-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مترشحون يتنفسون الصعداء وآخرون يترقبون الفلسفة والاجتماعيات

الأدبيون يتخطون البكالوريا بشق الأنفس والعلميون على الأعصاب

نشيدة قوادري
  • 4526
  • 0
الأدبيون يتخطون البكالوريا بشق الأنفس والعلميون على الأعصاب
أرشيف

أُسدل الستار، الأربعاء، على امتحان شهادة البكالوريا لفئة المترشحين الأدبيين، الذين تنفسوا الصعداء بعد ما مروا بفترة عصيبة ولحظات صعبة، بسبب شعور الخوف من الفشل والرسوب في البكالوريا، ورغم ذلك فإن جل التلاميذ قد أجمعوا على سهولة الأسئلة في جل المواد والتي وردت في العموم في المتناول مقارنة ببكالوريا لدورات سابقة، باستثناء مادتي الفلسفة والاجتماعيات اللتان صدمتا البعض منهم بسبب اتكالهم على “المواضيع المزيفة”، التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي واعتمادهم على “التكهنات” والتمارين والمقالات الجاهزة.

تلاميذ “ينامون” في قاعات الامتحان.. والسبب الإرهاق
ووقف أساتذة حراس ببعض مراكز الإجراء، في اليوم ما قبل الأخير لامتحان شهادة البكالوريا لهذه الدورة، على ظاهرة نوم المترشحين بقاعات الامتحان لدقائق معدودات قبل انطلاق أي اختبار سواء في الفترة الصباحية أو المسائية، بسبب الإرهاق الشديد الذي لازمهم طيلة فترة الإجراء، جراء عدم النوم باكرا وقضاء ساعات طويلة أمام شاشات الهواتف النقالة الذكية، للبحث عن تمارين ومواضيع ومقالات جاهزة والركض وراء الأسئلة المفبركة التي تروج لها مواقع التواصل الاجتماعي.

“باك” على وقع السجون وعدوى الغش تنتقل إلى النساء
ورغم الإجراءات الإدارية الصارمة الساري العمل بها منذ عقود، وكذا العقوبات الجزائية التي أقرتها السلطات العليا ممثلة في وزارة العدل منذ ثلاث سنوات، والقاضية بسجن كل من تخول له نفسه التورط في ممارسة الغش أو في تسريب أو نشر مواضيع الاختبارات على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن الجهات القضائية المختصة لم تتوقف ومنذ اليوم الأول للامتحان عن ملاحقة المتورطين في الغش من رجال ونساء وحتى تلاميذ صغار في السن، والذين صدرت في حقهم عقوبات حبس تراوحت بين سنة وثلاث سنوات.

بعد فراق عمره 18 سنة.. البكالوريا تجمع أساتذة بتلامذتهم
وبعد فراق دام 18 سنة، التقى أساتذة حراس في بعض مراكز الإجراء بتلامذتهم الذين درسوهم خلال مرحلة الابتدائي، مما أشعرهم بالأمن والأمان وأدخل البهجة في نفوسهم ورفع من معنوياتهم، بشكل حفزهم على الجد والاجتهاد برغم الإجهاد الشديد الذي رافقهم طيلة فترة الاختبارات، إذ قاموا باستحضار ذكريات من الزمن الجميل وأحيوا تفاصيل أحداث من الماضي، والتي عايشوها أنذاك تحت سقف واحد وهو مدارسهم الابتدائية، وأعادت اللقاءات إلى الأذهان مشاهد تأبى النسيان، اختلط فيها الفرح والاطمئنان بالحزن والغضب أحيانا، مع معلميهم الذين قال في حقهم الشاعر أحمد شوقي “كاد المعلم أن يكون رسولا”.
وفي المقابل، صادف حراس بإحدى قاعات الامتحان بمركز الإجراء “ابن خلدون” بالجزائر العاصمة، حالة لمترشحة قامت باستخدام “مشبك الشعر” الخاص بها، في مسك أوراق إجاباتها الإضافية، خوفا من ضياعها وبالتالي ضياع فرصتها في نيل شهادة البكالوريا، وهو الأمر الذي لقى استحسان المؤطرين وأثار إعجابهم لحرص التلميذة الشديد على أوراقها، ورغم أنهم حاولوا طمأنتها بأن إجاباتها بأيدي أمينة وبأنه يتم عادة استخدام “الماسكة” لمسك أوراق التلاميذ، إلا أنها ظلت متمسكة بموقفها.

انسحاب جماعي للأحرار.. ومراكز تغلق أبوابها
وسجلت مراكز إجراء عديدة انسحابا جماعيا للمترشحين الأحرار، حيث استقبل أحد المراكز بالجزائر العاصمة في اليوم الأول من البكالوريا 120 مترشح من أصل 300 مترشح، ليتقلص العدد في اليوم الثاني إلى 30 مترشحا وينقرض في اليوم الرابع ليصل العدد إلى أقل من 30 مترشحا، في حين هناك مراكز إجراء أخرى اضطرت إلى غلق أبوابها بسبب تسجيلها صفر ممتحنين.

الاجتماعيات “تصدم” الأدبيين وتُضعف حظوظهم في نيل الباك
وصُدم مترشحون من شعبة آداب وفلسفة، من طبيعة الأسئلة التي طرحت عليهم في اختبار مادة التاريخ والجغرافيا، في اليوم الأخير من امتحان شهادة البكالوريا، ليس بسبب الصعوبة وإنما جراء اعتمادهم بشكل كبير على المواضيع المفبركة أو المزيفة، والتي تم الترويج لها على مواقع التواصل الاجتماعي عشية الاختبار، على أنها أسئلة حقيقية ومسربة.
ودخل، مترشحون خاصة الفتيات منهن في حالة هستيريا وبكاء، في حين غامر آخرون بمستقبلهم في لحظة يأس خاطفة، إذ وبمجرد استلامهم للمواضيع التي استصعبوها، باشروا عملية الغش باللجوء مباشرة إلى سحب القصاصات الورقية المكتوب عليها الدروس أو ما يصطلح عليها بـ”الحروز”، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، إلا أن تفطن الأساتذة الحراس أحبط مخططاتهم وقضى على مستقبلهم، بعد أن ضبطوهم متلبسين بممارسة الغش وحرروا بذلك تقارير تقصيهم من الامتحان.
ويعيش المترشحون في شعب علوم الطبيعة والحياة، رياضيات، تقني رياضي وتسيير واقتصاد، على أعصابهم، إذ سيختتمون امتحان شهادة البكالوريا الخميس، بعد ما يتم اختبارهم في اليوم الأخير في مادة العلوم الفيزيائية التي ستبرمج صباحا وفي مادة الفلسفة التي ستنظم في الفترة المسائية، على أن يجتاز الممتحنون شعبة لغات أجنبية آخر اختبار لهم في المادة الأجنبية الثالثة وهي إما الألمانية أو الإيطالية أو الإسبانية.

“الأسنتيو”: غياب شبه كلي لأسئلة الحفظ في دورة 2023
وأفاد الأمين الوطني المكلف بالتنظيم بالنقابة الوطنية لعمال التربية قويدر يحياوي، في تصريح لـ”الشروق”، أن بكالوريا هذه الدورة تميزت بانحسار شبه كلي اظاهرة نشر المواضيع المفبركة والمزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي ظلت تؤرق المترشحين وأوليائهم وتؤثر بالسلب على تركيزهم على مدار عشرية كاملة، وهو ما يؤشر إلى بداية استرجاع المدرسة لمكانتها وهيبتها.
وفي تقييمه لامتحان شهادة البكالوريا عموما وبكالوريا الأدبيين بشكل خاص، لفت مسؤول التنظيم بالنقابة إلى وقوفه على وجود تغييرات جوهرية قد طرأت على منهجية إعداد وطرح المواضيع، إذ تم الابتعاد عن أسئلة الحفظ بنسبة كبيرة مقارنة ببكالوريا دورات سابقة، والتركيز على الأسئلة الاستنتاجية والتحليلية والتي أعطت للمواضيع قيمة مضافة، وعالجت دروس الفصول الدراسية الثلاثة.
ونبه قويدر يحياوي من انتشار قضية “تكهنات الأسئلة” و”المواضيع المتوقعة” وأبطالها أساتذة الدروس الخصوصية، والتي وقع في فخها عدد كبير من التلاميذ، حيث أضحت بمثابة النقطة السوداء في الامتحان، مما جعل التلاميذ يهملون دروس السنة الدراسية ويركزون على حفظ واستنساخ مقالة واحدة أو تمرين واحد وفقط، رغم أن البكالوريا هي شهادة تحمل طابعا وطنيا ودوليا وتختم مسارا دراسيا لـ12 سنة من التعليم الإلزامي، وليس مجرد امتحان يلخص مسار سنة أو ثلاث سنوات أو شهر واحد فقط.
وطالب محدثنا القائمين على وزارة التربية الوطنية، اتخاذ جملة من الإجراءات التنظيمية لإنجاح عملية إغفال وتصحيح أوراق إجابات المترشحين، على اعتبار أن امتحان البكالوريا لا ينتهي عند الإجراء، بل تتبعه عمليات جوهرية أخرى وجب توفير كافة الظروف الملائمة والضرورية لتفادي الوقوع في أزمات السنوات الفارطة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!