-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الإدارة وحكايات ألف ليلة وليلة!

قادة بن عمار
  • 1591
  • 4
الإدارة وحكايات ألف ليلة وليلة!
أرشيف

خلال اجتماع الحكومة الأخير بالولاة، روى الوزير الأول عبد العزيز جراد حكاية من حكايات الإدارة، حكاية تشبه حكايات ألف ليلة وليلة، لكنها واقعية وتعبّر عن ممارساتٍ مقيتة وفاسدة وحقيرة، سادت زمنا طويلا ونخشى أنها ما تزال سائدة.

الحكاية تقول إنه في مؤتمر من المؤتمرات المهمة، تم إبلاغ مسؤول كبير وقتها أن أعضاء لجنة صياغة التقرير النهائي والتوصيات، تعطلوا في عملهم والساعة الآن تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل، وحين استفسر هذا المسؤول الكبير عن سبب التأخر وعلم أن الأمر يرتبط بصياغة التقرير كاملا، نظرا للمداخلات الكثيرة والاقتراحات المتعددة، اهتدى إلى حلّ فوري وقد يكون حلاّ مكرّرا، فقال لهم: خذوا تقرير السنة الماضية وغيّروا التاريخ ووزعوه!

مثل هذه الممارسات، وبقدر ما تعبر عن العقلية المتجذرة في الإدارة، فهي تمثل واقعية خاصة رافقت معظم المؤتمرات والاجتماعات والملتقيات، إذ تم صرف الملايير مقابل تكرار التوصيات والإبقاء عليها حبرا على ورق بلا تنفيذ.

ولعلّنا هذه الأيام، ندفع ثمن ذلك التهريج الرسمي والتأخر المقصود، فكلما نفتح وسائل الإعلام إلا ونقرأ أو نسمع ونرى الكلام الكثير عن الصيرفة الإسلامية والتدفق العالي للأنترنت وعملية الدفع الالكتروني عن بُعد، والرقمنة.. وغيرها من العمليات المتصلة بمواجهة التخلف الاقتصادي والتقهقر الاجتماعي، والجفاف التكنولوجي، فنشعر كم ضيّعنا من فرص كبيرة وكم أهدرنا من وقت ثمين في سبيل الانتقال من الكلام الرسمي والثرثرة في الملتقيات إلى التنفيذ الحقيقي على أرض الواقع.

لهذا السبب أيضا، تضخَّمت الكثير من المشاكل، وتكررت بشكل بشع في المدة الأخيرة، على غرار قلة السيولة النقدية، وضعف الأنترنت، وسوء التسيير في قطاعات حيوية كتوزيع المياه، فكلمة “إصلاح” كلمة مخيفة في قاموس الكثير من المسؤولين، مخيفة إلى درجة شنّ الحروب وشحذ السكاكين وإعلان النفير العام!

ثمّ كيف السبيل للحديث عن الاقتصاد وتطويره، ونحن لا نملك معلومات دقيقة عن البنوك وما يحدث فيها؟ كيف نستطيع تحصيل الضرائب ونحن نحمي النظام القديم المتواطئ مع الهاربين من الدفع؟ وماذا عن الإصلاح الرقمي في قطاع الجمارك؟ لماذا تغيّر المديرون في هذا القطاع الحسَّاس واختفت تلك الخطط أو بقيت مجمَّدة حتى الآن؟

وبالعودة إلى كلام الوزير الأول، نتساءل: هل باتت مثل تلك الممارسات التي تحدَّث عنها، من الماضي فعلا، أم أنها ما تزال مستمرة؟ ألم يتهم جراد نفسه، في اجتماع الحكومة بالولاة ذاته بعض المسؤولين المحليين بعرقلة مساعي الحكومة وعدم تنفيذ سوى 10 بالمائة فقط من برنامج الرئيس؟

الغريب أن الاجتماع شهد أيضا في توصياته “الدعوة إلى إعداد خطة مستعجلة للرَّقمنة على مستوى الحكومة والإدارة المحلية”، مع فتح حوار مع المواطنين “في إطار الديمقراطية التشاركية”!

نفس المخرجات، نفس التوصيات، ونفس الممارسات.. في الوقت الذي يحتاج فيه المواطن إلى تغيير حقيقي، وإلى تنفيذ مباشر للسياسات، ولعلّ في المحاسبة الشهرية التي أقرّها الرئيس تبون ومعه الحكومة لكل المسؤولين المركزيين والمحليين، بعضا من التغيير الذي يدفعنا إلى التفاؤل قليلا بعدم تضييع مزيدٍ من الوقت والجهد في كتابة التقارير وتدوين التوصيات وفي.. سرد الحكايات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • ارض الشهداء

    مدى نجاح رقمنة الادارات،مرتبط برقمة الذهنيات، ورقمنة الذهنيات متعلق برقمنة السلوكيات وهذه كله يأتي بالتضحيات، و اللبيب بالإشارة يفهم،

  • جبريل اللمعي

    فساد الإدارة له نتيجةٌ أخرى لا يجب إهمالُها: فُشُوُّ المَطعَم الخَبيثِ، (أَكْلُ الحَرام). ونتيجتُه؟ لا دُعاءَ يُستجابُ ولا صلاةَ تُرفعُ، رغم محاولة بعضهم "غسلَ عظامِه" بالعُمرة المُتكرِّرة. وما نَبتَ مِن سُحْتٍ يُؤثّر في المجتمَع كُلّه. لا شكّ في أنّ الجزائرَ نالَت استقلالها بالقوّة. ولم يَأذَن الله عزّ وجلّ في ذلك إلا بعد جُهد وعذابٍ. ولِبعض مَن عاصَر الثورةَ إضافة: واستجابةً مِنه عز وجل لِمن انْتَهَكَ عِرْضَه مُرتزِقة اللّفِيف الأجنبيّ. ولك أن تُضيفَ إن شِئت: بفضل دعاء مُعظم الشعب المقهور الذي كان مَطعَمُه طيِّبا حلالا حلالا بالضرورة. واليوم؟ "الله يستر!"

  • إسماعيل الجزائري

    و لا تنسَ أيضا بقاء الصحافة على حالها كما كانت يا سي قادة!

  • نمام

    كثيرا ما يتعرض الموظف البسيط المشرف المباشر على تقديم خدمة الى الاهانة في حين ليست له صلاحيات وبالتالي لا يتحمل اي مسؤولية عن سوء الخدمة وما رسخ في الذهان ان البروقراطية يعني البطء والعراقيل وضياع الوقت وتعطيل المصالح والمفترض ان تقضى مصالح الناس وتوزيع الضلاحيات الامر ان هذا الوصف رسخ في الذهان و حتى في التقارير الدولية ولذا نرى الدول تشجع المبادرة وتشد على الفاعلية في الانجاز بعيدا عن المركزية والاخذ باسباب التكنوليجيا الرقمنة وهنا نحرر طالب الخدمة مواطنا كان او مؤسسة من قبضة الموظف طبعا المركزية وهذا يتطلب ارادة سياسية و تكوين