الرأي

الأطفال والمدنيون أكثر ضحايا العدوان على غزة

بقلم: علي أبو هلال
  • 336
  • 0

الأطفال الفلسطينيون كانوا من أوائل ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي شنّته قوات الاحتلال ‏يوم الجمعة 5/8/2022 واستمر ثلاثة أيام، فقد استشهدت الطفلة آلاء عبد الله قدوم (5 ‏سنوات) عندما كانت تلهو أمام منزلها في حي الشجاعية شرق غزة لحظة قصف طائرات الاحتلال، لتصاب بشظية وترتقي شهيدة في جريمة حرب جديدة تضاف إلى قائمة جرائم ‏الاحتلال بحق شعبنا. وقال جد الشهيدة رياض قدوم: “كانت آلاء تحضّر للروضة.. طلبت منّا حقيبة ‏وملابس جديدة”.. وأضاف “بأي ذنب قُتلت هذه الطفلة البريئة؟…”، ودعا العالم أجمع إلى توفير الحماية ‏لشعبنا من بطش الاحتلال.‏
كانت آلاء تحلم -كما يحلم أطفال العالم- بحياة سعيدة كلها فرح وسرور تحقق فيها أحلامها الوردية، ولكنها لم تعلم أن قوات الاحتلال ستضع حدا لهذه الآمال والأحلام التي تحلم بها، ‏وذلك بقتلها فجأة، من دون أن ترتكب أي ذنب يبرر هذه الجريمة ‏البشعة بحقها.
‏لم تكن آلاء الطفلة الشهيدة الأخيرة في هذا العدوان الجديد على غزة، ولن تكون الأخيرة من ‏المدنيين الأطفال والنساء وكبار السن، كما هي نتائج العدوان والحروب التي شنتها قوات الاحتلال على غزة وعلى سائر الأراضي الفلسطينية المحتلة،‏ فقد بلغ عدد الضحايا الذي استشهدوا في هذا العدوان 49 شهيدا، من بينهم 17 طفلا و4 ‏نساء، وعدد الجرحى نحو 360 جريحا، معظمهم أطفال.
‏ويبدو أن الأطفال في كل الحروب والاعتداءات التي شنتها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، كانوا هم ‏الضحايا الأكثر عددا، وينطبق الأمر أيضا على المدنيين، وكأن إسرائيل لا تعير انتباها للمدنيين، وهي بذلك تنتهك القانون الدولي الإنساني، وقانون حقوق ‏الإنسان، ولا تلتزم حتى بقوانين الحروب والنزاعات المسلحة التي تؤكد ضرورةَ عدم التعرض للمدنيين، ‏والأعيان المدنية، ولا تلتزم بمبدأ التناسب في استخدام القوة المسلحة الذي ينص عليه القانون الإنساني ‏الدولي، وقوانين الحروب والنزاعات المسلحة، طالما أنها لا تتعرَّض للمحاسبة ولا تُفرض عليها أيُّ عقوبة ‏من المجتمع الدولي؛ فقد بلغ عدد الشهداء الأطفال في فلسطين منذ عام 2000 حتى نهاية العام الماضي ‏‏2230 شهيدًا، منهم 315 طفلاً ارتقوا خلال عدوان عام 2009، و546 طفلًا ‏ارتقوا خلال عدوان عام 2014.
وفي العدوان على غزة في ماي 2021 ‏والذي استمر 11 يوماً، كان أطفال فلسطين على رأس قائمة المدنيين المستهدَفين، إذ أرتقى 72 طفلاً ‏جراء قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية منازلهم بكل وحشية، إلى درجة أن بعض العائلات أبيدت بكاملها ‏رجالاً نساء وأطفالا كعائلة أبو حطب، وأبو عوف، واشكنتنا، وعائلة القولق‎.‎..
ولا زلنا نذكر آلاف الأطفال الذين قتلتهم قوات الاحتلال، مثل الرضيعة إيمان حجو في قصف ‏دبابات الاحتلال لخان يونس عشوائيا سنة 2001، ومحمد الدرة الذي استهدفه جنود الاحتلال وهو يحتمي ‏بحضن والده في شارع صلاح الدين بالقطاع سنة 2000. بالإضافة إلى جرائم المستوطنين، ‏ومنها جريمة إحراق وقتل الطفل المقدسي الشهيد محمد أبو خضير، وجريمة إحراق عائلة دوابشة ‏داخل منزلها بقرية دوما جنوب نابلس‎.‎
هذه الجرائم المستمرّة يرتكبها جيش الاحتلال والمستوطنون من دون أي اكتراث ‏بالنتائج والمسؤوليات التي يمكن أن تتحملها على الصعيد القانوني والدولي، لأنها تمرّ من دون أي عقاب، وسط صمت مريب من المجتمع الدولي الذي يقف مكتوف الأيدي ‏أمام إمعان الاحتلال في قتل شعبنا.‏
إن بقاء حكومة الاحتلال الإسرائيلي خارج إطار المساءلة والمحاسبة على مذابحها بحقّ المدنيين، يؤكد فشل المجتمع الدولي والمنظمات الدولية في القيام بمسؤولياتها القانونية، خاصة في ظل ‏اختلال وازدواجية المعايير التي تتجلى للعيان في التصدي للجرائم التي يرتكبها ‏الاحتلال وقطعان المستوطنين بحق الشعب الفلسطيني، في نفس الوقت الذي يبدي المجتمع الدولي ‏والمنظمات الدولية، التفاعل والاهتمام مع الحرب الروسية الأوكرانية، وسعيه المتواصل لتوثيق ما يجري من ‏جرائم في هذه الحرب، ودعوته الحثيثة لمحاسبة من يرتكبها.‏
إن جرائم الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين وخاصة الأطفال في العدوان على غزة، يستوجب ‏المسؤولية الدولية عل حكومة الاحتلال، وتملي على المنظمات الدولية التحرك السريع والعاجل لمحاسبة من ‏ارتكبها، حتى لا يفلت المجرمون من العقاب.

مقالات ذات صلة