-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الحرائق المتكررة أدت إلى هجرته من داخل المحمية الطبيعية

الأيل البربري مهدد بالانقراض في محمية بني صالح بقالمة

نادية طلحي  
  • 2194
  • 0
الأيل البربري مهدد بالانقراض في محمية بني صالح بقالمة
أرشيف

ظلّت المحمية الطبيعية بغابات جبل بني صالح، الواقعة بأقصى الجهة الشمالية الشرقية لولاية قالمة، على حدودها مع ولايتي الطارف وسوق أهراس، وإلى وقت قريب تزخر باحتوائها على العديد من الطيور والحيوانات النادرة عبر العالم، خاصة منها الأيل البربري المهدد بالانقراض، حيث كانت محمية بني صالح تضم نحو 100 رأس من هذا الحيوان النادر، بعد أن قامت السلطات سنة 2015 بجمع بعض رؤوس الأيل البربري التي كانت متواجدة بغابة القالة بولاية الطارف، ونقلها للعيش في المحمية الطبيعية بجبل بني صالح بقالمة، إلاّ أنه ومع مرور السنين وبسبب العديد من الظروف، خاصة منها الحرائق التي شهدتها الغابة على مدار السنوات الأخيرة ومنها حريق أوت2020 بدأ في التناقص الذي يهدد بالانقراض.

الأيل البربري يلجأ إلى غابات تونس فرارا من الحرائق
كما بدأ عدد حيوان الأيل البربري في التناقص تدريجيا، إلى أن كاد يختفي تماما، بعدما فرّ العديد منه من جحيم الحرائق التي شهدتها المنطقة صائفة سنة 2017، وطالت أجزاء هامة من المحمية، متوجهة إلى الغابات الممتدة على الحدود بين ولايتي سوق أهراس والطارف، ولم تستبعد مصادرنا بأن بعض رؤوس الأيل البربري قد أخذت طريقها في ذلك الوقت إلى الغابات المتواجدة في التراب التونسي.
كما أن تكرر الحرائق من سنة إلى أخرى تحول إلى ظاهرة تهدد تواجد هذا الحيوان داخل المحمية المهدد بالنيران كل صيف، وعلى سبيل المثال فقد حدث خلال شهر سبتمبر من سنة 2020 وأن عثر أعوان محافظة الغابات بولاية قالمة، خلال عملية تمشيط قاموا بها رفقة إطارات الغابات بمقاطعة بوشقوف، داخل المحمية الطبيعية لغابات جبل بني صالح، على صغير أيل بربري، ملقى على الأرض داخل الغابة، وفي حالة صحية جد متدهورة جراء تعرضه لحروق على مستوى قوائمه، خلال سلسلة الحرائق المدمرة التي شهدتها غابات بني صالح قبل تلك الفترة، حيث سارعوا إلى تقديم الإسعافات اللازمة لصغير الأيل البربري الذي يبلغ من العمر نحو أربعة أشهر فقط، وإتمام إجراءات نقله إلى مركز الصيد لزرالدة بوسط البلاد، لتمكينه من العلاج والرعاية اللازمة حتى يستعيد عافيته.

.. الأيل يعود إلى غابات بني صالح بعد إخماد الحرائق
وكان أعوان محافظة الغابات لولاية قالمة، خلال ربيع سنة 2018 قد رصدوا عودة بعض رؤوس الأيل البربري إلى غابة بني صالح، التي تحتوي أيضا على بعض أصناف الطيور النادرة، والحيوانات البرية الأخرى، التي تسعى فرق الإطفاء مع صائفة كل موسم خلال تدخلاتها لإخماد النيران، لحمايتها ومنعها من الهجرة، حفاظا على بقائها داخل المحمية الطبيعية، أين تتوفر كل الظروف لعيشها وتكاثرها.
ورغم المساعي التي ظلّت تبذلها السلطات الولائية في كل مرّة لحماية الأصناف النادرة من بعض الحيوانات البرية داخل محمية بني صالح، خاصة منها حيوان الأيل البربري، الذي يعتبر من الأصناف النادرة المحمية عالميا بقوانين خاصة، إلاّ أنه لا يزال مهددا مع حلول كل فصل بموجة الحرائق التي تشهدها الغابة الشاسعة، والتي تمتد بين ولايات الطارف، قالمة وسوق أهراس، على مساحة إجمالية تفوق الـ80 ألف هكتار، من الأحراش والأشجار الغابية المختلفة، منها نحو 2000 هكتار مخصصة كمحمية طبيعية مصنفة. حيث إنه ومع اشتعال النيران في هذه الغابة، تسعى فرق التدخل والإطفاء للحماية المدنية ومحافظة الغابات، في كل مرّة لمنع وصول ألسنة اللهب إلى داخل المحمية، والتسبب في إلحاق الأذى بما تحتويه من حيوانات وطيور نادرة، لكنه وأمام هول تلك الحرائق فإنها كثيرا ما تخترق المحمية وتتسبب في تهجير بعض الحيوانات ومنها الأيل البربري.

.. فرق خاصة تتفقد الغابات لإعادة الأيل إلى المحمية
ويقوم أعوان محافظة الغابات لولاية قالمة، وبالتنسيق مع الجهات المتخصصة مع نهاية كل صيف، بمحاولة لرصد تحركات الأيل البربري داخل الغابة، بغرض إعادته إلى داخل المحمية وحمايته من مختلف العوامل التي تهدد تواجده، خاصة منها الصيد الجائر لهذا الحيوان النادر والذي تحميه قوانين خاصة.
كما أن فرق بحث من بعض الجامعات الجزائرية تنزل من حين إلى آخر إلى الغابة وتحديدا إلى المحمية الطبيعية، لدراسة النظم البيئية ومتابعة دورة الحياة هناك ودراسة أنواع الحيوانات والنباتات، وفق بحوث ودراسات علمية المختلفة والتي من شأنها أن تساعد في توفير الظروف الطبيعية الملائمة للحفاظ على الأيل البربري، خاصة أن منطقة جبال بني صالح تعتبر أغنى منطقة عبر التراب الوطني، من حيث التنوع النباتي، وتحتوي على أصناف عديدة ومختلفة، من أشجار الفلين والزان والكاليتوس، بالإضافة إلى الغطاء النباتي الثانوي المتمثل في بعض النباتات العطرية على غرار الضرو، والقندول، والعليق، والريحان، والزعتر، وإكليل الجبل وغيرها من النباتات والأعشاب الطبية الأخرى، بالإضافة إلى بعض نباتات الزينة النادرة وهبتها الطبيعة للإنسان، الذي يعبث بقيمتها في كل مرّة ويتسبب في الكارثة التي تحلّ بالغابة مع فصل كل صيف.
كما أن المحمية الطبيعية بغابة جبل بني صالح، تحتوي أيضا على حيوانات وطيور وزواحف وحشرات متعددة في مقدمتها حيوان الأيل البربري الذي لا شيء يهدد تواجده في المحمية الطبيعية، سوى الحرائق التي تطالها مع كل موسم صيف، حيث يصنف المختصون الحرائق في المرتبة الرابعة في قائمة الكوارث الطبيعية الكبرى لما تخلفه من دمار وتأثير كبير على الاقتصاد والسياحة والصحة والنظم البيئية، كما أنها تساهم في تقلص نسبة تساقط الأمطار، في المواسم القادمة.
ويبقى حيوان الأيل البربري عرضة لمختلف الأخطار التي تضمن تواجده وتكاثره الطبيعي داخل المحمية، إلى حين تجسيد جملة المشاريع التي كانت مقررة منذ عدّة سنوات، لتهيئة المحمية وتوفير نظام حماية خاص بها، يقيها من خطر الحرائق التي تهدد مكوناتها مع فصل كل صيف.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!