الرأي

استعادة‭ ‬الأغلبية‭!‬

قادة بن عمار
  • 6248
  • 10

السلطة تخشى أن تستفتي الشعب في الإصلاحات التي اقترحها الرئيس لوقف مشروع أيّ ثورة محتملة، لأنها تدرك تماما أن الأغلبية الصامتة التي قاطعت كل الانتخابات في السابق، من شأنها أن تقول كلمتها الآن في الشارع بدلا من الصناديق المهدّدة بالتزوير المسبق.

حتى الأحزاب الكبيرة على الورق، وفي مقدمتها أركان التحالف، تخشى انقراضها في الانتخابات المقبلة، والتي من المتوقع أن تشهد ابتعادا نسبيا للإدارة عن العبث في داخلها بسبب تزايد حرص الشعوب على حقوقها في المنطقة.
صحيح أن لكل حزب من التحالف، ما يخشى عليه ومنه، لكن الخوف واحد لا يتجزأ، بين الأفلان المهدّد بالعودة للمتحف بقرار شعبي، بعد ما تعرّض تاريخه واسمه النظيف لكثير من الممارسات الحزبية الملوثة، والأرندي الذي لم يتخلص أبدا من عقدة موالاته للإدارة، فارتضى أن يكون صنيعتها في السابق، وسعى لشعبية مرتبطة بالمناصب والنفوذ، وأخيرا، حمس التي يتشدق زعيمها بالانسحاب من الحكومة، وكأنه كان مؤثرا فيها أصلا، رغم علم الجميع أن الوزراء المحسوبين على حركته في الجهاز التنفيذي موالون للرئيس بوتفليقة وليس لزعامته!
أبشع ما وقع في زمن التعددية بالجزائر، هو التحالف الحكومي الراهن، والدليل، أن قياداته لم تجتمع ببعضها البعض منذ فترة ليست بالقصيرة، لأن لا أحد فيهم بات يحتمل النظر في وجه الآخر، والتعامل معه بمزيد من النفاق السياسي الذي فرضته المرحلة السابقة، والمتوقع تغييرها‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭ ‬المقبلة‭ ‬التي‭ ‬ستكون‭ ‬تمهيدا‭ ‬لرئاسيات‭ ‬بدأ‭ ‬الحديث‭ ‬عنها‭ ‬مبكرا‭ ‬كالعادة‭.‬
السلطة لم تقدر على استفتاء الشعب في الإصلاحات، كما أنها لا تثق في تمثيل الأحزاب الموجودة حاليا لكلّ الشعب، وبالتالي، فإنها تخشى من استرجاع الأغلبية الصامتة، لدورها بعد ما خانتها النخبة المتواطئة والصامتة في كثير من المواعيد، وبات من الأكيد أن الاحتجاجات الشعبية‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬هي‭ ‬بمثابة‭ ‬تدريب‭ ‬على‭ ‬الثورة،‭ ‬أو‭ ‬بروفة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التعود‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬الشارع،‭ ‬بعد‮ ‬ما‭ ‬تحول‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬إلى‭ ‬رقم‭ ‬صعب‭ ‬في‭ ‬معادلة‭ ‬التغيير‭ ‬بالعالم‭ ‬العربي‭.‬
الشعوب الأخرى حصلت على ديمقراطية انتقالية، وأطاحت برموز نظمها الدكتاتورية، لكنها استمرت بالبقاء في الشارع، أمّا الجزائريون فمتواجدون في الشارع منذ سنوات، وقدموا بدلا من بوعزيزي المئات من البوعزيزي، ليس بحثا عن الكرامة، والحرية والديمقراطية، ولكن سعيا لوقف النفاق‭ ‬الإداري‭ ‬والبيروقراطية،‭ ‬والتعدي‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المناسبات‭.‬

مقالات ذات صلة