الشروق العربي
كلام في الممنوع

الأنثى المتوحشة

نورهان بليدي
  • 5580
  • 7
ح.م
آسيا أرجنتينو

تابعت قبل أيام قصة اتهام صحيفة نيويورك تايمز للممثلة الايطالية آسيا أرجنتينو باغتصاب الممثل الشاب جيمي بينيت بأحد الفنادق بكاليفورنيا عندما كان عمر هذا الأخير 17 سنة، وقد أخذني الفضول الأنثوي و”التقرعيج” النسوي، لمعرفة حقيقة تلك الاتهامات، فصدمت بحقيقة رضوخ الممثلة التي كانت بعمر 37 سنة عند حدوث الواقعة، بدفع 380 ألف دولار للممثل لقاء شراء سكوته، وأن هذه الصفقة التي تمت كما أضافت الأخبار قد تمت شهر أبريل الماضي، قبل أن يتم سحب الدعوى القضائية التي رفعت ضدها.
المثير في هذه الدعوى التي رفعها الممثل الشاب بحجة أن تلك الحادثة سببت له “جفافاً في بطاريته الجنسية” مع خلل عصبي مستديم، حسب نص القضية كما نشرتها الصحيفة، كانت ضد واحدة من النساء المعروفات بنضالهن الطويل ضد التحرش الجنسي الذكوري إن صح التعبير، وضد عمليات الاغتصاب، وضد امٍرأة قادت سنة 2017 حملة إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار “أنا أيضا” تطالب فيها النساء اللواتي تعرضن للتحرش أن يرفعن أصواتهن بالشكوى وبالتقاضي، ما يحيلنا مباشرة إلى طرق موضوع غاية في الخطورة، لا يتم التطرق إليه إلا نادرا جدا، بل ويعتبر من الطابوهات غير المحببة الاشارة اليها، ألا وهو موضوع المرأة المغتصبة (الفاعلة وليست المفعول بها)، أو ما يمكن الاصطلاح عليه بالأنثى المتوحشة، التي عادة ما تلبس لبوس الضحية المسكينة التي تستجلب التعاطف معها.
هذه القضية الشائكة، أصبحت اليوم، ومع تطور الحياة المعاصرة وحصول المرأة على هامش واسع من الحرية والاستقلالية المالية، أصبحت تتطور بشكل لافت مع اكتساب المرأة في جزء غير بسيط من الطبقة النسائية العاملة، صفات ذكورية واضحة، بات معها باستطاعة المرأة التي فقدت أنوثتها، وفقدت عوامل الضبط الاجتماعي معها، قادرة على ممارسة الاغتصاب بحق الرجل أحيانا بطرق ماكرة غير مباشرة، وأحيانا أخرى بطرق مباشرة، مستغلة في ذلك مكانتها الاجتماعية والمهنية، وحتى قدراتها المالية الرهيبة، أو مجرد قوامها الرشيق، في الحصول على لذة محرمة خارج دائرة الحلال والمسموح.
صحيح أن الظاهرة في أوطاننا العربية ليست بذات الانتشار في العالم الغربي الذي تحرر من جميع القيود والضوابط، خاصة في الأوساط الفنية والسياسية، حيث الشهرة والأضواء، وقد قرأت مؤخرا أيضا تصريحات مثيرة للمغني التركي جيم بليفي عن تلقيه عروضا غير أخلاقية من النساء، وأنه يتعرض دائما للتحرش الجنسي منهن، حيث تعمد الكثير من الفتيات إلى إرسال صورهن عاريات إليه، إلا أن ذلك لا يعني أننا خارج دائرة هذا التحول الكبير والخطير في مجتمعاتنا التي تعرف بدورها انفتاحا جنونيا غير مدروس، يلعب فيه التقليد الأعمى الدور الرئيسي، خاصة لدى الفتيات اللواتي، يعانين الكبت بنفس الدرجة وربما أكبر من الرجال نتيجة انتشار ظاهرة العزوف عن الزواج وانتشار العنوسة، ما يدفع ليس فقط إلى التنازلات الأخلاقية من لدن بعض النساء، بل وإلى التحول إلى فاعل “مغتصب” في بعض الأحيان حين يغيب الرادع والوازع الديني.
غير أن الأخطر من الفعل المباشر الذي قد تلجأ اليه بعض المنحرفات، من المتوحشات جنسيا، يبقى فعل الاغتصاب غير المباشر الذي تتقنه الكثيرات هو الأكثر انتشارا والأشد فتكا، عندما تعمد الأنثى المتربصة، إلى اغتصاب الرجل بطريقتها عبر ما تتقنه من تقنيات الإغراء المتقدمة جدا بحيث لا نعرف بعدها بعد وقوع الفعل من هو المغتصب ومن الضحية؟
المؤكد أن المعايير بدأت تنقلب ومن كان بالأمس يظهر على أنه حمل وديع، قد يظهر غدا ذئبا ماكرا، وما كان يظهر غصن شجرة يابسة قد يكون حية قاتلة، فلا تغرنكم المظاهر أبدا، واسألوا الله العفو والعافية.

مقالات ذات صلة