-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الأديب المغترب فتحالله نوار يتحدّث إلى"الشروق":

الإبداع من خارج الوطن ينطلق من رؤية عالمية

إبراهيم جزار
  • 492
  • 0
الإبداع من خارج الوطن ينطلق من رؤية عالمية
ح.م

يقدم الأديب المغترب، ابن تلمسان الدكتور فتح الله نوار في حواره الذي جمعه مع “الشروق” وجهات نظر متعددة عن طبيعة الإبداع، وعلاقة المبدع والمثقف بمحيطه الأصلي والحاضن، ويتطرق إلى جديد كتابته ألا وهي رواية جنان الأرواح التي تقدم إضافة وإثراء لمكتبة الأدب الجزائري المغترب في أوربا والوطن الأم الجزائر.

كيف يقدم الدكتور فتح الله نوار نفسه لقراء “الشروق”؟؟

بداية، الشكر موصول لجريدة “الشروق” عن هذه النافذة الإعلامية لأطل من خلالها على قراء “الشروق”.. فتح الله نوار من مواليد عام 1961 بجبالة ندرومة ولاية تلمسان، ولكني نشأت في مدينة الغزوات، مثقف مغترب ينتمي إلى بلده الأصلي عروبة ودينا وتاريخا.. شاءت الأقدار أن أبتعد عن وطني قريبا من ثلاثة عقود، وقد أتيحت لي الفرصة لتصقل شخصيتي بمعارف وخبرات لاسيما في تخصصي تعليم العربية للناطقين بغيرها.. أنا بين فرنسا والمجر أي بين الفضائين الأوربي الغربي والشرقي، وقد مكنني ذلك من نيل شهادة الدكتوراه من جامعة بودابست، ومن قبل شهادة الدراسات المعمقة من السوربون…
أدير حاليا مؤسسة تعليمية في ضواحي باريس، وقد صدر لي كتاب في ميدان تعليم العربية للناطقين بغيرها المفيد في اللغة العربية ورواية بعنوان جنان الأرواح صادرة عن منشورات المثقف بباتنة.

حدثنا عن منتجك الأدبي الأخير قليلا؟؟

جنان الأرواح رواية ضمنتها عصارة أفكار ورؤى تجسدت خلال مسيرتي الثقافية والفكرية والنفسية، إذ كانت هناك دعوات إلى استثمار الطاقات بكل أشكالها، فالدعوة إلى استثمار قدسية الروح وطاقتها للتغيير الحضاري والإيجابي في حياة الناس والمجتمعات أولى بالرعاية والاهتمام.. لكنه استثمار متكامل حتى لا نجنح إلى تزكية روح منعزلة عن واقع الحياة،كالطائر الذي لا يحلق إلا بجناحين، وتكامل الأجنحة يؤول بلا شك إلى بناء متكامل تحلق فيه الروح في عالم الطهر، والقدم تبقى ثابتة على الأرض لتتحقق بذلك خلافة الإنسان..
فروايتي بشكل عام تنطوي من خلال الخيال على رسائل هادفة، وتمكين القارئ من امتلاك رؤية في الحياة حين يزاوج بين الروح والمادة..فهي عالم يوازي العالم المعيش، ليصوب ما حاد عن فطرة الإنسان.. طابع الرواية يفتح المجال لبناء أجزاء أخرى بحول الله تعالى.. فبطل الرواية أمير يمر بمرحلة جفاف روحي يقعده الفراش رغم الرفاهية المفرطة.. فقبع حبيس الفراش سنوات عجافا، لتكون له ولادة جديدة حيث يخبر أهله بأنه كان في رحلة.. طبعا الرحلة في عالم الأحلام ذات الطابع الإيجابي، ويحاول أن يسرد عليهم تفاصيل تلك الرحلات وهنا الباب مفتوح لتطعيم تلك الرحلات بدروس وعبر.

لماذا يقترن أدب الغربة عادة بالروحانيات؟!!.. وهل جنان الأرواح امتداد لهذا المنحى أم استثناء؟؟

في ريعان شبابي كنت مهتما بالجانب الروحي والتربوي، فليست وليدة الساعة، هذه التراكمات والقراءة المستفيضة في الجانب التزكوي ولد عندي قناعة كاملة بأن الجانب الروحي مصدر السعادة وبناء الحضارة شريطة أن يدخل في دائرة متكاملة تراعي الجوانب المكملة للحضارة وتواكب الزمان والمكان.. صحيح أن الجالية المسلمة في بلاد الغرب متعطشة إلى الغذاء الروحي وبالتالي هناك إقبال متزايد على المراكز الإسلامية والمساجد ودور الثقافة لاسيما في المواسم كرمضان والأعياد وغيرها، والحديث عن الروح وآفاقه اللامتناهية، يفتح المجال للبحث عن الحقيقة والتعامل مع الواقع برؤية إيجابية تتحمل الصعاب وتطلب المعالي في كل جوانب الحياة.
أعتقد أن الكتابة رسالة تضيف إلى واقع الناس، ما يراه الفكر ممزوجا بالخيال والعاطفة.

ما أوجه التمايز بين نشر الأفكار للمبدع في فضائين مختلفين الجزائر كبلد له خصوصيته وتاريخه وأوربا بثقلها الحضاري والقيمي؟؟

نعلم جميعا أن العالم آل إلى ركن أو زاوية في بيت، والحاجة إلى التلاقح الحضاري باتت من الضرورة بمكان، وثقتي كبيرة في المبدع الجزائري حتى وإن لم تتح له الفرصة ليطلع ميدانيا على ما عند الآخر، فله من الإمكانات والقدرات التحصيلية والفطرية ما يؤهله ولاشك ليواكب في إبداعه وتألقه ما هو مطروح في عالم الفن والثقافة والأدب وغيرها من ميادين الإبداع.. فالثقة بالذات واستثمار ما يتاح لنا سبيل معبد للتألق.. وهذا لا يمنع أن يبدع المثقف الجزائري خارج الوطن بوتيرة قد تتباين ولكنها تصب في آخر المطاف في دائرة واسعة تجمع كل إبداع بناء يضيف لبنة جديدة في عالم الثقافة والحضارة بشكل عام.

هناك فكرة طرحتها روائية ناشئة من قبل من منبر “الشروق” مفادها أن المبدع المحلي أو ابن البلد، عندما ينجح في الخارج يحتفى به ويفرض نفسه على الرأي العام الداخلي ومؤسساته أما إن حدث العكس فسيلقى في غياهب النسيان. ما نظرتك إلى هذه المسألة؟؟

حين تبدع خارج الوطن تنطلق من رؤية عالمية، وأنت تواكب يوميا أجناسا وثقافات مختلفة، ما يصقل طبعك وتنفتح على الآخر بشكل طبيعي، ما يمثل ثراء دون أن نتنصل من جذورنا وأصلنا الذي نبتنا فيه.
حقيقة، الثقة بالذات تحمل تحديا لمواجهة الصعاب وبعض المفاهيم الخاطئةالتي من كثرة تداولها تغلغلت في عقلنا الباطن.. فعلى المبدع الجزائري إذا أراد حقا أن يتألق في عالم الإبداع أن يتخلص من كل فكرة مثبطة تلقاها من هنا أو هناك…
حسن حظنا مواكبتنا لمرحلة من عمر البشرية تتزاحم فيها المعلومات وكأنها على الطريق السيار، فضلا عن زحمة مفرطة في القنوات والمواقع الإلكترونية، حيث تتولد المعلومات كالفطائر. فالمعلومة تأتيك وأنت قابع على أريكتك تحتسي مشروبك المفضل.. يبقى عنصر المعايشة والمواكبة والانفتاح على الآخر ولو عن بعد عاملا مساعدا لفتح آفاق أوسع في عالم الإبداع… أعرف أناسا مرت عليهم عقود متتالية في الغرب، ولم يتقدموا خطوة بل انتكسوا وتراجعوا حتى في بديهيات الثقافة والتحصيل، ذلك أنهم تقوقعوا على أنفسهم وفرضوا على أنفسهم التهميش والإقصاء.. وفي حياة الناس نماذج من التحدي وفرض الذات ما لا يخفى على أحد. فالأصل ألا نلقي باللائمة على غيرها أو سوء حظنا، فقد يكون من الحظ السعيد أن تعايش واقعك وأن تطل من خلاله على الآخر ما دام المجال مفتوحا لننهل مما عند الآخر.. فالخير والحق له أوجه متعددة ولا نحجمه إما في ثنائية البياض أو السواد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!