الشروق العربي
مواجهة الزوج والعائلة والمجتمع صراع يومي

الأمهات العاملات.. تحديات بلا حدود

نسيبة علال
  • 2131
  • 6

تواجه الأم العاملة جملة من المصاعب اليومية، التي عليها التعامل معها للمحافظة على فاعليتها الاجتماعية والمهنية في آن واحد، دون الاستسلام. فبغض النظر عن تضحيتها براحتها الشخصية وبعض هواياتها وحتى بصحتها في بعض الأحيان، لطالما تشعر الأم العاملة بلذة الإنجاز أكثر من غيرها.

عملها في منصب مستقر يوفر لها استقلالية وراحة مادية، أو حتى في مشروعها الخاص الذي يضمن لها مزيدا من الهدوء والاتزان في حياتها، تطالب الأم دائما بأداء وظيفتها الرئيسة وعدم إهمال أي جانب منها، ألا وهي الأمومة الملخصة في التربية بالدرجة الأولى والرعاية.

مواجهة الزوج والعائلة والمجتمع صراع يومي يصعب المهمة

يوافق الكثير من الأزواج على عمل المرأة في بداية الارتباط، بل منهم من يعتبر العمل شرطا لتوفير الاكتفاء المادي في الأسرة، مع ذلك يبدأ أغلب هؤلاء بالتذمر من عمل المرأة فور ما تصبح أما، ويطالبون بعناية أكبر للبيت والأطفال، إذ أثبتت دراسات أن الرجال الذين يخضع أطفالهم للعناية من قبل مربيات أو في رياض الأطفال يعتبرون زوجاتهم مقصرات ولا يؤدين واجباتهن على أكمل وجه، مهما كانت النتائج مرضية، بل على العكس، تؤكد الأخصائية النفسية، نادية جوادي، أن وظيفة المرأة يمكن أن تظهر ثمارا جيدة في تربية الأبناء، فالأم القائدة في عملها تكتسب شخصية مميزة في التعامل مع أطفالها كما تتعامل مع محيط الموظفين معها أو تحت إمرتها، وعادة ما يكون الانضباط والصرامة والاحترام أساس علاقتها بأسرتها، لذلك لا داعي للقلق”.. رغم كل هذا، على الأم أن تواجه اتهامات شريكها بالتقصير وحتى نظرة المجتمع إليها، بكونها تغيب ليوم كامل، والبعض يعتقد أنها لا تقدم الحنان الكافي والرعاية اللازمة لأطفالها، ما قد يضعها في الميزان بين بيتها وأسرتها، خاصة إذا لم تتلق الدعم والتشجيع من جانب آخر.

الاستيقاظ المبكر وإهمال الذات إنذار بمشاكل نفسية وصحية بعد التقاعد

تبدو الأمهات العاملات أكثر نشاطا وحيوية في حياتهن اليومية، فهن يستيقظن باكرا ويقمن بواجباتهن المنزلية على عجل، ليتفرغن للعمل والإنجاز.. هذا ما يراه المجتمع، غير أن واقعهن لا يمكن أن تشعر به سوى أم في مثل وضعهن، فالتحدي اليومي بالنسبة للعاملات هو كيف يمكن أن يوفقن في إنجاز مسؤولياتهن الأسرية والمهنية دون التقصير في أحد الجانبين، تقول فتيحة: “تقاعدت بعد قرابة ثلاثين سنة من العمل في مجال التدريس، كنت أشعر مع مرور الوقت بأنني أعتاد على عملي وعلى كبر مسؤولياتي في تربية الأطفال. وفي الوقت ذاته، كنت أتمنى لو كان بإمكاني الانسحاب في أي لحظة، قبل أن أكمل الطريق.. كنت مصابة بعدة أمراض، منها السكري وضغط الدم، بسبب الإجهاد والتوتر الدائم واضطراب نظامي الغذائي”. أما بالنسبة إلى مليكة، وهي ممرضة مقبلة على التقاعد، تقول: “لم تشكل مهنتي صعوبة في تربية أبنائي، فقد كنت أنظم وقتي جيدا، وأحرص على تغذيتنا السليمة، وألتزم بأوقات الراحة، لكن ما يزعجني في نهاية مشواري المهني، أنني ضحيت بقضاء وقت كاف وممتع مع عائلتي وأصدقائي وخاصة مع زوجي، كيف مضى العمر وأنا أضيع فرص السفر والحفلات والأعراس، لأثبت لنفسي أنني قادرة على إخراج أشخاص صالحين اجتماعيا من دون أن تنقصهم أي ماديات أو معنويات”.

هذا، فيما تؤكد العديد من الأمهات أن حصولهن على النجاح المهني والأسري في الوقت ذاته، يساوي العديد من ليالي السهر، بسبب عدم تفهم المديرين والمسؤولين، وإهمالا لجمالهن وعنايتهم بأنفسهن في الكثير من الأحيان، وتضحية بعلاقاتهن الاجتماعية في أحيان أخرى.. ومع كل هذا، فإن نتائجهن في المجتمع أفضل مما تجنيه بعض الأمهات الماكثات في البيت في تربية وتعليم ومرافقة أبنائهن.

مقالات ذات صلة