الرأي

استثناءات “داعش” في حربه على التطبيع!!

ح.م

“داعش” صناعة خبيثة، أنشأها من يدعي محاربتها في قتال طائفي مفتوح، يلقي به في خضم حدث أقصى أهدافه بث الخراب والدمار، والتمركز في مواقع مواجهته، قوة عسكرية حاكمة للطرقات والثروات، وورقة مساومة لجني المكاسب الكبرى.

ظهر “داعش” المختصر لـ”دولة العراق والشام” على نحو مفاجئ في سوريا، في خضم حربها الأهلية، قبل أن يتسلل وفق خطة مفضوحة إلى مدينة الموصل ثاني أكبر مدن العراق، وبوابته التجارية الكبرى مع أوروبا عبر تركيا، ويفتح حربا مع تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وتشكيل طائفي مسلح دعا المرجع “الشيعي” علي السيستاني إلى تشكيله، كواجهة عسكرية إيرانية هدفها بناء الطريق الواصل بين طهران واللاذقية على البحر المتوسط .

تنظيم “داعش” لم ينته، رغم الضربات التي أعلنها التحالف الدولي انتصارا، واعتبرتها إيران استحقاقا يفرض عليها البقاء في العراق عبر ميليشيات طائفية سرقت سيادة الدولة، وعبثت بأمن شعبه واستقراره، “داعش” لم ينته طالما هناك قوى تغذيه، وتعيده للوجود كأداة لتحقيق أغراضها التي تضرب قواعد الأمن في كل مكان، وتحويلها إلى بؤر توتر.

القضية ليست في “داعش” المتجدد بظهوره في كل حدث جديد، بل في الجهة الراغبة في تجديد حضوره، كوكيل لها في حروب لا تستطيع الخوض فيها بشكل مباشر، خوفا من خسائرها العظمى اقتصاديا وسياسيا، والتخفي وراءه باعتباره “ظاهريا” قوة إرهابية منفردة لا تنتسب إلى أحد، تقف على قاعدة “إسلام متطرف”، توحد العالم في محاربتها ووأد مخاطرها.

“داعش” في العراق مبرر إيراني في نشر ميليشيات خارجة عن القانون، ابتلعت نظام الدولة، وسيطرت على مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية والدينية، كما هو مبرر لقوى إقليمية ودولية تخوض حروبها في الشرق الأوسط.

ينابيع جارية تغذي “داعش” لا يسعى العالم بجدية لتجفيفها، ويبدو عاجزا عن مواجهة قدراته التنظيمية، وقوته المسلحة التي تعيد تأهيل قدراتها بعد كل ضربة موجعة في هذا المكان لتظهر بكيانها في مكان آخر.

عاد “داعش” من جديد، في إعلان جديد، يتحدى به العالم، كاشفا عن حرب يعد لخوضها في منطقة الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية، تحت شعار “الحرب على التطبيع مع الكيان الإسرائيلي”، متوعدا المملكة العربية السعودية دون غيرها من دول التطبيع، باعتبارها فتحت المجال الجوي إمام الطيران “الإسرائيلي” في طريقه إلى دولة الإمارات ومملكة البحرين.

حدد التنظيم الإرهابي أهدافه في إعلانه المثير للغرابة، باستهداف الأوروبيين والأمريكيين “الغربيين” في السعودية، وشن هجمات انتقامية ضد بنيتها الاقتصادية المتمثلة في أنابيب النفط والمنشآت الصناعية، باعتبارها داعمة لسياسة “التطبيع”.

استثنى تنظيم “داعش” الدول التي صادقت على اتفاقيات سلام مع “اسرائيل”، وذهب متوعدا الدولة التي ادعى دعمها لـ”التطبيع” في خطط حربه الإرهابية المقبلة، استثناء يثير الغرابة، ويطرح التساؤلات الجوهرية حول سر استهداف السعودية دون غيرها في موسم “التطبيع”؟؟

استثناء إرهابي يكشف الفصول المتطورة في الصراع “السعودي – الإيراني”، كما يكشف ابتعاد “داعش” ومن يغذيه عن إزعاج مناطق النفوذ “الإسرائيلي” الجديد.

مقالات ذات صلة