-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الأقصى يئنّ.. فهل آن للأمّة أن تتحرّر؟

سلطان بركاني
  • 2385
  • 0
الأقصى يئنّ.. فهل آن للأمّة أن تتحرّر؟

قبل 46 سنة، أي في عام 1969م، حينما أقدم الصّهاينة على إحراق المسجد الأقصى المبارك، سأل أحد الصحفيين رئيسة الوزراء الصّهيونية يومها “غولدا مائير” عن شعورها في تلك الليلة، فقالت: “كانت أصعب ليلة قضيتها في حياتي، لم أنم طوال اللّيل، وانتظرت بخوف شديد طلوع الفجر وردة فعل العرب في الصباح، وعندما طلع الفجر ولم تحدث أي ردة فعل عربية، علمت أنها أمة مازالت نائمة فاتركوها نائمة”!.

شهادة غولدا مائير هذه لا شكّ أنّها غير صادقة في حقّ كثير من أفراد هذه الأمّة، وبخاصّة منهم أولئك الأسود الضّراغم الذين بذلوا أعزّ ما يملكون في ساحات الوغى وميادين النّزال دفاعا عن مقدّسات المسلمين، وربّما لا تكون صادقة أيضا في حقّ أولئك الذين كلّما رأوا ما يحلّ بالإسلام والمسلمين تولّوا وأعينهم تفيض من الدّمع وقلوبهم تغلي كالمراجل، لأنّه حيل بينهم وبين مقارعة المعتدين؛ لكنّ هذه الشّهادة التي أدلت بها رئيسة الوزراء الصهيونية، هي مع كلّ أسف شهادة تصدق في حقّ حكّام العرب والمسلمين، الذين أصبح لا همّ لهم إلا الدّفاع عن كراسيهم وعروشهم والكيد لمعارضيهم وخصومهم، بل قد وصل الأمر ببعضهم إلى التّآمر على فلسطين، والتآمر مع الصهاينة الغاصبين ضدّ المجاهدين الصّادقين في أرض الإسراء، ولعلّ ما أقدم عليه النّظام المصريّ بالتزامن مع الانتهاكات التي يتعرّض لها المسجد الأقصى، عندما أغرق أنفاق غزّة بالمياه لتشديد الحصار على أهل القطاع، يمثّل صورة من أوضح صور التآمر على القضية الفلسطينية.

شهادة غولدا مائير تصدق أيضا في حقّ بعض علماء الأمّة الذين جبنوا عن الجهر بكلمة الحقّ وركنوا إلى أهواء الحكام والأمراء، بدعوى درء الفتن،وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا، كما تصدق أيضا في حقّ الشّعوب التي شُغل أكثر أفرادها بكرة القدم والمسلسلات وبرامج الغناء، وتصدُق أيضا في حقّ بعض طوائف الأمّة التي شُغلت بإيقاد نيران الفتن، بل وبطعن الأمّة في خاصرتها في وقت هي أحوج ما تكون لأن تتوحد؛ يومَ الأربعاء الماضي، وبينما الغيورون على هذه الأمّة تكاد تتفطّر قلوبهم للانتهاكات التي يتعرّض لها المسجد الأقصى، نشرت صحيفة الثّورة اليمنية التي سيطر عليها الحوثيون الشيعة، قصيدة منكرة لشاعر يدعى حمدان اليماني، تعرّض فيها لأمّ المؤمنين عائشة بكلمات حقيرة، واستهزأ بهارضي الله عنها وأرضاهابعبارات سافلة، لا يرضاها حرّ أبيّ في حقّ أمّه، فضلا عن أن يرضاها مسلم في حقّ أمّ المؤمنين؛ وكأنّه لم يكن كافيا أن ترزأ الأمّة في مسرى هاديها، حتى طعنها هؤلاء المتطاولون في زوجة نبيّها عليه الصّلاة والسّلام!.

في المقابل، أصرّت طوائف أخرى على الاستنجاد بفقه غريب عن الأمّة، وُضع على مقاس بعض الملوك والحكّام، فقه يحرّم الوقفات والمسيرات التي وَجد فيها كثير من أفراد الأمّة متنفَّسا لهم للتّعبير عن استنكارهم لصمت حكّام العرب، وقعود حكّام المسلمين عن نصرة المسجد الأقصى المبارك؛ تصرّ هذه الطّوائف على تحريم المظاهرات والمسيرات السّلميّة، مع أنّها من الوسائل التي الأصل فيها الإباحة، وتتغيّر بتغيّر الزّمان والمكان والواقع، وهي من وسائل تغيير المنكر التي تلجأ إليها الشّعوب والجماعات للمناداة بحقوقها والمطالبة برفع المظالم عنها.

الأقصى في خطر، بل مستقبل الأمّة كلّها في خطر، وما عاد ينفع أمّة المليار أن تنتظر موقفا مشرفا من حكامٍ أفسدوا دين الأمّة ودنياها، ولا عاد في وسع الشّباب خاصّة أن يرهنوا عقولهم وقلوبهم لهذه الطّوائف ولأولئك العلماء، بل عليهم أن يتحرّروا من ربقة التعصّب للجماعات مهما كانت أسماؤها براقة، وللعلماء السّاكتين عن الحقّ مهما علت ألقابهم وكثرت مؤلّفاتهم، فالعلم هو الخشية، والعلماء حقا همالَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّه“.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!