-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الأفارقة: بعد طرد فرنسا، طرد الكيان، والبقية قادمة…

الأفارقة: بعد طرد فرنسا، طرد الكيان، والبقية قادمة…

يتناقض الكيانُ الصهيوني مع نفسه عندما يزعم أن غالبية الدول الإفريقية تؤيد قبوله عضوا ملاحظا في المنظمة القارية، كما يتناقض مع نفسه عندما يزعم أن غالبية الدول العربية مع تطبيع العلاقات معه، ذلك أنه يعلم علم اليقين أن كافة العلاقات التي ربطها مع بعض الدول الإفريقية والعربية إنما كانت تتم بطرق مشبوهة، ولم تكن قطّ تحظى بقَبول شعوب تلك الدول.

لو بدأنا بالعالم العربي: هل شعوبُ الدول المطبِّعة مع هذا الكيان، راضية عن مثل هذا التطبيع؟ هل تمت استشارتها ديمقراطيًّا كما يُقال؟ هل أثار هذا الكيان مرة واحدة مسألة استشارة الشعوب العربية وما إذا كانت مع التطبيع أو ضده؟ هل أثار حلفاء الكيان من الغربيين مسألة الديمقراطية التي صَدَّعوا رؤوسنا بها عندما كان الأمر يتعلق باتخاذ المُطَبِّعين قراراتهم من دون استشارة شعوبهم؟ أم أن هذه الحكومات تُصبِح ديمقراطية وشرعية ومُحترِمة لحقوق الانسان بمجرد أن تَقبَل التطبيع، وهي دكتاتورية استبدادية مُتطرِّفة إن رفضت ذلك؟

والأمر ذاته ينطبق على القارة الإفريقية، عندما تربط دولها علاقات مع الكيان الصهيوني تُصبح دولا ديمقراطية براغماتية تُدرك مصالحها، وعندما تَرفُض ذلك تُصبِح مُتطرِّفة، عنصرية، تَنشُر الكراهية، وفوق ذلك تتحكم في مصيرها إيران؟

أي منطق هذا؟ ألم تُصرِّح الناطقة باسم خارجية الكيان، أن طرده من القمة الافريقية إنما كان بإيعاز من إيران؟ وكَأَنَّ الأفارقة من دون قادة، ومن دون دول هي أكبر حجمًا وقدرة من إيران؟ ألا يكفي هذا الإيحاء ليعلم الأفارقة جميعا أنها تستهين بقدراتهم، بل وتَنظر إليهم دوما كرهائن لأجنبي خارج القارة؟

يبدو أن مثل هذا الاتهام يُعَدُّ كافيا ليعلم الأفارقة أنهم في نظر من نَصَّبُوا أنفسهم سادة على العالم إنما لا يستطيعون اتخاذ قرارات بأنفسهم، ولا حول ولا قوة لهم إلا بتدخل أطراف أجنبية، بل ليتأكدوا من النظرة الاستعلائية لهؤلاء الذين مازالوا يعتبرون الأفارقة دون مستوى القدرة على اتخاذ قرارات بأنفسهم، وينبغي لآخرين، ومن بينهم أدوات الكيان، التَّحكُّم فيهم، وقيادتهم، وتوجيههم، والسيطرة عليهم من جديد باسم البراغماتية والمعاملات التجارية الوهمية والدعم التكنولوجي المزعوم.

لقد اجتمع الأفارقة في أديسا أبابا هذه المرة لمناقشة مسائلهم الداخلية، وحل النزاعات القائمة في بعض مناطق القارة، وتعزيز التعاون والتنمية بين دولهم، ولم يجتمعوا لأجل ضم عُنصرِيين جُدد إلى منظمتهم أو قبول النصائح منهم. إنهم على علم جميعا بما يُعاني منه الفلسطينيون من احتلال وتمييز عنصري وتشريد، عاشوا ويلاته فردا فردا قبل اليوم، ومازالت تبعاته قائمة إلى اللحظة، وبلا شك لن تَغريهم الوعود الكاذبة، ولا الأقنعة المُزيَّفة التي ما فتئ الرجل الغربي يُغلِّف بها سياسات الهيمنة والاستغلال التي عُرِف بها تاريخيًّا منذ أن وطئت أقدامه أرض قارتنا الطاهرة.

لقد أدرك الأفارقة اليوم أن العالم يتغير، وأن هناك قوى كبرى، ليس لها ماض استعماريٌّ مع القارة، ولا استعبدت شعوبها وقهرتهم كما فعلت أمريكا وأغلب الأوروبيين، هذه القوى يمكنها أن تُساعدها على النهوض واستعادة مكانها كقطب في العالم. كما أدرك الأفارقة أن كافة النزاعات وكافة أشكال النهب التي تعرفها مناطق مختلفة من إفريقيا إنما خلفها الشركات الغربية العملاقة والرأسمال العالمي الذي للكيان الصهيوني دور في التلاعب به والهيمنة من خلاله.

بكلِّ تأكيد، تعرف دول القارة، ردودَ أفعال هؤلاء، ولكنها كما شرعت في طرد الفرنسيين مستعمِري القارة بالأمس من منطقة الساحل ونجحت في ذلك، الدور قادمٌ على باقي المستعمِرين، ومؤدي التمييز العنصري، المتحالفين مع الرأسمال العالمي المستغِل للشعوب، وعلى رأسهم هذا الكيان الصهيوني المُصطَنَع إلى حين، إنها مسألة وقت فقط، وتتغير كافة الموازين لِصالحنا وليس لصالحهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!