الرأي

اطلبوا‮ ‬السكن‮ ‬ولو‮ ‬في‮ ‬الصين‮!!‬

محمد سليم قلالة
  • 4056
  • 8

مشكلتنا في الجزائر هي مشكلة القرارات الصغيرة. بدل أن نفكر في حلول كبيرة لمشكلاتنا نغوص ثانية وثالثة في التفاصيل، حيث تعيش شياطين الإنس والجن جميعها. بدل أن نضع الإصبع على الجرح في ما يتعلق بتوزيع السكن، ونُحمّل الإدارة مسؤولية الذي يبيع ما ليس من حقه والذي‮ ‬يشتري‮ ‬مِمَّن‮ ‬لا‮ ‬يملك،‮ ‬نُحمِّلها‮ ‬للشاري‮ ‬والبائع،‮ ‬والكل‮ ‬يعلم‮ ‬أن‮ ‬أحدهما‮ ‬ما‮ ‬كان‮ ‬ليبيع‮ ‬لولا‮ ‬تواطؤ‮ ‬الإدارة،‮ ‬والثاني‮ ‬ما‮ ‬كان‮ ‬ليشتري‮ ‬لو‮ ‬أنها‮ ‬أنصفته‮..‬

وأكاد أجزم أنه لا توجد دولة في العالم تعتمد سياسة السكن التي نعتمد. لا توجد دولة في العالم لديها من الإمكانات ما لدينا ولحد الآن ليست بها أكثر من 20 مقاولة بناء تستطيع أن تنجز ما بين 500 و2000 مسكن. ولا يزيد عدد المرقين العقاريين الصغار بها عن 1200.. ولا توجد دولة في العالم لديها هذا التعقيد في التسيير، حيث نكتشف في كل مرة أننا أخطأنا في حرف من حروف البرنامج: من LSP إلى LPA إلى LPI إلى LPP في ظرف سنوات قليلة، ناهيك عن التسميات الأخرى والصيغ اللامتناهية في الصغر.

 

نحن‮ ‬قمنا‮ ‬بتصغير‮ ‬كل‮ ‬شيء‮ ‬بما‮ ‬في‮ ‬ذلك‮ ‬سياسة‮ ‬السكن‮ ‬فكبرت‮ ‬مشكلاتنا،‮ ‬وبدل‮ ‬أن‮ ‬نفكر‮ ‬بطريقة‮ ‬استراتيجية‮ ‬كبيرة‮ ‬thinking‭ ‬big‭ ‬نُقزّم‮ ‬تفكيرنا‮ ‬في‮ ‬مجال‮ ‬تغيير‮ ‬الحروف‮.‬

هل تتصوروا معي أن دولة مثل الصين ــ وقد كانت مثلنا من العالم الثالث في السبعينيات ــ بها الآن 64 مليون سكن شاغر، وفي كل سنة تنجز أكثر من 20 مدينة تبقى شاغرة احتياطيا، وهي التي يفوق عدد سكانها 1.36 مليار نسمة.

أما‮ ‬نحن‮ ‬الذين‮ ‬لا‮ ‬يزيد‮ ‬عدد‮ ‬سكاننا‮ ‬عن‮ ‬مدينة‮ ‬صينية‮ ‬واحدة‮ ‬مازلنا‮ ‬نتفلسف‮ ‬بين‮ ‬الأحرف،‮ ‬ونبحث‮ ‬عن‮ ‬من‮ ‬زوّر‮ ‬وثائق‮ ‬بيع‮ ‬سكن‮ ‬اجتماعي‮… ‬

الصين أو كوريا أو حتى منغوليا، إنما فَكَّر ساستها بعظَمة، ولم يُحجِّموا أنفسهم في الجزئيات.. ومكَّنتهم منهجية التفكير هذه من أن تصل مجموعة Broad Group من تصنيع 93 % من السكن في المعامل بدل الـ45 % المعروفة: أي أن تُحول سياسة البناء إلى صناعة.. إلى درجة أنها‮ ‬بنت‮ ‬عمارة‮ ‬من‮ ‬30‮ ‬طابقا‮ ‬على‮ ‬مساحة‮ ‬17000‮ ‬متر‮ ‬مربع‮ ‬في‮ ‬ظرف‮ ‬15‮ ‬يوما‮.. (‬وهذا‮ ‬ليس‮ ‬خيالا‮ ‬تابع‮ ‬على‮ ‬اليوتوب‮) ‬http‭://‬www‭.‬youtube‭.‬com‭/‬watch‭?‬feature‭=‬player‭_‬detailpage‭&‬v‭=‬Hdpf‭-‬MQM9vY‭…‬

ونحن،‮ ‬مازال‮ ‬ساستنا‮ ‬ومسؤولونا‮ ‬يفكرون‮ ‬باتخاذ‮ ‬قرارات‮ ‬صغيرة‮ ‬لحل‮ ‬مشكلات‮ ‬أصغر،‮ ‬هم‮ ‬صانعوها‮ ‬لا‮ ‬تزيد‮ ‬عن‮ ‬كونها‮ ‬تُنغِّص‮ ‬على‮ ‬المواطن‮ ‬حياته‮ ‬أكثر،‮ ‬أو‮ ‬تنقله‮ ‬من‮ ‬حسرة‮ ‬إلى‮ ‬حسرة‮ ‬أكبر‮ ‬من‮ ‬التي‮ ‬هو‮ ‬فيها‮… ‬

فيا‮ ‬أيّها‮ ‬المسؤولون،‮ ‬إذا‮ ‬عجزتم‮ ‬بتفكيركم‮ ‬الصغير‮ ‬عن‮ ‬حل‮ ‬مشكلة‮ ‬السكن‮ ‬في‮ ‬بلادنا،‮ ‬اطلبوها‮ ‬في‮ ‬الصين،‮ ‬وارحمونا‮ ‬يرحكم‮ ‬الله‮.‬ 

 

مقالات ذات صلة