الرأي

الإقبال على القرآن الكريم.. أمل كبير

محمد سليم قلالة
  • 2022
  • 34

تُسَجِّل الكثير من مديريات الشؤون الدينية في فصل العطلة المدرسية على وجه الخصوص إقبالا متزايدا للأطفال على تَعلُّم القرآن الكريم في الكتاتيب أو المدارس الخاصة، وفي ذلك دليلٌ آخر على تمسك الجزائريين بالتعليم القرآني، واعتبارهم إياه وسيلة أساسية من وسائل التربية والتعليم لأبنائهم، وهذا وحده كافٍ ليمنحنا مزيدا من الأمل أن بلادنا لا يمكنها أن تَحيد على المنهج الصحيح للتعليم وأن جميع المحاولات الساعية لتغريب المجتمع ستفشل أمام العمق الشعبي المُتمسِّك بقيمه وثقافته، بل إن كل الوسائل المَسَخَّرة اليوم، وخاصة ذات الصلة بالتكنولوجيات الحديثة لوسائل الإعلام والاتصال لن تصمد أمام إصرار شعبي عميق على تعليم الأبناء القرآنَ الكريم.
ولو علمنا ما في ذلك من تأثير على مَلَكَة الطفل اللغوية والفكرية لما ترددنا لحظة في تسخير مزيد من الإمكانات لهذا التعليم القرآني، ولقُمنا تبجيلا واحتراما لمُعلمي القرآن الكريم، حيثما كانوا ولرفعنا من درجتهم إلى أعلى المستويات ماديا ومعنويا.
يذكر خبراء اللسانيات ومن بينهم الدكتورة سهير السكري في حوار شهير لها متوفر على اليوتيوب أن الطفل الغربي عندما يدخل المدرسة يكون برصيده اللغوي نحو 16 ألف كلمة، في حين لا تزيد عدد كلمات العامية التي يتعلمها أبناؤنا قبل سن 6 سنوات عن 3000 كلمة هي خليطٌ بين الفصيح والدارج والأجنبي، لذلك تجده أضعف ما يكون في المدرسة ليس فقط في مادة اللغة، إنما في جميع المواد التي لا يستوعبها بالقدر الكافي. وقد نتجت هذه الحالة عن دفعه دفعا للتخلي عن لغة القرآن الكريم في سن الصبا، سواء بفعل السياسات الاستعمارية أو بسبب جهل الأولياء.. ذلك أن حفظ القرآن الكريم في سن مُبكِّرة وخاصة قبل المدرسة يُمكِّن الطفل من حفظ آلاف المفردات الإضافية، باعتبار أن عدد كلمات القرآن الكريم هو 77439 أي ما يفوق 4 مرات عدد الكلمات التي يتعلمها الطفلُ الغربي، أي أن الطفل المسلم بإمكانه أن يدخل المدرسة بنفس عدد الكلمات التي يدخلها بها الطفل الغربي لو حفظ ربع القرآن الكريم فحسب ويتفوَّق عليه إذا زاد على ذلك.
وهنا تبدو أهمية الفطرة السليمة للأولياء الذين يحرصون على تعليم أبنائهم القرآن الكريم في الفترة الصيفية خاصة، وتبرز لدينا أهمية تشجيع هذا التوجُّه وتوفير الإمكانات اللازمة له، والعناية خاصة بالمدرِّسين من حفظة القرآن الكريم، سواء من حيث الأجور أو الوضعية الاجتماعية باعتبار الدور الاستراتيجي الكبير الذي يقومون به تمهيدا للرفع من مستوى التعليم في بلادنا، هذا دون أن أدعو إلى اعتماد استراتيجية وطنية بعيدة المدى لتعليم أبنائنا القرآن الكريم في سنٍّ مبكرة تُسخِّر لها الدولة كل الإمكانات المادية والبشرية بعيدا عن كل حسابات إيديولوجية أو حساسيات سياسية، ذلك أن الأمر يتعلق بمستقبل الأجيال القادمة وبخدمة القرآن الكريم.

مقالات ذات صلة