الرأي

استقرار بلدنا يسبق كل خيار.. ويحكم كل قرار!

محمد سليم قلالة
  • 830
  • 10
ح.م

يسأل البعض عن أي خيار ينبغي اتباعه في ظل تعدد الخيارات؟ وأي موقف ينبغي اتخاذه في مثل هذه اللحظات الحاسمة؟! وهي بلا شك أسئلة وجيهة لمن يشغله حال الوطن ويريد أن لا يقف موقف المتفرج من تطور الأحداث به.

هل يقف مع الانتخابات أم ضدها؟ هل يؤيد التغيير الجذري والفوري، أم يقتنع بالتدرج في الإصلاح والتحسين المستمرين؟ هل يوافق بأن محاربة الفساد يمكن أن تتم في مدة قصيرة، أم يعتبرها عملية طويلة وشاقة تحتاج إلى صبر ومثابرة على كافة الأصعدة؟ والعشرات من الأسئلة الأخرى التي ترتبط مباشرة أو بطريقة غير مباشرة بواقع الحال الذي نعيشه.

لذا بدا لي أنه من الأصوب تحديد متغير رئيس نقيس من خلاله مدى صحة خياراتنا وموضوعية القرارات التي تصدر عنا بشأن هذا الموضوع أو ذاك. وهذا المتغير الرئيس هو استقرار وأمن البلد بعيدا عن كل تشخيص أو إصرار على موقف سياسي بعينه.

إلى أي مدى يؤثر إطالة موعد الانتخابات في الاستقرار؟

ما هو تأثير فتح جميع ملفات الفساد على الاستقرار؟

هل تصعيد الاحتجاج السياسي والاجتماعي يخدم الاستقرار؟

هل استمرار الأزمة الحالية دون حل يؤدي إلى الاستقرار أم إلى مزيد من الاضطراب؟

وعشرات المتغيرات الأخرى التي يمكن حساب تأثيرها سلبا أو إيجابا على هذا المتغير الرئيس، بإمكانها أن تفيدنا في ضبط خياراتنا وتحديد نوعية قراراتنا دون الوقوع في التبسيطية المخلة بكل تحليل موضوعي كالقول إما التغيير الجذري أو القبول بالأمر الواقع والخنوع للسلطة القائمة مقابل الحفاظ على ما تسميه يا هذا  بمتغير الاستقرار!!

وهي بلا شك تبسيطية لمعادلة التدافع بين الناس، تبدو في ظاهرها قريبة إلى الأذهان، سهلة الإدراك من الجميع، ولكنها تحمل في طياتها مخاطر جمة لا ننتبه إليها إلا بعد فوات الأوان…

ولهذا السبب، علينا في تقديري أن نتفق مبدئيا على استبعاد كل ما من شأنه أن يؤثر على استقرار وأمن بلدنا، حتى وإن كان سبب عدم الاستقرار هو أخطاء السلطة وليس مواقف الشعب، وأن نقبل بتأجيل تحقيق بعض الأهداف، أو التنازل عن بعض المطالب، ان اقتضى الأمر، لأن سياسة الكل أو لا شيء أو أسلوب الحل الفوري لا يمكنهما بأي حال أن يتحققا، ولم يحدث أن تحققا في أية تجربة من التجارب المعاصرة، حتى تلك التي كانت ضريبتها مئات الآلاف من القتلى..

لننظر حولنا وسنكتشف أن أساس تقدم الشعوب هو استفادتها من تجاربها العنيفة واللجوء إلى الحلول العقلانية التدرجية التي تنضج مع مر الأيام وليست تلك التي سعت إلى تحقيق كل شيء فخسرت كل شيء… لقد خُضنا آخر تجربة في تسعينيات القرن الماضي، ولم تستفد من أخطائنا دول الربيع العربي، وها نحن نعيش تدافعا من نوع آخر ينبغي أن لا نُخطئ في طبيعته ولا في طبيعة طرفيه السلطة والمجتمع… استقرار بلدنا يسبق كل خيار ويحكم كل قرار…

مقالات ذات صلة