الرأي

الإدارة.. دولة موازية!

قادة بن عمار
  • 1052
  • 5
أرشيف
وزير النقل لزهر هاني

قبل فترة، قال وزير النقل لزهر هاني إن قرار عودة النقل بين الولايات يعود إلى السلطات العليا في البلاد، وأنه لا يملك صلاحية اتخاذه رغم الخسائر الكبيرة التي وصلت إلى ملايين الدولارات!

بعد هذا التصريح بثلاثة أسابيع تحديدا، تم السماح بعودة النقل وفقا لإجراءات صارمة أعلن عنها الوزير الأول عبد العزيز جراد، لكن معظم الناقلين الذين توجَّهوا إلى محطات نقل المسافرين وجدوها مغلقة بحجَّة أن التعليمات لم تصل بعد، وكأنه محكومٌ على هؤلاء الناقلين وغيرهم من أصحاب المداخيل غير الثابتة والموقوفة منذ تسعة أشهر، مواجهة كورونا وتعليمات الإدارة معا!

والسؤال هنا: إلى متى سنظل نعمل وفقا لمنطق التعليمات الورقية والفوقية في الوقت الذي يتحدث فيه البعض عن رقمنة الحكومة وتحديث المعاملات؟!

ألا يكفي ما فعله فيروس كورونا بنا نفسيا وصحيا، وبمختلف القطاعات، وليس النقل وحده، حتى نكابد أمراضا أخرى مثل البيروقراطية والإرهاب الإداري وسوء التسيير والمحسوبية؟

هل يعلم الوزير الأول مثلا أن معظم القرارات والإجراءات التي اتخذها رئيسُ الجمهورية لصالح صغار العمال والموظفين والحرفيين انتهت إلى فوضى عارمة ولم يحصل معظم هؤلاء المتضررين على تعويضات بل حصلوا على عدوى بالمرض نتيجة الطوابير الطويلة التي فشلت الإدارة في التحكُّم بها؟

ألم يكشف فيروس كورونا أن جميع الشعارات المرتبطة بتحديث الإدارة ورقمنتها انتهت إلى مجرد كلام فارغ، وأن دولة التعليمات وجمهورية الوثائق والملفات ما تزال سيدة الموقف حتى الآن؟!

ويا ليت الأمر اقتصر على ظرف صعب كالذي نعيشه بسبب الوباء، لكنه بات سياسة قائمة بذاتها إلى درجة تسميتها مباشرة من طرف المسؤولين جميعا وكل الحكومات، وحتى وزير العمل الهاشمي جعبوب قال مؤخرا إن الإدارة تحارب سياسة الحكومة!

الأمر امتدَّ إلى التعليمات التي أعلن عنها وزير العدل بخصوص الملفات الإدارية، وسحبِ وثيقة الجنسية منها أو حتى السوابق العدلية، إذ ظهر أن تلك التعليمات ما تزال حبرا على ورق في معظم الولايات والإدارات، وأن التعليمات ما تزال بحاجة إلى تعليمات أخرى..

هل نعيش في دولة واحدة، أم أن الإدارة باتت تشكِّل دولة موازية بفعل  بيروقراطيتها وطريقة تسييرها؟!

حتى وزارة الداخلية والجماعات المحلية نفضت يديها من الإدارة وقال المفتِّش العامّ قبل أيام إن عدة بلديات “تخصَّصت” في مشاريع تجديد الأرصفة والنافورات بدلا من حلِّ مشاكل المواطنين!

يحدث هذا في الوقت الذي تقول فيه مصادر رسمية إن مناطق الظل تجاوزت 13 ألف منطقة وهي بلا كهرباء أو غاز أو مياه، فهل يمكن الالتفاتُ إليها حقا بوجود هذه الإدارة الفاشلة وهؤلاء المنتخبين الضعفاء؟ أم أن تحرير المواطنين من الفقر مرتبطٌ بتحريرهم أولا من تلك الممارسات والذهنيات؟!

مقالات ذات صلة