الرأي

اعتذار بلا استحمار!

جمال لعلامي
  • 3702
  • 14

الإعلام الفرنسي ومسؤولو الكيدورسيه، عوّدوا الجزائريين على اختزال الملفات بين الجزائر وفرنسا، عشية كلّ زيارة رئيس فرنسي، في ثلاث نقاط، أو بالأحرى، التركيز عليها وتسليط الضوء عليها أكثر من المحاور الأخرى: الذاكرة، “الفيزا”، التعاون الاقتصادي!

هي فعلا ثلاث “قنابل نووية” لا حلّ لها سوى التفكيك أو التفجير في عرض البحر، لكن الظاهر أن لوبي قويّا في الحكم الفرنسي، لا يريد تفجيرها ولا تفكيكها، حتى يبقى “الخطر” قائما دائما، وحتى يناور بها في كلّ مرحلة ومناسبة، ويستغلها في مسعى الضغط على الطرف الجزائري في محاولة لليّ ذراعه باسم قاعدة “رابح- رابح”!

سواء تعلق الأمر بجرائم الاستعمار، أم تنقل الأشخاص والتأشيرة، أم التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، فإنه في الغالب يكون الجانب الفرنسي دائما “الرابح”، وحتى لا يُقال بأن الطرف الجزائري هو “الخاسر” دائما، فإن الكثير من الحقائق والوقائع والتصريحات تؤكد إلى ما لا نهاية أن “فافا” هي “فافا” لن تتغيّر بتغيّر رؤسائها!

هل ربح الجزائريون من وعود تجريم المستعمر؟ هل ربحوا من تسليم آلاف الشيّاب والشباب ورقة “الفيزا”؟ هل ربحوا من مشاريع استثمارية مازالت غامضة وبلا أثر ملموس؟

لعلّ ما قاله ماكرون بالجزائر بشأن جرائم الاستعمار، تلزمه فقط قبل أن يصبح رئيسا، وهاهو يقول قبل ثلاثة أيام من عُمق إفريقيا بأنه “ليس من جيل الاستعمار”، بنفس الطريقة تقريبا التي تحدث بها سابقه نيكولا ساركوزي عندما قال بأن “الأبناء لا يعتذرون عن جرائم الآباء”!

وزير الخارجية الأسبق، بيرنار كوشنير، اجتهد في زيارة سابقة إلى الجزائر، واخترع “الحلّ” لطيّ صفحة الذاكرة أو تمزيقها بين الجزائر وفرنسا، فقال: “ينبغي انقراض جيل الثورة لتتحسن العلاقات بين البلدين”!

الزيارة “الجديدة لماكرون الرئيس إلى الجزائر، ستضيء برأي متفائلين ومتشائمين ولو جزءا من إحدى زوايا الغرفة المظلمة في العلاقات بين البلدين، وعلى حد تعبير وزير المجاهدين، فإن تجريم الاستعمار هو مطلب شرعي غير قابل للتنازل أو السقوط بالتقادم، لكن هل يُمكن لفرنسا الاعتراف والاعتذار عن جرائمها، وهي من ترعى “الحركى” وتعمل على “استرجاع أملاك” الأقدام السوداء في مستعمرتها القديمة؟

الفرنسيون مازالوا يتعاملون مع الجزائريين وفق منطق المكر، ولذلك، يمهّدون لزيارات رؤسائهم، بعدد التأشيرات التي تحصل عليها جزائريون، وبحجم المبادلات التجارية، وكأنهم يقصدون توجيه رسائل مبطنة، لا تختلف في مضمونها وهدفها عن الرسالة التي فبركوها أمام المركز الثقافي الفرنسي في أسبوع الثورة التحريرية!

مقالات ذات صلة