الرأي

استحمار على أنغام السامبا!

جمال لعلامي
  • 1062
  • 6
أرشيف

من عجائب وغرائب “رهط” البرلمان الأوروبي ومن والاه، أنه رأى عن طريق تخيلاته “انتهاك حقوق الإنسان” في الحراك السلمي بالجزائر(..)، لكنه أصابه العمى في مسلسل القمع والردع الذي يطبع احتجاجات السترات الصفراء بفرنسا، وبين الحالتين المختلفتين، البرلمانيون الأوروبيون “منشغلون” بالوضع الجزائري، الذي “هرب” من أيديهم، وهربت معه مصالحهم التي كانت تضمنها العصابة لعدّة سنوات وتعطيهم أولوية الأولويات في سلّم الاتفاقيات والتعاون بين الجزائر والمجموعة الدولية!

ضمان حقوق الإنسان في عاصمة “الجنّ والشياطين”، هو في نظر البرلمان الأوروبي سقوط قتلى واستعمال القوّة المفرطة في مواجهة المتظاهرين وسحل بعضهم في الشوارع، أمّا خرق حقوق الإنسان في بلد المليون ونصف مليون شهيد، هي في اعتقاد نفس البرلمان، استمرار السلمية طوال 9 أشهر، وعدم سقوط قطرة دم واحدة، وهي أيضا شعارات “الشرطة.. الشعب.. خاوة خاوة”، وهي كذلك مرافقة الجيش لمسيرات شعبه!

لا يُمكن انتظار “هديّة” أو “مزيّة” من البرلمان الأوروبي، فهو متعوّد على مناهضة استقرار الجزائر والتآمر عليها في السرّ والعلن، والتعامل معها كـ”مستعمرة قديمة” يجب حلبها وسلبها ونهبها، ولا داعي هنا للعودة إلى الوراء، عندما وجد الجزائريون أنفسهم وحيدين في مواجهة أخطبوط الإرهاب، الذي انتصروا عليه بتضحياتهم وتكاتفهم، في وقت فرّ فيه هؤلاء وحاولوا مرارا وتكرارا تغذية الفتنة والتحريض على الاقتتال!

الجزائريون على اختلاف توجهاتهم وأفكارهم ورؤيتهم للأزمة الحالية، تصدّوا ووقفوا وقفة رجل واحد في وجه تجدّد محاولات التدخل في الشأن الداخلي، موازاة مع عزل المجموعة الدولية، ممثلة في عديد الهيئات والقوى العربية والغربية، للبرلمان الأوروبي، الذي وجد نفسه وحيدا في “فم المدفع”، بعد ما انقلب السحر على ساحره، وظهر كالأطرش في الزفة الذي يرقص على أنغام “السامبا” التي افتعلها لتلهية نفسه بكلّ بلاهة!

لا يمكن لعقلية “الاستغباء” و”الاستحمار” التي يتبناها البرلمان الأوروبي، بإيعاز من “التلميذ الغبيّ”، أن تجدي نفعا، طالما أن الجزائريين كانوا ومازالوا وسيظلون يعيشون بـ”النيف والخسارة”، في ظلّ متغيّرات جوهرية تطبع العلاقات الدولية الجديدة، المبنية على أسس متجدّدة ومعايير مستحدثة، قوامها المصلحة المشتركة بين البلدان، فمن يكون اليوم في خانة “الأصدقاء” قد يحال إلى قائمة “الأعداء” في المنظور الاستراتيجي والمنفعي!

لقد تمّ التضليل بالبرلمان الأوروبي من طرف “مغرّر بهم”، فدخل المصيدة من حيث لا يدري، وها هي الجزائر الرسمية تتوعّد بمراجعة مختلف اتفاقياتها التجارية والاقتصادية والاستثمارية والتعليمية مع المؤسسات الأوروبية، وهو ما سيعرّض هذه الأخيرة إلى “طيكوك” لاحقا، خاصة أن النظام العالمي الجديد، لا يتشكل فقط وحصريا من الشريك الأوروبي، الذي بوسعه أن يبتز ويقايض، لكن ليس بإمكانه توقيف العجلة بوضع عصا “راشية”!

مقالات ذات صلة