-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الأكاديمي شاهين دواجي لـ "الشروق":

الإبداع بالعربية يخضع لاعتبارات مادية.. ودور النشر تحولت إلى شركات تجارية

إبراهيم جزار
  • 440
  • 1
الإبداع بالعربية يخضع لاعتبارات مادية.. ودور النشر تحولت إلى شركات تجارية
أرشيف

يقدم الباحث الأكاديمي عن جامعة سيدي شاهين دواجي في حواره هذا جملة من الملاحظات ووجهات النظر المصاحبة لآليات ترقية اللغة العربية تعليميا وإبداعيا، معتبرا غياب الحافز القومي أحد أهم أسباب الركود اللغوي العربي، كما يعرج ذات الناقد على الصناعة النشرية وسياقاتها المرتبطة بالحافز المادي وتبعاته على مشهد معرب غير مستقر وغير مؤثر

كيف تُقيمون واقع تعليم اللغة العربية في الأطوار التّربوية راهنا؟

لا يسعنا أن نكون متفائلين جدّا بواقع تعليميّة اللغة العربيّة، هنالك رضوض كثيرة تعيق العمليّة، أبرزها هشاشة المادّة اللغويّة التي لا تشجّع على تكوين لسان مستقيم، هناك أشياء كثيرة في حاجة إلى إعادة نظر، لعلّ أبرزها اعتبار مادّة اللغة هامشيّة بالنسبة للشّعب العلميّة، أو أن يضيع التحصيل اللغويّ وسط كمّ هائل من التّعلّمات التي تثقل المتعلّم المبتدئ كما هو الحال بالنّسبة للتعليم الابتدائي، وأمر آخر هو عدم التناسب بين كثير من المواد اللغويّة والسّقف العقلي للمتعلّم، خذ مثلا درس “البدل وعطف البيان ” المقرر على النهائي العلمي، حيث يجب أن يفرّق المتعلّم بين الظاهرتين وهو أمر لا يحسنه بعض الأساتذة، لأنّ مكانه مخابر الدرس اللغوي، ومثل هذا كثير.ز

ما هي أهم المعوقات التي تحول دون تمكن اللغة العربية من تبوء مكانة هامة في الأطر الاجتماعية ببلادنا؟

اللغة هي بيت الوجود، أو هي وجود ثانٍ، وآلة التفكير، ومن ثمّة هي هويّة على الحقيقة، ومن ثمّة فمكانتها ليست مسؤلية السّلط، بل هي رغبة قوميّة بالدّرجة الأولى، حين تجد العائلة تتشجّع الصبيّ على النّطق السليم للغة، وترصّد أخطائه، ومحاولة بناء القدوة اللّغويّة… هنالك ستكون السّلط مجبرة على التّكيّف مع رغبة الأمّة، أتصوّر أنّ بقاء العمليّة التعريبيّة مشلولة في كلّ الإدارات، والاحتفاء المبالغ فيه بلغة الآخر – من النّاحية النفسيّة – قد قزّم مكانة اللّغة في نفوس أهلها، فلم تؤت جهود التّنمية اللّغويّة أكلها ناهيك عن أنّ بعض المبادرات في هذا الصّدد تخضع لإيديولوجيّات معيّنة، تشجّعها دوائر من أجل مصالح لا تمتّ بصلة للعربيّة، مازالت فرنسا إلى الآن تعيد إحياء موات العلامات اللغويّة اللاتينيّة، وتشتغل مخابر متخصّصة على ذلك، كما تصرف ببذخ في سبيل انتشار لغتها، لأنّها تدرك تأثير اللغة على الجغرافيا، وأنّ أمنها السّياسي مرتبط بأمنها اللغوي.

كباحث متخصص وناقد أدبي، كيف تقيمون واقع الإنتاج الأدبي (المُعرَّب) في بلادنا من حيث الشكل والمضمون في الوقت الراهن؟

علينا أن نعترف أوّلا بخضوع المنجز الإبداعي للاعتبارات المادية، فمع وجود كوكبة من المبدعين إلا أن ظروف الطّبع والنّشر ستظل عائقا في سبيل انتشار كبير للمنجز المعرب، وهذا الإشكال المادّي ذاته سيحول دون وجود لجان قراءة تؤطّر دور النّشر، إنّ تحوّل النشر إلى نشاط ربحيّ جعل من الكلّ كاتبا كبيرا، فلم يعد غريبا أن تجد أخطاء إملائيّة في نصّ يقدّمه صاحبه على انّه رواية أو شعر، باستثناء بعض الأعمال التي يقدّمها بعض الكتاب ممن أسعفهم الحظّ في الحصول على خلفيّة معرفيّة مؤهّلة، أو المنجز النّقدي ذي الطّبيعة العلميّة، وهذا الذي تفطّن إليه الإخوة في المغرب وتونس.

من الناحيّة الشّكليّة والمضامينيّة مازالت إشكالات التّجنيس، وبعض المواضيع مطروحة على السّاحة، ولعلّك تلحظ هذا في بعض الكتابات المتسرّعة عن وباء كورونا التي تفتقد كلّيا للنّضج، وأغلب كتّابها من جيل الشّباب، غير أنّه يمكن التّنويه بتجربة جزائريّة نابتة هي أدب الصّحراء الذي يروّج له ثلّة من الكتاب كالدكتور الزيواني من جامعة أدرار، وقبله د/ السعيد بوطاجين في أعوذ بالله، مثل هذه التّجارب الفتيّة حقيقة بالتشجيع.

ما هي الحلول التي تقترحونها للنهوض باللغة العربية في بلادنا؟

كما أشرت قبلا، لا يمكن الحديث عن نهضة للعربيّة دون وجود رغبة قوميّة، بعد هذا يمكننا الحديث عن دور مؤسسات الدّولة في التّخطيط اللّغوي ومحاولة إيجاد برامج قارّة، تقدّم الزّاد الكافي والمناسب للمتعلّم، بالموازاة مع هذا هناك العمل المخبريّ الذي يؤطّر جلّ الاشتغالات اللغويّة سواء الإبداعيّة أو النّقدية، أو ما يتفرّع عنها، وليست هذه الأخيرة مهمّة أهل العربيّة فحسب، بل هي مهمّة عدّة حقول معرفيّة كعلم النفس والتربية والأنثروبولوجيا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • ثانينه

    مازلنا الي اليوم نتكلم علي نفس المشاكل..مع العلم ان الابداع في اي مجال لاعلاقه له مع اللغه وانما مع الانسان في حد داته ..العربيه لسان من اللسانيات لن يفرض نفسه مادام العرب خارج دائره الانتاج الثقافي الاقتصادي الصناعي فهم تبعيه للغرب في كل المجالات