-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الأشغال لفتح الأدغال

عمار يزلي
  • 612
  • 3
الأشغال لفتح الأدغال
ح.م

عودة الحديث عن الطريق القارّي شمال جنوب، وتحضير مشروع دراسة قبل الشروع في الإنجاز، هو في حد ذاته إنجاز، ذلك أن المشروع الذي يراد له ألا يكون وفقط إعادة إصلاح “طريق الوحدة الإفريقية” الذي دشنه الرئيس الراحل هواري بومدين في السبعينيات، وإنما يراد له توسعة في المجال واتساعا في حجم الأعمال، على اعتبار أنه سيربط بعدة طرق أخرى سريعة ووطنية تربط الجزائر داخليا وتربط بعض دول الجوار من الشمال إلى الجنوب: من تونس إلى مالي والنيجر ونيجيريا وبوركينا فاسو.. والدول المرتبطة بها حدوديا. هذا الجزء “الجزائري” الذي رصدت له الجزائر إلى حد الآن 3 ملايير دولار، تكون قابلة للزيادة بطبيعة الحال، ولكن ليس بزيادة تكلفة الطريق السيار شرق غرب الذي بدأ من نفس الكلفة تقريبا وانتهى بـ6 أضعاف.

الطريق السيار شمال جنوب، لن يكون كسابقه الذي كان وقتها حلما يراود كل الجزائريين ويراود بلدان المغرب العربي وحتى أوروبا من أجل تسويق منتجاتها جنوبا باتجاه شرق وغرب البحر.. سيكون أكثر فائدة ومردودية، إن تمكنا من تشغيل كل شرايينه وروابطه الداخلية والإفريقية بالاقتصاد الوطني والعالمي.

حلم كبير، بدأنا التفكير فيه مع الراحل هواري بومدين الذي كان يفكر في مشروع ضخم من هذا القبيل لتوحيد شمال القارة بوسطها وجنوبها عبر هذا الطريق “طريق الوحدة الإفريقية”، والذي كانت تمنراست تمثل المحطة الرئيسية في الجمع بين اقتصاديات دول الساحل الإفريقي الجنوبي والجزائر عبر معرض “الأسيهار”.

توسيع هذا الشريان ليتحول إلى طريق سيار يرتبط بالطريق السريع شرق غرب وبشبكة الطرقات الوطنية، وبامتداده الإفريقي، ستفتح الجزائر بواباتها الخمسة على القارة فضلا عن الجيران، خاصة تونس وموريتانيا. فيما المغرب، إن سارت الأمور على النحو الذي يراد له أن يكون عربيا، أن يدخل ضمن مشروع ضخم ضمن اتحاد دول المغرب العربي، فالطريق السيار شرق غرب، يصل إلى مسافة بضع كيلومترات فقط من مدينة وجدة، ولم يبق للجزائر سوى 2 أو 3 كلم لتربط خطَّها بخط المغرب الذي لم ينطلق أصلا.. مما يفيد أن التوقف من عند الجيران وليس من عندنا. نفس الأمر بالنسبة لخط السكك الحديدية الكهربائي الذي وصل إلى غاية الحدود مع المغرب وتوقف.

الخط شمال جنوب، لن يكون بديلا عن شرق غرب ووحدة المغرب العربي، بل هو مكمِّلٌ ومضاعف لوحدة الشمال الإفريقي مع جنوبه ومع القارة السمراء ككل. مشروعٌ كان المستعمِر الفرنسي أول من فكر فيه وشرع في تجسيده في أقل من 40 سنة من احتلاله للجزائر. خط وهران بشار، والذي كان يراد له أن يكون خطا عابرا للصحراء، كان بدافع استعماري لنهب خيرات البلدان المستعمَرة في القارة، غير أن هذا الشريان السيار، إن أضيف إليه خطٌّ حديدي كهربائي، سيكون بمثابة الحبل السُّرِّي بين الشمال والجنوب، بل أيضا بين القارة الأوروبية والقارة الإفريقية، وستكون كل من المغرب وتونس وليبيا، والجزائر طبعا هي بوابات وحوض الموانئ البحرية الذي يحضَّر لانطلاق الأشغال فيه هو الآخر.. والذي يرتبط بمشروع خط الحرير الدولي.

مشروع إن تجسد على النحو الذي يراد له: أمنا وسلامة وحراسة وصيانة ودعما ومحطات الخدمات والتزويد بالوقود والراحة والترانزيت، سيشهد نقلة ثورية في الاقتصاد الوطني واقتصاديات البلدان المجاورة والإفريقية، إن هي انخرطت في مسعى تصالحي حواري يضمن مصالح الجميع ويغلق الطريق أمام مساعي التغلغل الخارجي الباحث عن دقِّ إسفين الخلاف بين الأشقاء لاستمرار النهج الاستعماري.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • لزهر

    شكراً الأخ جلال على المعلومة في رأيي أن ما يجري في منطقة الساحل ككل هي حرب مياه لا أقل و لا أكثر و الرئيس هواري عندما طرح عيله سؤال بشأن الأنابيب البترول قال عند جفاف البترول سأقوم بنقل مياه البحر عن طريق هذه الأنابيب.

  • جلال

    الأخ لزهر لا حاجة لنقل مياه البحر الى الصحراء لأن الصحراء نفسها تنام على بحر يمتد تقريبا في كل الصحراء الكبرى بما يسمى طبقة (l'albien ) وقد حاول القذافي استغلاله بما يسمى النهر الأخضر ويحرم الدول التي يمر بها من هذا المورد الهام والمحمي دوليا ثم هناك موارد مياه أخرى في الصحراء لا تقل أهمية , المهم العزيمة والعمل وهل تدري مثلا إن في كل 50 كلم بين المنيعة وتيميمون يوجد بئر مياه محفور وبجانبه أراض صالحة ولكن لا حياة لمن تنادي فلو أعطيت لمن يستغلها لأستغنت الجزائر أما الطريق العابر للصحراء فحدث ولا حرج من المطبات والتكسير لعدم اتقانه

  • لزهر

    و هل ستأخذ سونطراك و خبراءها بجِدية زمام الأمور لنقل مياه البحر في الأتجاه المعاكس إلى الصحراء عند جفاف البترول و الغاز في عشر سنوات القادمة
    هذا الميكانيزم وضعه الأيطاليون قيد الخدمة ولاكن مع قنوات صرف المياه التي تصفى قبل رميها في البحر
    وقد يعمل في أي وقت أو لحظة إذا أستدعت الظرورة لضخ مياه البحر إلى الداخل
    و هي مجهزة بمظخات تعمل بالأتجاه المعاكس.