الجزائر
في ظل انهيار القدرة الشّرائية والبحث عن منتوجات صحّية، خبراء اقتصاديون:

“الإقتصاد المنزلي” الحل الأمثل لمواجهة الأزمات والأوبئة

نادية سليماني
  • 6211
  • 14
ح.م

اهتدت كثير من العائلات في ظل انهيار القدرة الشرائية وبحثا عن منتوجات فلاحية سليمة وآمنة، لفكرة زراعة خضرهم بأنفسهم بدل شرائها من الأسواق، والظاهرة كانت منتشرة قديما، لكنها اندثرت مع تطور البنى العمرانية وغياب المساحات الأرضية الشاغرة، والفكرة نفسها دعا إليها خبراء اقتصاديون مؤخرا، معتبرين ما يسمى “الاقتصاد المنزلي” أفضل حل للتكيف مع انهيار القدرة الشرائية في الجزائر.

لطالما اعتُبر أمر إنشاء بستان أو حديقة صغيرة أمام المنزل، ضرورة لابد منها لدى العائلات، فكان أجدادنا وجداتنا يغرسون خضرا رئيسية، وحتى ثانوية أمام منازلهم، على غرار البطاطا والفلفل بأنواعه، الطماطم والباذنجان والسلطة وحتى الذرة ومختلف أنواع الحشيش من بقدونس ونعناع وكرافس… وهذه المنتوجات كانت تُغني الأسرة عن شراء الخضر، فيما يوجه الفائض للبيع لكسب بعض النقود.

الحاجة يامنة من مدينة خميس مليانة، ورغم أنها تقيم في منطقة حضرية، أكدت لنا أنها كانت تزرع وبنفسها كثيرا من أنواع الخضر وحتى أشجار الفاكهة في مساحة جد صغيرة بمنزلها، وحسبها “زرعتُ الطماطم والفلفل، وشجرتين من المشمش وشجرة خوخ وحتى نبتة الفراولة وكرمة العنب، وجميع أنواع حشيش الطبخ”، ولكن بعد ترحيل العائلة للسكن في عمارة وهدم منزلهم لبناء مشروع ذي منفعة عامة، تتحسّر محدثتنا كثيرا ولا تزال إلى اليوم تتذكر بُستانها الصغير.

وتفاجأنا بعائلة تقطن في حي راق ببلدية بن عكنون بالعاصمة، أقدمت فيه إحدى بناتها على زرع خضر الطماطم والفلفل بحديقة منزلهم، وأكدت لنا أنهم يستعملون تلك الخضر في طبخهم اليومي.

60 بالمائة من راتب الجزائرييّن يوجه للأكل فقط

وفي الموضوع، اعتبر الخبير الاقتصادي، نبيل ايت سي أحمد، أن العودة للاقتصاد المنزلي لغرض التكيف مع انهيار القدرة الشرائية وتحقيق اكتفاء ذاتي لدى العائلات أمر لا مفر منه في زمن التقشف وغلاء الأسعار، وأيضا لاستهلاك منتوجات صحية.

وهو ما كان يقوم به أجدادنا سابقا، ” فكانوا أصحاء البدن والروح، بفضل انغماسهم في العمل الزراعي وتناولهم منتوجات طبيعية خالية من المبيدات”، وعلينا الاستفادة من تجاربهم السابقة، والتي لا تحتاج إلى مهارات معينة، خاصة وأن 60 بالمائة من راتب الجزائريين يذهب لتأمين الأكل فقط ، حسب تعبيره.

وحسبه، كثير من المنازل تحيط بها مساحات أرضية بُور “فلم لا يتمّ استصلاحها والزرع بها، وحتى تربية دواجن وخراف”.

وبخصوص الإشكال القائم، والمتمثل في غياب مساحات أرضية شاغرة خاصة في المدن، مع انتشار العمارات والمباني الشاهقة، أوضح الخبير أنه على الجزائريين الباحثين عن الراحة النفسية والجسدية، التفكير في هجرة المدن والتوجه نحو الضواحي والأرياف، فقال “الأفضل للأشخاص المتقاعدين وحتى مالكي السيارات، بيع شققهم بالمدن الصاخبة وشراء أخرى بالضواحي، وهناك سيجدون كل السبل للانخراط في نشاط زراعي صغير”. أما مشكل السّقي، فهو حسبه سيكون سهلا جدا بالنسبة لبستان صغير، فبإمكان الشخص تجميع مياه الأمطار، أو السقي مباشرة من الحنفيات.

ودعا محدثنا السلطات إلى تشجيع مثل هذه المشاريع الصغيرة، لأن “الاقتصاد المنزلي هو الحل الأمثل للعائلات لمواجهة الأزمات الاقتصادية والأوبئة التي يكون مصدرها الغذاء”.

مقالات ذات صلة