الأقصى يُخرب.. ولا حدث!
كارثة حقيقية ما يحدث في القدس المحتلة هذه الأيام، من غلق لقبلة المسلمين الأولى، ومنع للمسلمين من الصلاة فيه، وتدنيسه من قبل المستوطنين الصهاينة بشكل استفزازي لم يحدث على مدار العقود الماضية.
يحدث هذا من دون أدنى تفاعل من قبل الشّعوب العربية والقوى الحية فيها، ولم تعد مأساة الأقصى تثير غضب الجماهير كما كانت تفعل من قبل، إلى درجة يغلق فيها المسجد الأقصى لأول مرة منذ احتلال القدس من دون أن تخرج مسيرة واحدة تندد بهذا التطور الخطير.
أما الحكام والمشيخات العربية فإنّ قضية فلسطين لم تعد تؤرقها على الإطلاق، بعد أن أصبح كل اهتمامها مركزا على مطاردة الدواعش، الذين أسسوا دولة، بعد أن استعاروا أسوأ ما هو موجود بين طيات الكتب التي تتحدث عن التاريخ الإسلامي، وقدّموا نموذجا للدّولة العدمية التي ترعى الإرهاب بكل أنواعه من ذبح وسبي وقتل وتنكيل.
وحتى الحركات الإسلامية التي كانت فيما سبق المحرّك الأول للغضب العربي ضد الصهاينة، دخلت في متاهة الربيع العربي الذي أشعل فتيل الثورة في كل مكان إلا في فلسطين، بل إن الإسلاميين تنادوا للجهاد في سوريا ضد نظام الطاغية بشار الأسد، ولم تصدر عنهم دعوة واحدة أو فتوى للنفير باتجاه فلسطين.
ذات الخطيئة سقط فيها الإخوان الذين وصلوا إلى الحكم في مصر، فاستمروا في العلاقة الطبيعية مع إسرائيل، وسارعوا إلى إعلان الالتزام ببنود معاهدة كامب ديفيد حتى قبل أن يُطلب منهم، وفي المقابل أقاموا مهرجانا وأعلنوا فيه قطع العلاقة مع سوريا ودعوا إلى الجهاد في سوريا..
وهذا لا يعني أن النظام الانقلابي الذي أطاح بالإخوان صحّح الأوضاع، بل أصبح يمارس العمالة سرا وعلانية، ولم يتردد في النيابة عن الجيش الإسرائيلي في دك المدن السيناوية بحجة الإرهاب، ووصل الأمر إلى التّواطؤ بشكل مفضوح على ضرب غزة، وتبرير ذلك عبر الإعلام المأجور الذي أصبح يتحدث بلسان “صهيوني” فصيح!
هي حال العرب في 2014، بين متآمر وعميل يدافع عن مصلحة إسرائيل على حساب الشعوب العربية، وبين داعشي بشع يقتل من المسلمين أكثر مما تقتله إسرائيل. وبين هذا وذاك ضاع الأقصى، ولم تعد قضية فلسطين هي القضية المركزية للعرب والمسلمين.
لذلك لا عجب إن أحرق المستوطنون مسجدا، وداسوا فلسطيين، من دون أن يكون لذلك رجع صدى لدى العرب الذين يعيشون إحدى أحلك المراحل في تاريخهم.