الرأي

الأقصى‮ ‬يُخرب‮.. ‬ولا حدث‮!‬

رشيد ولد بوسيافة
  • 2112
  • 4

كارثة حقيقية ما‮ ‬يحدث في‮ ‬القدس المحتلة هذه الأيام،‮ ‬من‮ ‬غلق لقبلة المسلمين الأولى،‮ ‬ومنع للمسلمين من الصلاة فيه،‮ ‬وتدنيسه من قبل المستوطنين الصهاينة بشكل استفزازي‮ ‬لم‮ ‬يحدث على مدار العقود الماضية‮.‬

يحدث هذا من دون أدنى تفاعل من قبل الشّعوب العربية والقوى الحية فيها،‮ ‬ولم تعد مأساة الأقصى تثير‮ ‬غضب الجماهير كما كانت تفعل من قبل،‮ ‬إلى درجة‮ ‬يغلق فيها المسجد الأقصى لأول مرة منذ احتلال القدس من دون أن تخرج مسيرة واحدة تندد بهذا التطور الخطير‮.‬

أما الحكام والمشيخات العربية فإنّ‮ ‬قضية فلسطين لم تعد تؤرقها على الإطلاق،‮ ‬بعد أن أصبح كل اهتمامها مركزا على مطاردة الدواعش،‮ ‬الذين أسسوا دولة،‮ ‬بعد أن استعاروا أسوأ ما هو موجود بين طيات الكتب التي‮ ‬تتحدث عن التاريخ الإسلامي،‮ ‬وقدّموا نموذجا للدّولة العدمية التي‮ ‬ترعى الإرهاب بكل أنواعه من ذبح وسبي‮ ‬وقتل وتنكيل‮.‬

وحتى الحركات الإسلامية التي‮ ‬كانت فيما سبق المحرّك الأول للغضب العربي‮ ‬ضد الصهاينة،‮ ‬دخلت في‮ ‬متاهة الربيع العربي‮ ‬الذي‮ ‬أشعل فتيل الثورة في‮ ‬كل مكان إلا في‮ ‬فلسطين،‮ ‬بل إن الإسلاميين تنادوا للجهاد في‮ ‬سوريا ضد نظام الطاغية بشار الأسد،‮ ‬ولم تصدر عنهم دعوة واحدة أو فتوى للنفير باتجاه فلسطين‮.‬

ذات الخطيئة سقط فيها الإخوان الذين وصلوا إلى الحكم في‮ ‬مصر،‮ ‬فاستمروا في‮ ‬العلاقة الطبيعية مع إسرائيل،‮ ‬وسارعوا إلى إعلان الالتزام ببنود معاهدة كامب ديفيد حتى قبل أن‮ ‬يُطلب منهم،‮ ‬وفي‮ ‬المقابل أقاموا مهرجانا وأعلنوا فيه قطع العلاقة مع سوريا ودعوا إلى الجهاد في‮ ‬سوريا‮..‬

وهذا لا‮ ‬يعني‮ ‬أن النظام الانقلابي‮ ‬الذي‮ ‬أطاح بالإخوان صحّح الأوضاع،‮ ‬بل أصبح‮ ‬يمارس العمالة سرا وعلانية،‮ ‬ولم‮ ‬يتردد في‮ ‬النيابة عن الجيش الإسرائيلي‮ ‬في‮ ‬دك المدن السيناوية بحجة الإرهاب،‮ ‬ووصل‮  ‬الأمر إلى التّواطؤ بشكل مفضوح على ضرب‮ ‬غزة،‮ ‬وتبرير ذلك عبر الإعلام المأجور الذي‮ ‬أصبح‮ ‬يتحدث بلسان‮ “‬صهيوني‮” ‬فصيح‮!‬

هي‮ ‬حال العرب في‮ ‬2014،‮ ‬بين متآمر وعميل‮ ‬يدافع عن مصلحة إسرائيل على حساب الشعوب العربية،‮ ‬وبين داعشي‮ ‬بشع‮ ‬يقتل من المسلمين أكثر مما تقتله إسرائيل‮. ‬وبين‮  ‬هذا وذاك ضاع الأقصى،‮ ‬ولم تعد قضية فلسطين هي‮ ‬القضية المركزية للعرب والمسلمين‮.‬

لذلك لا عجب إن أحرق المستوطنون مسجدا،‮ ‬وداسوا فلسطيين،‮ ‬من دون أن‮ ‬يكون لذلك رجع صدى لدى العرب الذين‮ ‬يعيشون إحدى أحلك المراحل في‮ ‬تاريخهم‮.‬

مقالات ذات صلة