الرأي

“الإيغوار”… ما ينبغى أن نَعلَمه ونَعمَله!

محمد سليم قلالة
  • 1618
  • 4
ح.م

نبّه “هتغنتغن” في كتابه “صدام الحضارات”، أن أكبر خطر يُمكن أن يهدِّد الولايات المتحدة والغرب بشكل عام هو إمكانية التحالف بين “الكونفوشيوسية” و”الإسلام”، باعتبارهما حضارتين شرقيتين بامتياز.

ولم تكن هذه النتيجة التي وصلها “هتنغتن” من فراغ، بل قائمة على عنصر جوهري يتمثل في كون “الكونفوشيوسية” فلسفة إنسانية ظهرت قبل الإسلام  جعلت من الإنسان محور التغيير وليس محيطه المادي. أي أنها والإسلام غير ماديتين، على خلاف الشيوعية أو الماوية التي حكمت الصين في النصف الثاني من القرن العشرين.

وكانت انطلاقة “هتنغتن” من كون الصين بدأت بعد الثورة الثقافية في نهاية ستينيات القرن الماضي تطرح ضرورة العودة إلى التعاليم “الكونفوشيوسية” غير المادية لبناء ما أصبح يسمى اليوم في الأدبيات الصينية السياسية “الشيوعية الحضارية”، أي منذ الإشارات الأولى لعودة  الطرح الحضاري في سياستها العالمية باعتبارها  ثاني أكبر دولة في العالم إن لم تكن الأولى في أكثر من ميدان وعلى أكثر من مستوى.

هنا، أصبح لزاما على الأمريكيين ومن والاهم، الشروع في استباق إمكانية التحالف هذه. ومن هذه اللحظة أصبحت حالة المسلمين في الصين من الأولويات. وبدأ في العشر سنوات الماضية التركيز على إحدى أكبر الأقليات المسلمة في الصين “الإيغوار”، بعيدا عن التذكير والاهتمام بالأقليات الأخرى مثل (التتار والاوزبك والسلار والكاجيك والقرغيز… الخ)، باعتبار أن “الأيغوار” هم أكبر أقلية، وباعتبارهم قبل ذلك يقيمون في منطقة استراتيجية غرب الصين هي منطلق خط الحرير الجديد الذي شرعت الصين في توزيع   إنتاجها عبر العالم من خلاله… بما يعني أن الأمريكيين اليوم ومَن والاهم إنما شرعوا في تجديد ذات الخطة التي تم تنفيذها ضد الاتحاد السوفياتي الشيوعي الذي غزا “افغانستان” المسلمة المظلومة. والكل أصبح يعلم اليوم كيف أن نصرة الاسلام في “افغانستان” لم يكن أكثر من مبرر للإطاحة بالاتحاد السوفياتي وفي ذات الوقت لاستنزاف ثروات المسلمين وتجنيد شبابهم فيما عُرِف بتنظيم القاعدة، ثم القضاء عليهم وتحويل جزء منهم إلى إرهابيين…

هكذا ينبغي أن ننظر لمسألة إخواننا “الإيغور”. وعلينا نصرتهم، ليس من خلال المنظور الأمريكي المطروح   اليوم، أمريكا  ناصرة الاسلام والمسلمين والصين الشيوعية عدوتهم وراعية الارهاب ضدهم… إنما من منظورنا الخاص كمسلمين نعرف بأن تاريخ الإسلام في آسيا كان باستمرار من خلال التآخي والتسامح، أما تاريخ أمريكا والغرب ضد الإسلام فكان باستمرار تاريخ العنف والحرب… يكفي أن نسأل: وهل مَن يُقتَل في فلسطين برعاية أمريكية وغربية ليسوا مسلمين؟ أم أن الشفقة هي فقط على “الإيغوار”؟

مقالات ذات صلة