-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الأمّة الإسلامية.. ونواقض الخيرية

الأمّة الإسلامية.. ونواقض الخيرية

ليس عبثا أن يصف القرآن الكريم الأمة الإسلامية بأنها خير أمة أخرجت للناس في قوله تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ (آل عمران: 110)، وقد يعترض علينا بعضهم بأن هذه الصفات موجودة في كل الأمم التي سبقتنا، ومن الحيف نسبتها إلى الأمة الإسلامية خاصة، ونتفق مع هؤلاء في أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله قيم أخلاقية وإيمانية متوارثة بين الأمم، ولكن حينما تفقد أمة من الأمم قيمة من هذه القيم أو تفقدها جميعا وتتحول إلى أمة ماردة متمردة على شرائع السماء وقوانين الأرض فإنها تنزل بالضرورة إلى درك الشيطانية وتلتحق بطابور العابثين المارقين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.

في الشريعة الموسوية قيم إيمانية عليا، فالله، الذي أمر موسى -عليه السلام- بني إسرائيل بعبادته هو إله واحد، ولكنّ يد التحريف جعلت معه آلهة بل وتهكمت التوراة المحرفة على الذات الإلهية وهي تبكي على خراب أورشليم ويقول التلمود عن الله -جل شأنه- إنه يقسم يومه إلى أربعة أجزاء: في الجزء الأول يجلس ويطالع الشريعة، وفي الجزء الثاني يتفرغ لحكم الكون، وفي الجزء الثالث يطعم العالم، وفي الجزء الرابع يستريح ويلعب مع الحوت ويداعب التمساح.

في الشريعة الموسوية قيم أخلاقية عالية، ولكن طبائع اليهود وصنائع الرهبان أفسدتها وحولتها إلى قيم عنصرية بغيضة، تنتصر للجنس اليهودي وتتعصب ضد الغوييم، تستبيح دم الأغيار وتستميت في الدفاع عن شعب الله المختار! يأمر قادتها العسكريون والدينيون بتدمير المدن على رؤوس ساكنيها ويُمعنون في قتل الأطفال وبقر بطون النساء، ثم يسمون هذا “يوم النبي موسى”!

ولا يختلف حال الأمم الأخرى عن حال الأمة اليهودية، فكلها تجمعها خاصية واحدة وهي أنها أخرجت القيم الإيمانية عن مرادها وجعلت القيم الأخلاقية قيما خاصة بشعبها ومحرمة على الشعوب الأخرى. وتبقى الأمة الإسلامية بشهادة القرآن الكريم خير أمة أخرجت للناس لأنها استجمعت عناصر الإيمان الصحيح ومقاصد القيم الأخلاقية الحقيقية، فهي أمة تؤمن برب وإله واحد لا يشركه في الحاكمية أحد ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ﴾ (الزّخرف: 84)، إله منزه تختلف صورته العلية عن الصورة التي وردت في الكتب الأخرى، وهي -أي الأمة الإسلامية- أمة، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، تفعل ذلك تعبدا لله، ولا تفرق في ذلك بين تابعيها أو مخالفيها، فلا أحد فوق العقاب.. وفي التاريخ الإسلامي شواهد حية على ذلك لا ينكرها إلا مكابر، فقد قرأنا في سيرة الفاروق عمر -رضي الله عنه- انتصاره للذمي على المسلم حينما تأكد أن الحق إلى جانب الذميّ، وأمرُه -رضي الله عنه- عمر بن العاص بهدم المسجد وإقامة بيت المرأة النصرانية.

إن الأمة الإسلامية هي خير أمة وهناك شواهد تاريخية كثيرة -كما أسلفت – على هذه الخيرية وهي خيرية ممدودة وليس مجذوذة أو مبتورة، فالخير باق في هذه الأمة -كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم- إلى يوم القيامة، ولكن ما يجب أن نحذر منه هو أن لهذه الخيرية نواقض، منها على سبيل المثال لا الحصر:

  1. أن تحيد الأمة الإسلامية عن شريعة الله وتستبدل بها شرائع أخرى ما أنزل الله بها من سلطان، متبعة في ذلك سنن من قبلها ومتكئة على بعض الأفكار العلمانية التي توهمها بأن الزمان قد تغير وأنه يجب عليها لضمان بقائها التكيف مع الواقع وقبول التنازل عن بعض الأحكام الإسلامية التي فيها شدة ظاهرة كما يزعم العلمانيون وبذلك تحافظ على مكاسبها التراثية وتؤمن انخراطها في مسيرة العالم الجديد والنظام العالمي المتجدد!
  2. أن تتخلى الأمة الإسلامية عن دورها الردعي والتوعوي، فيتلقفه بعض الجهلة والسفلة المغالين والمتعصبين فيسوسون للناس وفق أهوائهم، ويتحول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى وسيلة للانتقام من المخالفين حتى من بني جلدتهم تحت مسمى “جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” التي ترى أن المنكر هو ما أنكره شيوخها وقادتها، وكل من خالف ذلك ناله التعزير كائنا من كان لا يرقبون فيه إلا ولا ذمة.
  3. أن يتصدى بعض الجهلة لتفسير مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيسطون على ما هو من مهام السلطان ويصبحون هم الآمرين الناهين، ثم يفاخرون بعد ذلك بأنهم حراس العقيدة وحماة السنة.
  4. أن تتخلى الأمة الإسلامية عن واجبها الديني في حفظ العقيدة الإسلامية، فتجد الفرق الضالة والنحل الدخيلة في ذلك مساغا لإفساد عقيدة الأمة أو تشويهها ببعض الشركيات التي ما أنزل الله بها من سلطان.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!