-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اصدُق مع نفسك وأجب.. هل تحبّ الله؟

سلطان بركاني
  • 3453
  • 0
اصدُق مع نفسك وأجب.. هل تحبّ الله؟
ح. م

من السّهولة بمكان أن يسارع الواحد منّا إلى الإجابة عن هذا السّؤال دون تردّد، لكنْ، من منّا يستطيع أن يبرهن على إجابته من حاله وواقعه؟ ماذا لو سأل كلّ واحد منّا نفسه في لحظة صدق: سنوات كثيرة عشتها بعد البلوغ، تُرى كم كان منها لله ولدينه؟ ساعات تنقضي من عمري كلّ يوم، ترى كم ساعة منها أجعلها لله؟ كم جعلت لله من قلبي ومن حياتي؟ ما هو الهمّ الأكبر الذي أحمله في هذه الدّنيا؟ هل قلبي متعلّق بالله وما عند الله، أم تراه متعلقا بالدّنيا أسيرا لهمومها؟ كم مرّة آثرت ما عند الله على شهواتٍ ومتع محرّمة من هذه الدّنيا؟ كم مرّة دعتني نفسي إلى ريبة فقلت: يا نفس اتّق الله الذي يراك ويسمع سرّك ونجواك.

والله، لو أجاب الواحد منّا عن هذه التّساؤلات بكلّ صدق لاستحى من نفسه، ولاستحى قبل ذلك من ربّه، ولعرف أنّ قلبه يكاد يكون خاويا من محبّة الله ـ جلّ في علاه ـ وتعظيمه.

يتودّد إليك بالنّعم وأنت معرض عنه!

تأمّل أخي المؤمن في نفسك وحالك وواقعك، وحاول أن تستحضر نِعم الله عليك في هذه الدّنيا لتشعر بالحياء من خالقك الذي يتودّد إليك بالنّعم وأنت معرض عنه، ولا تعطيه إلا فضول أوقاتك وهمومك!.

ابدأ وعُدّ معي.. اختارك ـ جلّ وعلا ـ لتكون مسلما من بين الملايير من البشر، أنت مسلم مؤمن وحولك في هذا العالم أكثر من 5 ملايير كافر بين مشرك وملحد.

فتحَ أبواب رحمته لتتوب وتؤوب إليه سبحانه، ووعدك مغفرةَ الذّنوب وستر العيوب إن أنت ندمت ورجعت، وفوق هذا وذاك يفرح بتوبتك.. منحك من فرص مغفرة الذّنوب كلّ يوم وكلّ أسبوع ما لا يعدّ ولا يحصى: الوضوء الصّحيح والمشي إلى المسجد تغفر بهما الذّنوب، الصّلوات الخمس في بيت الله تمحى بها الخطايا والعيوب، الذّكر بعد الأذان وبعد لبس الثّوب وبعد الفراغ من الطّعام تقال به العثرات. الجمعة إلى الجمعة كفّارة لما بينهما لمن اغتسل وبكّر ودنا ولم يلغُوهكذا.

كتب سبحانه أن يضاعف الحسنات ولا يضاعف السيّئات، الحسنة بعشر أمثالها إلى 700 ضعف، والسيّئة لا يكتبها ملك السيّئات إلا بعد 6 ساعات ينتظر لعلّ صاحبها يتوب، فإن لم يتب كتبها سيّئة واحدة، فإن تاب منها بعد ذلك محيت، فإن حسنت توبته كتبت مكانها حسنة. الحسنة تمحو السيّئة، والسيّئات مهما عظمت (دون الشّرك) فإنّها لا تمحو الحسنات.

يشتاق جلّ في علاه إلى عبده في بيته ويدعوه 5 مرات كلّ يوم. يشتاق إلى دعائه فيبتليه بالهموم والأمراض ونقص الأموال، لعلّه يرفع يديه ليسمع دعاءه ويرى بكاءه.

يخفّف عنه في مرضه وسفره فيسقط عنه الصّوم، ويسقط عنه شطر الصّلاة. أحلّ له كلّ الطيبات ولم يحرّم عليه إلا الخبائث والمهلكات، بل وأباح له المحرّمات في حال الضّرورات.

يمتّعه بالصحّة والعافية ويكلّف ملائكته بحفظه ليلا ونهارا: »لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ«، ويرزقه من حيث لا يحتسب: »وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ«.

وماذا بعد كل هذا؟

هذه نعم أحصيناها من بين ما لا يحصيه إلا الله من النّعم التي يتقلب فيها كلّ واحد منا بالليل والنهار. أفلا يجعلنا كلّ هذا نحبّ الله ونستحي منه جلّ في علاه؟. أ فلا يجعلنا كل هذا نستحي من أنفسنا يوم يضيّع الواحد منا كل تلك الفرص التي منحه الله إياها، ويأتي يوم القيامة بسجلات أمثال الجبال من السيّئات؟ يأتي ليقف أمام الميزان تتملّكه الحسرة ويعلوه الذلّ والهوان، وهو يرى أناسا كان يعرفهم في الدّنيا معهم سجلاتُ حسناتٍ أمثال الجبال، فلا يملك إلا أن يعضّ أصابع النّدم ويقول: »يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِين«.. وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ: أي: وإن كنت من اللاهين اللاعبين؛ كنت أظنّ العمر أطول من ذلك، كنت أظنّ الأمر أسهل وأهون من ذلك، ثمّ لا يملك إلا أن يقول »يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي«.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • بدون اسم

    أظن أنه لدي قبول بين من يعرفوني ولله الحمد، فإن كان هذا كاف لمعرفة أن الله يحبني بشرك الله بخير

  • بدون اسم

    أنظر إلى درجة قبولك لدى الناس، فذلك أضن دليل على حب الملائكة لك بسبب حب الله لك.

  • سارة

    أظن أن الأستاذ يتكلم عن حب الله النابع من قلب مخلص .

  • احمد

    حبّ الله وحده لا يكفي يا لحنون وفي الخفاء شيطان اعور ياو حب الخير لناس والعمل بااخلاص وتطبيق في العمل الهدرة والفلسافة كرهنا منها

  • سارة

    الحمد لله الحمد لله على فضله و نعمه . نعم أحب الله و لا أجد السكينة الا عند عبادته . بارك الله فيك استاذنا .

  • Marjolaine

    أنا أحب الله والله ، وهو وحده سبب بقائي الى الآن بهذه الحياة المتناقضة.وأحب رحمته الغالية العزيزة التي أجدها مثل واحة الضمآن في الصحراء القاحلة، كم أحبك يا إلاهي عندما ينقطع عني مدد كل البشر، وتنقطع بي السبل لا أجد سوى رحمان السماوات والأرض يجيرني ويقيل عثرتي.
    لكني أريد أن أعرف هل الله يحبني؟. أحيانا أحس أنه يحبني ويرحمني من رحمته التي تنقذني من ارتكاب المعاصي، ومن ستره لعيوبي وآثامي، واستجابته لدعائي عندما اتوسل ببابه متذللة فيرحمني مولاي وسيدي....
    " قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله"

  • قاسم

    سلام عليكم , بارك الله فيك أستاذنا الكريم كلمات مضيئة نافعة وماتعة قد نصحت وافدت متّعك الله بالعلم والبركة والسداد ودمت نبراسا منيرا للإسلام والمسلمين وفّقك الله.

  • kheireddine

    ارك الله لك في مقالك و في مكانك وجعله في ميزان حساتك

  • Amir

    يعطيك الصحة أجد متعة بقراءة مقــالاتك ..

  • جنين

    السلام عليكم
    بوركت استاذنا الفاضل على هذه الكلمات المضيئة و التي طرحت فيها موضوعا هاما جدا في حياتنا كمسلمين و في رايي انا ان سبب بعدنا عن الدين و ضعفنا ووهنا هو بعدنا عن الله او بالاحرى عدم صدقنا لا مع الله و لا مع انفسنا و بارك الله في جهودكم.