-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الإمام الإبراهيمي في المَجْمع اللغوي

الإمام الإبراهيمي في المَجْمع اللغوي

لم تكتف فرنسا الصليبية بالعمل على محو الإسلام في الجزائر المسلمة، ولكنها أضافت إلى حربها الصليبية على الإسلام حربا أشدّ على وعاء الإسلام، وهو اللسان العربي، الذي وسع كتابَ الله لفظا وغاية كما يقول الشاعر حافظ إبراهيم.

إن حرب فرنسا الصليبية على الإسلام ولسانِه العربي نابعة من يقينها بأنه مادامت الجزائر مسلمةُ الجنان، عربية اللسان، فلن يطمئن لها -فرنسا- في الجزائر مكانٌ، ولو طال الزمان.

لقد “أفسد” اللهُ -عز وجل- عمل فرنسا في الجزائر بأن بعث فيها جنودا، أولي عزم شديد، وأمدَّهم بروح منه، وأفرغ عليهم صبرا، وربط على قلوبهم وثبَّتهم فتصدوا لهذه الحرب الفرنسية الصليبية وكان جندُه هم الغالبين.

من هؤلاء الجنود الربانيين، بل من قادتهم المتميِّزين في هذه الحرب الضارية وغير المتكافئة عددا وعدّة، الإمامُ محمد البشير الإبراهيمي، الذي سمّاه العالمُ المغربي إبراهيم الكتاني “آية الله”. (جريدة العلم المغربية في 2-3/ أكتوبر/ 1951م). وقد نسخت “آية الله” المبصرة “آية فرنسا” المظلمة.

تذكرتُ “آية الله” الإبراهيمي -وهل نسيته حتى أتذكّره؟- بمناسبة الذكرى الستين لانتخابه عضوا عاملا في مَجْمع اللغة العربية بالقاهرة في 12 مارس من عام 1962.

ويا مقادير الله الغلّابة، فقد كان هذا التاريخُ مبشِّرا بنصر الجزائر المجاهِدة بالحق على فرنسا الصليبية المجرمة، التي اعترفت بعد انتخاب الإمام في مجْمَع اللغة العربية بأسبوع بأنّ الجزائر ليست فرنسا، ولن تكون فرنسا، ولا تريد أن تكون فرنسا، ولا تستطيع أن تصير -ولو أرادت- فرنسا، كما أكد “زعيمُ الجزائر” الإمام عبد الحميد ابن باديس.. وما اعترفت فرنسا بذلك مِنَّة وفضلا، ولكن اعترفت غِلابًا وقهرًا.

لقد سبق لهذا المَجْمع أن انتخب الإمامَ الإبراهيمي عضوا مراسلا فيه في فبراير من عام 1954، وقد اقترحه لهذه العضوية في المَجْمع كبارُ أدباء مصر ومفكِّريها، ومَن أولى الناس بهذه العضوية من “آية الله” الإبراهيمي، لأنه كما قال فيه “بلبل الجزائر الصداح” محمد العيد آل خليفة:
أدركتَ في الفصحى مداركَ لم يكن في العصر ذو أدبٍ إليها واصلا.

من تقاليد المَجْمعيين الجُدد أن يختاروا أحدهم ليتكلم نيّابة عنهم، وما كان المصطفى لذلك في هذه الدورة إلا “آية الله” الإبراهيمي، الذي أعرج اللهُ -عز وجل- رِجله، وأكمل عقله، وأفصح لسانَه، وأبدع يراعَه، وسدّد سهامَه، فقد كانت كل كلماته – منطوقة ومسطورة – قبسا من نور، وشُواظًا من نار، نور يهدي الصالحين من الجزائريين والمسلمين، ونار تشوي وجوه الخائنين وتكوي جُنوبَ الفرنسيين الملاعين، وما منع الإبراهيمي من إثراء المجْمع إلا انشغاله بجهاد شعبه وكِبر سنه وكثرة أمراضه.

ومما جاء في كلمة الإمام “إن اللغة العربية كالدين، يحملها من كل خلفٍ عُدولُه، لينفوا عنها تحريفَ الغالين، وزيغَ المبطلين، وانتحالَ المؤوِّلين”. ثم أنحى باللوائم على المَجْمع في عقر داره لفتحه أبوابه أمام مستشرقين خائنين للضمير العلمي وخادمين للمجرمين الأوروبيين والأمريكيين، وأجزم أن الإمام ما كان يقصد إلا الصليبيّ عدوّ الإسلام والمسلمين لويس ماسينيون، الذي أبطل الإمامُ الإبراهيمي سحرَه كما أبطل موسى -عليه السلام- سحر سحرة فرعون.
(أنظر كلمة الإمام الإبراهيمي في آثاره. ج 5. ص 292- 295).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • مراد

    بالغت في التلحليل