-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

استسقاء‭ ‬انتخابي‭!‬

جمال لعلامي
  • 4494
  • 0
استسقاء‭ ‬انتخابي‭!‬

مثلما دعا الأئمة المصلين إلى إقامة صلاة الاستسقاء، نتيجة الجفاف وغياب الأمطار وتراجع منسوب المياه، دعا كذلك رؤساء الأحزاب الناخبين إلى المشاركة القوية في الانتخابات المقبلة، بعدما جفت صناديق الاقتراع، فالجفاف الانتخابي يضرب “البساتين” السياسية و”الحقول” الانتخابية‭ ‬منذ‭ ‬عدّة‭ ‬سنوات،‭ ‬والسبب‭ ‬واضح‭ ‬ومؤكد‭:‬‭ ‬فلاحون‭ ‬سياسيون‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬كيف‭ ‬يزرعون،‭ ‬فكيف‮ ‬لهم‮ ‬أن‮ ‬يحصدون‮!‬

ومع بداية العدّ التنازلي للتشريعيات المبرمجة في ماي المقبل، تشهد هذه الأيام، القرى والمداشر ومختلف المدن، حركة حثيثة و”تطباع” سياسي وتزاحم و”تشاحم” انتخابي، بالمقاهي والأسواق الشعبية وبالطرقات التي يزوّقها الغبار والحفر، فهي الربوات المنسية التي هجرها السادة‭ ‬النواب‭ ‬منذ‭ ‬تشريعيات‭ ‬2007،‭ ‬وأغلبهم‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬إليها‭ ‬لأنها‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬المقام،‭ ‬ولكلّ‭ ‬مقام‭ ‬مقال‭!.‬
الآن فقط، تعود تلك الكائنات الموبوءة بالبرلمان والمولعة بأجرة الثلاثين مليونا، والمريضة بالهفّ والنصب والكذب، والآن فقط يتذكر هؤلاء الهاربون من مداشرهم وقراهم، الزوالية والغلابى والمقهورين والفقراء والمعذبين في الأرياف والمناطق المعزولة!.
الآن فقط، يتكاثر هواة “الكستمة” و”الكرفطة”، ويتمّ تفريخ المترشحين المتحرشين الذين أصبحت البسمة لا تفارق أفواههم، وتسكنها كلمات “السلام عليكم” و”صباح الخير” و”مساء الخير”، و”أنا في خدمتكم وتحت تصرّفكم”، و”أنا ابن دشرتكم فلا تتركوني ولا تخذلوني”، ومنهم من يتجرّأ‭ ‬بكل‭ ‬هزلية‭ ‬ويزعم‭ ‬أنه‭ ‬‮”‬المهدي‭ ‬المنتظر‮”‬‭ ‬الذي‭ ‬طال‭ ‬انتظاره‭ ‬وسيحلّ‭ ‬كلّ‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬المواطنون‭!.‬
الآن فقط، يتزاحم الراغبون في الترشح والمخططون لدخول البرلمان، أمام المساجد، في صلاة الجمعة، وفي الصلوات الخمس، يسجدون ويركعون لله، ويتوسلون للمصلين ويتسوّلون صدقات انتخابية علّها تعيدهم أو تدخلهم “الجنة”، عفوا، برّ-لمان!.
هي الحملة الانتخابية، وسواء كانت مبكرة أو مسبقة أو متأخرة، فإن للانتخابات وللسياسة وللنشاط الحزبي، أخلاق، لكن للأسف فإن العديد من النواب السابقين و”مشاريع” المترشحين الحاليين، يعتمود شعار: “الغاية تبرّر الوسيلة”، وفي ذلك فليتنافس الطماعون والمنبوذون والحشّاشون‭ ‬والغشاشون،‭ ‬وأولئك‭ ‬الذين‭ ‬خانوا‭ ‬الأمانة‭ ‬وأبرموا‭ ‬الصفقات‭ ‬المشبوهة،‭ ‬ولطخوا‭ ‬سمعة‭ ‬الدولة‭ ‬وهيبتها‭!.‬
نعم، السياسة هي فنّ الممكن والكذب، لكن أغلب الأحزاب والمترشحين، لا يعتمدون على “الكبة البيضاء”، إنهم يركبون “الأكاذيب السوداء” حتى تتحقق مشاريعهم وأحلامهم الوردية، والمسؤولية، مشتركة بطبيعة الحال، بين الناخب والحزب والإدارة، نتيجة عدم تشديد شروط الترشح والإسراع‭ ‬في‭ ‬غلق‭ ‬‮”‬الدومينو‮”‬‭ ‬على‭ ‬النصابين‭ ‬والمحتالين‭ ‬و‮”‬البڤارة‮”‬‭ ‬وأصحاب‭ ‬الشكارة‭!.‬
الحمد لله أنه يوجد مترشحون ومنتخبون ونواب، “يخافو ربّي”، وإلاّ لكانت نسبة المشاركة في التشريعيات والمحليات تحديدا، صفرا بالمائة، وعندها لا غرابة في أن يُقاطع الأزواج أزواجهم والأبناء آباءهم، فتكون انتخابات بلا ناخبين، ولذلك، مازال الباب مفتوحا أمام الأحزاب،‭ ‬لتطهير‭ ‬قوائمها‭ ‬من‭ ‬المندسّين‭ ‬والانتهازيين‭ ‬ومترشحي‭ ‬المواسم،‭ ‬ممّن‭ ‬لا‭ ‬تهمهم‭ ‬المركبة‭ ‬التي‭ ‬يركبوها‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬البرلمان‭ ‬أو‭ ‬‮”‬المجالس‭ ‬المخلية‮”‬‭!.    ‬
لن‭ ‬تـُمطر‭ ‬صناديق‭ ‬الاقتراع‭ ‬ذهبا‭ ‬ولا‭ ‬فضة،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬زرع‭ ‬القوائم‭ ‬بالكفاءات‭ ‬والمخلصين‭ ‬والأوفياء‭ ‬ويتم‭ ‬تغذيتها‭ ‬‮”‬بأسمدة‭ ‬غير‭ ‬مغشوشة‮”‬،‭ ‬فلا‭ ‬يكون‭ ‬عندها‭ ‬‮”‬التسمين‮”‬‭ ‬حتما‭ ‬مقضيا‭!. ‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!