال: “استر ما استر الله”!

مقالات ذات صلة